الأحد، 21 ديسمبر 2025 06:56 م

رغم الجدل.. مجلس الشيوخ يقر نهائيًا تعديلات قانون الكهرباء لحماية المال العام ودعم العدالة الاجتماعية وسط دعم فلسفة التصالح وضبط الفاقد الكهربائي.. الهدف من تعديل القانون حماية المواطن الملتزم وتقليل الفاقد

رغم الجدل.. مجلس الشيوخ يقر نهائيًا تعديلات قانون الكهرباء لحماية المال العام ودعم العدالة الاجتماعية وسط دعم فلسفة التصالح وضبط الفاقد الكهربائي.. الهدف من تعديل القانون حماية المواطن الملتزم وتقليل الفاقد مجلس الشيوخ
الأحد، 21 ديسمبر 2025 03:53 م
كتب نور على _ نورا فخري _ هشام عبد الجليل
 

رئيس الشيوخ: التعاون مع الحكومة ركيزة لنجاح التشريع

محمود فوزي: الهدف من تعديل القانون حماية المواطن الملتزم وتقليل الفاقد و فلسفة التصالح توازن بين الردع وحماية المال العام

نائب وزير الكهرباء: 3.4 مليون محضر سرقة وفاقد يتجاوز 22 مليار جنيه.. والقانون يفرق بين الاستخدام المنزلي والتجاري لضمان العدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
وافق مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة اليوم الأحد برئاسة المستشار عصام فريد على مشروع القانون المقدم من الحكومة لتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر بالقانون رقم 87 لسنة 2015، والمحَال من مجلس النواب، وأصبح من المقرر إرسال رأي المجلس إلى النواب لاستكمال مسار التشريع. 
 
ويأتي هذا القانون في إطار جهود الدولة لتعزيز استدامة المرفق الحيوي للكهرباء، وحماية حقوق المواطنين الملتزمين، وتقليل الفاقد الناتج عن التوصيلات غير القانونية أو سرقات التيار الكهربائي.
 
وتضمن مشروع القانون إعادة بناء الإطار العقابي المنصوص عليه في المادتين 70 و71، بحيث شددت العقوبات على جرائم الاستيلاء بغير حق على التيار الكهربائي، وجرائم التوصيل المخالف أو الامتناع المتعمد عن تقديم الخدمة من العاملين بالقطاع. 
 
كما استحدث المشروع ظروفًا مشددة للعقوبة في حالات التدخل العمدي في المعدات أو الأجهزة الخاصة بإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء، أو إذا ارتبطت الجريمة بإتلاف المنشآت مما يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي، لتصل العقوبة في هذه الحالة إلى السجن. 
 
وقد ركزت اللجنة المشتركة على وضوح النصوص وانضباط نطاق التجريم والالتزام الصارم بالمبادئ الدستورية للعدالة الجنائية، بما في ذلك مبدأ شخصية العقوبة وتناسبها مع حجم الضرر.
 
ففي المادة 70، فصلت اللجنة بين جريمة التوصيل المخالف وجريمة الامتناع عن الإبلاغ، باعتبارهما جريمتين مستقلتين تختلفان في الأركان والآثار، مع قصر إلزام رد مثلي قيمة الاستهلاك على من ارتكب فعل التوصيل المخالف فقط، إضافة إلى إلزام المحكوم عليه بسداد نفقات إعادة الشيء إلى أصله، حفاظًا على المال العام ومنع تحميل المرفق أعباء إضافية. أما المادة 71، فقد خففت اللجنة الحد الأدنى للغرامة من 100 ألف جنيه إلى 50 ألف جنيه، لضمان التناسب في العقوبة، مع مضاعفة العقوبة في حالة العود، مؤكدة أن الردع لا يتحقق فقط بتغليظ العقوبة بل من خلال وضع جزاء رادع ومعقول يتيح للقاضي تفريد العقوبة وفق ظروف كل حالة، بما يتسق مع أحكام المحكمة الدستورية العليا.
 
كما أعادت اللجنة صياغة النص المتعلق بالتدخل العمدي في المعدات الكهربائية، وحذفت الإحالة المباشرة إلى “الضوابط الفنية” من متن التجريم لتجنب أي لبس، مع النص صراحة على أن اللائحة التنفيذية تتولى حصر الصور والأنماط الفنية للتدخل العمدي دون المساس بأركان الجريمة.
 
 واستحدث القانون مادة جديدة برقم 71 مكرر لتنظيم نظام متدرج للتصالح في بعض الجرائم، بهدف تشجيع سداد المستحقات ودعم استدامة المرفق وإنهاء النزاعات الجنائية بما يحقق العدالة الناجزة، مع مضاعفة مقابل التصالح في حالة العود.
 
ووفقًا لما أقره المجلس، يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، وتُضاعف العقوبة في حالة العود. 
 
كما تكون العقوبة الحبس لمدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه إذا وقع التدخل العمدي في تشغيل المعدات أو ارتباط الجريمة بانقطاع التيار الكهربائي. وفي جميع الحالات، تلتزم المحكمة بإلزام المحكوم عليه برد مثلي قيمة الاستهلاك المستولى عليه، فضلًا عن نفقات إعادة الشيء إلى أصله.
 
وفيما يخص الصلح، نصت المادة 71 مكرر على إمكانية الصلح وفق قانون الإجراءات الجنائية في الحالات المنصوص عليها بالمادة 70، بحيث يتم سداد مثلي القيمة في حال التصالح قبل الإحالة للنيابة، وثلاثة أمثال القيمة إذا تمت الإحالة، وأربعة أمثال القيمة إذا صدر حكم بات.
 
 ويهدف هذا النظام إلى حماية المواطن الملتزم، وتقليل النزاعات القانونية، وتشجيع الالتزام، دون تحميل المرفق أعباء إضافية أو فرض عقوبات مبالغ فيها.
 
وأكد المستشار عصام فريد، رئيس مجلس الشيوخ، خلال الجلسة العامة، أن التعاون البناء بين المجلس والحكومة ليس ترفًا سياسيًا بل ركيزة أساسية لنجاح العملية التشريعية، مشددًا على أن المجلس يعمل على إصدار تشريعات منضبطة تحقق الصالح العام، مع مراعاة المبدأ الدستوري للعدالة والتناسب، وتعزيز جودة الصياغة القانونية. 
 
وأوضح أن آليات المجلس تشمل مراجعة مشروعات القوانين لضمان الاتساق بين أحكامها وإزالة أي غموض، بما يجعل مجلس الشيوخ داعمًا حقيقيًا لمسار التشريعات الوطنية.
 
ومن جانبه، أوضح المستشار محمود فوزي، أن فلسفة القانون الجديد لا تركز على تغليظ العقوبة بحد ذاتها، بل على حماية المواطنين الملتزمين من الفاقد الناتج عن سرقات التيار الكهربائي، مشيرًا إلى أن نظام التصالح في القانون يحقق التعويض عن الاستهلاك دون وجه حق، وفق النهج الجنائي الحديث الذي يوازن بين العدالة وحماية المال العام، دون تحميل المواطنين أعباء الآخرين.
 
 وأكد فوزي أن الدولة أنفقت خلال السنوات الماضية مليارات الجنيهات لتطوير البنية التحتية للكهرباء، وأن تقليل الفاقد يحمي ميزانية الدولة ويضمن استمرارية الخدمة، مشيرًا إلى أن الاحتكار في الخدمة قانوني وموجه لمصلحة المواطن وليس لتحقيق منافع خاصة.
 
كما استعرضت المهندسة صباح مشالي، نائب وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، حجم التحديات التي تواجه قطاع الكهرباء، موضحة أن الوزارة تدير 43 مليون مشترك وصلات رسمية، وأن حجم الفاقد يصل إلى نحو 20% من إجمالي الطاقة المنتجة، بينها نسبة كبيرة ناجمة عن السرقة تتجاوز 22 مليار جنيه سنويًا، كما تم تحرير 3.4 مليون محضر سرقة تيار.
 
 وأكدت مشالي أن الوزارة تتبنى العدادات الذكية لضبط الاستهلاك ومكافحة التلاعب، مع وجود تفرقة واضحة في العقوبات بين الاستخدام المنزلي والاستخدام التجاري كثيف الأحمال، لضمان عدالة القانون وحماية الدعم التكافلي بين شرائح الكهرباء المختلفة.
 
وأشارت نائب الوزير إلى أن جميع المشاريع الجديدة في قطاع الكهرباء هي استثمارات للقطاع الخاص، كما أن جهاز تنظيم مرفق الكهرباء يمتلك محاضر موثقة بالصوت والصورة للسرقات، لضمان اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين، سواء من داخل الجهاز الإداري أو خارجه، بما يحمي المال العام ويضمن استدامة المرفق.
 
وتعديلات القانون تعكس مزيجًا من الضبط التشريعي والمرونة القضائية، بحيث يتحقق الردع من جهة، وتشجيع التصالح والعدالة من جهة أخرى، بما يوازن بين حماية المال العام واستدامة المرفق، وضمان حقوق المواطنين الملتزمين.
 
 وتؤكد فلسفة القانون الجديد أن التشريع الرشيد لا يقوم على العقاب وحده، بل على العدالة والانضباط وحسن إدارة المرافق الحيوية للدولة، وهو ما يمثل توجهًا حديثًا في المسار التشريعي المصري.
 
ويأتي هذا القانون استجابة للواقع العملي في قطاع الكهرباء، حيث تم التركيز على فصل الجرائم، تحديد العقوبات بدقة، إرساء نظام تصالح متدرج، وتوضيح الظروف المشددة للعقوبة، بما يعكس حرص الدولة على حماية المواطنين الملتزمين، وتحقيق الانضباط في المرفق العام، والحد من الأضرار المالية الناجمة عن السرقات والتوصيلات غير القانونية، مع الحفاظ على الحق الدستوري للمخالفين في التصرف وفق مبادئ العدالة.
 
ويسعى العشريع لتحقيق التوازن بين مصالح الدولة والمواطنين، ويراعي المعايير الدستورية للعدالة، مع توفير أدوات فعالة لضبط القطاع الحيوي للكهرباء، وضمان حماية الدعم المقدم للمواطنين، وتعزيز المساءلة القانونية للمتلاعبين بالتيار الكهربائي، بما يدعم استدامة القطاع ويحقق الصالح العام.

الأكثر قراءة



print