الجمعة، 05 ديسمبر 2025 01:35 ص

مصر على طريق التنمية.. تقرير للبنك الدولى: القاهرة تنفذ إصلاحات تستهدف نموا اقتصاديا 6% سنويا وخلق 2.3 مليون وظيفة حتى 2050.."مصر الرقمية" تسهل تسجيل الشركات وتدفع الاستثمار وتحديث منظومة الجمارك يعزز التنافسية

مصر على طريق التنمية.. تقرير للبنك الدولى: القاهرة تنفذ إصلاحات تستهدف نموا اقتصاديا 6% سنويا وخلق 2.3 مليون وظيفة حتى 2050.."مصر الرقمية" تسهل تسجيل الشركات وتدفع الاستثمار وتحديث منظومة الجمارك يعزز التنافسية البنك الدولى
الجمعة، 05 ديسمبر 2025 12:00 ص
كتبت آية دعبس
-  79 ألف مشروع في الصعيد خلقت آلاف فرص العمل وتغير حياة المواطنين

-  13 قطاعا واعدا تستهدف استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر.. السياحة والإلكترونيات والأدوية والخدمات الرقمية أبرزها
 
يشير البنك الدولي في تقرير حديث له، إلى أن مصر تمتلك إمكانات اقتصادية كبيرة تضعها في موقع جيد لتحقيق تقدم في مستقبلها، ويوضح التقرير أن الشباب المصري يمثل ثروة حقيقية وطاقة يمكن أن تحدث تحولا في الاقتصاد الوطني، وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن تحقيق التوظيف الكامل للشباب قد يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 36%، وهي نسبة تعكس حجم الإمكانات المتاحة، كما أن سد فجوة التوظيف بين الجنسين قد يزيد الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تقدر بنحو 68%، مما يؤكد الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة المصرية في دفع عجلة التنمية، ويؤكد البنك الدولي أن هذه الأرقام دليل على أن مصر تقف على عتبة مرحلة جديدة من النمو المستدام.
 
ويشير تقرير البنك الدولي إلى أنه مع التنفيذ الكامل للإصلاحات المخططة، من الممكن أن ينمو الاقتصاد المصري بأكثر من 6% سنويا خلال الفترة بين عامي 2026 و2050، ويؤكد التقرير أن هذا النمو المستدام يمكن أن يسهم في توفير نحو 2.3 مليون فرصة عمل سنويا، وهو رقم يعكس الرؤية الواضحة التي تتبناها مصر لمستقبلها، وحسب البنك الدولي، فإن هذه الرؤية تستند إلى السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، التي تركز على أن خلق الوظائف يتجاوز مجرد رفع معدلات التوظيف، بل يشمل بناء مؤسسات قوية، واعتماد لوائح تنظيمية فعالة، وضمان استقرار الاقتصاد الكلي، وتهيئة بيئة شاملة للجميع تدعم تمكين المرأة والشباب.
 
القطاع الخاص المحرك الأساسي للنمو

يؤكد تقرير البنك الدولي أن القطاع الخاص يعد العمود الفقري للاقتصاد المصري والقوة الدافعة الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة، ويشير التقرير إلى أن القطاع الخاص ينتج بالفعل حوالي 75% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر ويوفر فرص عمل لأكثر من 80% من القوى العاملة، مما يجعله المحرك الأساسي لنمو الوظائف في البلاد، ويؤكد البنك الدولي أن هذا الدور يعني أن مستقبل مصر الاقتصادي يعتمد بشكل كبير على تمكين هذا القطاع وإطلاق العنان لإمكاناته الكاملة، ويلاحظ التقرير أن الحكومة المصرية تعمل على تعزيز بيئة الأعمال وتذليل العقبات التي قد تواجه الشركات الخاصة، مما دفعها لاتخاذ خطوات في هذا الاتجاه.
 
ويرصد تقرير البنك الدولي الخطوات التي اتخذتها مصر لمساعدة الشركات على البدء والنمو وخلق فرص العمل، ويشير التقرير إلى إطلاق برنامج "مصر الرقمية"، الذي يعمل على توسيع نطاق تسجيل الشركات عبر الإنترنت وتفعيل التوقيع الإلكتروني والمدفوعات الإلكترونية، مما يسهل على رواد الأعمال بدء مشروعاتهم ويوفر عليهم الوقت والجهد، ويؤكد البنك الدولي أن هذا التحول الرقمي يمثل خطوة مهمة في تسهيل إجراءات الأعمال ويعكس التزام الدولة بمواكبة التطورات التكنولوجية، ويلاحظ التقرير أنه بالتوازي مع ذلك، تبذل الحكومة جهودا لتحديث منظومة الجمارك، وقد بدأت هذه الجهود تحقق نتائج، حيث انخفضت فترة الإفراج عن البضائع من 16 يوما إلى 8 أيام فقط، ويعتبر البنك الدولي أن هذا التحسن يعزز تنافسية الصادرات المصرية ويشجع الشركات على التوسع في أنشطتها التجارية.
 
ويشير تقرير البنك الدولي إلى أن هناك جهودا مستمرة لتحسين بيئة الاستثمار بشكل شامل، بما في ذلك إدخال إصلاحات بموجب وثيقة سياسة ملكية الدولة لعام 2022، التي تهدف إلى تعزيز المنافسة والابتكار، وتعمل الحكومة على اتخاذ إجراءات لتوسيع فرص حصول الشركات الصغيرة والمتوسطة على التمويل، وتحسين تخصيص الأراضي الصناعية، وتطوير برامج التدريب الفني والمهني، وتهدف هذه الجهود إلى تحويل الإصلاحات إلى فرص عمل على أرض الواقع، حيث إن مواصلة الجهود لتنفيذ تلك المبادرات بفاعلية مهمة حتى يشعر المواطنون بالفائدة الحقيقية لهذه السياسات، ويؤكد البنك الدولي أنه بتخفيف القيود من خلال لوائح تنظيمية واضحة، وتحسين سبل الحصول على الأراضي وتوفير العمالة ورأس المال، وزيادة الشفافية، تستطيع مصر تعزيز مناخ الاستثمار وإطلاق العنان لإمكانات خلق فرص العمل بقيادة القطاع الخاص.
 
مشروعات واعدة تحقق نتائج على أرض الواقع

يوضح تقرير البنك الدولي أن مجموعة البنك الدولي تعمل جنبا إلى جنب مع الحكومة المصرية لتحويل الإصلاحات إلى واقع يفتح آفاق الفرص للأفراد والشركات على حد سواء، ومن بين هذه المبادرات يأتي مشروع تحفيز ريادة الأعمال لخلق فرص العمل، الذي يمثل نموذجا في دعم الشركات الصغيرة والنامية، ويقدم هذا المشروع مزيجا من الدعم المالي، مثل التمويل بالاقتراض والاستثمار المباشر في أسهم رأس المال لتمكين الشركات من الوصول إلى مصادر رأس المال، بالإضافة إلى الدعم غير المالي الذي يشمل برامج التدريب والإرشاد والتوجيه والخدمات الاستشارية لتنمية المهارات وتعزيز قدرات الشركات على النفاذ إلى الأسواق.
 
ويشير تقرير البنك الدولي إلى النتائج التي حققها هذا المشروع، حيث نجح بالفعل في توفير أكثر من 400 ألف فرصة عمل ودعم أكثر من 200 ألف مستفيد، 40% منهم من النساء و40% من الشباب، وهذه الأرقام تمثل قصص نجاح حقيقية لأشخاص تمكنوا من بناء مستقبلهم وتحقيق أهدافهم.
 
ويلاحظ تقرير البنك الدولي أنه في قلب صعيد مصر، يلعب برنامج التنمية المحلية التابع للبنك الدولي دورا في إحداث تغيير في حياة الناس، ويعمل البرنامج في محافظات قنا وسوهاج والمنيا وأسيوط على دعم المشروعات لمساعدتها على الوصول إلى أسواق جديدة وتطوير عملياتها وتوسيع نطاق أنشطتها، وقد استفاد أكثر من 79 ألف مشروع حتى الآن من الدعم المقدم في إطار هذا البرنامج، مما أدى إلى خلق نحو 9 آلاف فرصة عمل، وأفاد 80% من أصحاب المشاريع المشاركة أن البرنامج كان له أثر إيجابي على نمو أعمالهم وقدرتهم على المنافسة في السوق، وهذا النجاح يعكس أهمية الوصول إلى المناطق الأكثر احتياجا وتوفير الدعم المباشر للمشروعات المحلية.
 
ويشير تقرير البنك الدولي إلى أن مؤسسة التمويل الدولية تستثمر، عبر مختلف القطاعات، في شركات تسهم في خلق وظائف جيدة ومستدامة، لا سيما للنساء والشباب، وفي قطاع تجارة التجزئة، على سبيل المثال، يدعم قرض مقدم من المؤسسة بقيمة 30 مليون دولار، إلى جانب استثمار سابق بقيمة 15 مليون دولار في أسهم رأس مال شركة كازيون، وهي أكبر سلسلة متاجر للبقالة بأسعار مخفضة في مصر، جهود الشركة للتوسع في السوق المغربي وفي أنحاء المنطقة، وهذا الاستثمار يدعم افتتاح 750 متجرا جديدا ومركزين للتوزيع، ومن المتوقع أن يسهم ذلك في خلق نحو 30 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة، ولا تقتصر فوائد المشروع على فرص التوظيف المباشر فقط، بل تشمل أيضا تعزيز سلاسل الإمداد المحلية والاستعانة بصغار الموردين ودمج النساء ضمن إطار التوظيف والترقية بالشركة، مما يشكل نموذجا يظهر كيف يمكن للاستثمارات الخاصة أن تحدث أثرا إيجابيا يعزز فرص العمل للجميع.
 
التوجه الاستراتيجي نحو وظائف المستقبل

يؤكد تقرير البنك الدولي، أن وظائف الغد ينبغي أن تكون أفضل من وظائف الأمس، وهذا هو الهدف الذي تسعى مصر لتحقيقه من خلال التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، ويشير التقرير إلى أنه على مدار العقدين الماضيين، أنشئت معظم الوظائف الجديدة في مصر في قطاعات ذات قيمة مضافة منخفضة وغير قابلة للتداول، مثل التشييد والبناء وتجارة التجزئة والنقل، ورغم أهمية هذه القطاعات في توفير فرص العمل، فإن آفاق النمو المستقبلية تتطلب التحول نحو الصناعات ذات القيمة المضافة العالية التي توفر وظائف أفضل وأجورا أعلى وفرصا أكبر للتطور المهني.
 
ويشير تقرير البنك الدولي إلى أن الصناعات غير النفطية - بما في ذلك المنسوجات والأدوية والصناعات الغذائية والإلكترونيات وقطاع السيارات - تتيح فرصا كبيرة للتوسع وخلق وظائف ذات جودة عالية، ومع تقدم مصر نحو التحول الأخضر، تبرز الطاقة المتجددة كأحد القطاعات الواعدة التي يمكن أن تضع مصر في موقع جيد إقليميا وعالميا، في حين يشهد قطاع تكنولوجيا المعلومات والخدمات الرقمية نموا مدعوما بالتحول الرقمي الذي تشهده الدولة المصرية، مما يفتح آفاقا للشباب المصري، كما ستشهد خدمات الرعاية الصحية توسعا كبيرا نتيجة لزيادة عدد السكان والطلب المتنامي على خدمات صحية أفضل، وستواصل السياحة دورها في تعزيز النمو اعتمادا على تراث مصر الثقافي الغني ومقوماتها الطبيعية التي تجذب ملايين السياح سنويا.
 
ويوضح تقرير البنك الدولي أنه لتحقيق هذا التحول، أسهمت مجموعة البنك الدولي في صياغة استراتيجية التنمية الصناعية وتعزيز التجارة دعما للتنمية الاقتصادية المستدامة في مصر، وتعد هذه الإستراتيجية خارطة طريق شاملة تحدد الإصلاحات التي تدعم قطاعي التصنيع والصادرات، وخلق فرص العمل في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، وبالإضافة إلى ذلك، قامت مجموعة البنك الدولي بتقديم الدعم الفني لإطلاق إستراتيجية جديدة للاستثمار الأجنبي المباشر بهدف جذب المستثمرين وتوجيه رؤوس الأموال نحو 13 قطاعا واعدا يتمتع بإمكانات كبيرة لتوفير فرص العمل، واستكمالا لهذه الجهود، عزز البنك العمل التحليلي المتعلق بالخدمات اللوجستية للتجارة بهدف خفض التكاليف، وتحسين الربط التجاري، وتعزيز العلاقة بين النمو الصناعي وخلق الوظائف.
 
ويؤكد التقرير أن هذه الإستراتيجيات مجتمعة تسهم في مساعدة الحكومة على رسم مسار واضح لنمو مستدام في الوظائف والصادرات يقوده القطاع الخاص، مما يشكل أساس السردية الوطنية الجديدة للتنمية الاقتصادية، ويمكن للاستثمار في هذه القطاعات أن يؤدي إلى تنويع النشاط الاقتصادي، وخلق وظائف ذات جودة أعلى، وتوفير المزيد من الفرص في جميع محافظات الجمهورية دون الاقتصار على القاهرة والإسكندرية، مما يحقق التوازن الإقليمي ويضمن وصول ثمار التنمية إلى المصريين في مختلف المحافظات.
 
شراكة استراتيجية من أجل مستقبل أفضل

يؤكد تقرير البنك الدولي، أن النجاحات التي تحققت حتى الآن والطموحات للمستقبل تعتمد على شراكة قوية ومستدامة بين الحكومة المصرية ومجموعة البنك الدولي، وفي هذا السياق، يؤكد ستيفان جيمبرت، المدير الإقليمي للبنك الدولي المسؤول عن مصر واليمن وجيبوتي، على أهمية هذه الشراكة بقوله: "إن خلق المزيد من فرص العمل الجيدة هو التحدي الأكثر إلحاحا والفرصة الأكبر لمستقبل مصر"، مشيرا إلى أن "مصر بالفعل تتخذ خطوات بالغة الأهمية لتمكين ودعم الشركات باعتبارها القوة الدافعة لخلق فرص العمل"، ويضيف جيمبرت: "سيظل الالتزام الدائم على أعلى المستويات أمرا بالغ الأهمية لضمان استفادة جميع المصريين من هذه الجهود، وتؤكد مجموعة البنك الدولي أنها ستظل شريكا ثابتا لدعم الإصلاحات والبرامج التي تسهم في تحقيق النمو المستدام والشامل للجميع".
 
يؤكد تقرير البنك الدولي أن مصر تسير بخطى ثابتة على الطريق نحو تحقيق تقدم في خلق فرص العمل وتحسين مستوى معيشة المواطنين، ويشير التقرير إلى أن الإصلاحات الجارية، رغم التحديات التي قد تواجهها، تحقق نتائج على أرض الواقع، والمشروعات والبرامج المختلفة تحدث فارقا في حياة آلاف الأسر المصرية، من خلال توفير فرص العمل والدخل، والرؤية المستقبلية واضحة، تركز على القطاعات الواعدة ذات القيمة المضافة العالية، وتستهدف تحقيق نمو شامل يصل إلى جميع المحافظات والفئات.
 
ويلاحظ تقرير البنك الدولي، أن القطاع الخاص، بدوره المحوري في الاقتصاد الوطني، يحظى بالدعم والتمكين اللازمين ليقود عملية النمو وخلق فرص العمل، والشراكات الاستراتيجية مع مؤسسات دولية مثل مجموعة البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية توفر الخبرات والموارد اللازمة لتحقيق الأهداف، ويشير التقرير إلى وجود إرادة سياسية ملتزمة بتنفيذ الإصلاحات والمضي قدما في طريق التنمية.
 
ويؤكد البنك الدولي في تقريره، أنه لا تزال هناك تحديات يجب مواجهتها، مثل الحاجة إلى زيادة وتيرة خلق فرص العمل لتتناسب مع أعداد الشباب الداخلين إلى سوق العمل سنويا، وضرورة زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة، وتحسين إمكانية وصول الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل، لكن الإمكانات التي تمتلكها مصر، والشراكات الفعالة مع المجتمع الدولي، تشير إلى إمكانية تحقيق التحول الذي تطمح إليه، وتوفير فرص عمل أفضل وأكثر لأبنائها، وبناء اقتصاد قوي ومتنوع ومستدام.

print