شهد القطاع الزراعي المصري طفرة تاريخية غير مسبوقة، مؤكداً مكانته كأحد الأعمدة الرئيسية في دعم الاقتصاد الوطني وجذب العملة الصعبة، حيث حققت الصادرات الزراعية رقماً قياسياً بلغ حوالي 8.5 مليون طن حتى الآن، مسجلاً بذلك زيادة ملحوظة تقارب 700 ألف طن عن نفس الفترة من العام الماضي.
ووصف علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الاراضى هذه النتائج بـ"الطفرة التاريخية"، مشيراً إلى أنها دليل قاطع على قوة ومرونة الاقتصاد المصري، وتؤكد التزام البلاد بأعلى معايير الجودة والسلامة الغذائية التي تتطلبها الأسواق الدولية.
وأكد فاروق أن المنتج المصري يحظى بثقة كبيرة عالمياً، مما يعزز تنافسيته ويفتح المزيد من الآفاق أمام الحاصلات الزراعية، وذلك بفضل جهود الوزارة بالتعاون مع الحجر الزراعي لفتح المزيد من الأسواق الجديدة وتذليل كافة التحديات.
الموالح قاطرة التصدير تستعد للموسم الجديد
وفقاً الدكتور محمد المنسي، رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي، واصلت المنتجات الزراعية المصرية هيمنتها في الأسواق العالمية، وقد تصدرت الموالح المصرية قائمة الحاصلات الزراعية المصدرة، حيث تجاوزت الكمية الإجمالية مليوني طن، وتأتي في المرتبة الثانية البطاطس الطازجة التي بلغت حوالي 1.3 مليون طن، ثم سجلت البطاطا إجمالي صادرات بلغ نحو 310 آلاف طن.
وفي سياق متصل، وفي إطار الاستعداد للحفاظ على هذا التفوق، أعلنت وزارة الزراعة أن الموسم التصديري الجديد لمحصول البرتقال المصري، الذي يعد المحصول الأبرز ضمن الموالح، سيبدأ رسمياً في الخامس عشر من ديسمبر المقبل. ويأتي هذا الإعلان عقب استطلاع دقيق لمؤشرات الإنتاجية والتلوين، وتوافق بين الحجر الزراعي المصري والمجلس التصديري لضمان أعلى مستويات الجودة قبل السماح بتصدير أولى الشحنات.
وبالإضافة إلى ذلك، سجلت الفاصوليا (بشقيها الطازج والجاف) حوالي 300 ألف طن، وعزز البصل الطازج من مكانته محققاً كمية إجمالية بلغت 277 ألف طن، وشهدت باقي الحاصلات تقدماً كبيراً، حيث تم تصدير 191 ألف طن من العنب، و148 ألف طن من الرمان، بالإضافة إلى 117 ألف طن من المانجو، لتؤكد التنوع الكبير في محفظة الصادرات المصرية.
تصدير 5223 طن ملوخية
ضمن هذا النمو الكلي للقطاع، برز محصول الملوخية (الجافة والخضراء) كنموذج للمنتجات التي تحقق انتشاراً نوعياً، حيث بلغ إجمالي الكميات المصدرة منها حوالي 5223 طناً تقريباً خلال الفترة الممتدة من بداية يناير وحتى 25 نوفمبر الحالي.
ويلاحظ أن الملوخية الجافة استحوذت على النصيب الأكبر من هذه الصادرات، مسجلة 3540 طناً، متفوقة بوضوح على الملوخية الخضراء التي بلغت صادراتها 1683 طناً، ويرجع هذا التفوق إلى المرونة الكبيرة للمنتج الجاف، التي تسهل التعامل معه من حيث التخزين وطول فترة الشحن دون تأثر الجودة، مما يجعله خياراً جذاباً للأسواق الدولية البعيدة.
قيمة غذائية تدعم الانتشار العالمي
تتجاوز أهمية الملوخية مكانتها كـ "طبق أصيل"، لتصبح منتجاً تصديرياً مرغوباً بفضل قيمتها الغذائية المرتفعة التي تلبي الطلب العالمي على الأغذية الصحية، فهي غنية بالمعادن الضرورية مثل البوتاسيوم والكالسيوم والحديد والمغنيسيوم، إلى جانب مجموعة واسعة من الفيتامينات (أ، ب، ج، ك).
وتحتوي الملوخية الجافة على تركيز عالٍ من الألياف يصل إلى حوالي 11%، مما يدعم صحة الجهاز الهضمي، كما أن محتواها الغني بالبوتاسيوم يساهم في تعزيز صحة القلب والسيطرة على ضغط الدم.
مراكز الإنتاج والتجهيز
وتعد الملوخية محصولاً صيفياً ينجح في أنواع تربة مختلفة، وتتصدر إنتاجها وتجهيزها للتصدير محافظات رئيسية تتركز فيها الخبرة الزراعية. أبرز هذه المناطق هي الفيوم، حيث تشتهر قرى مثل جردو بمركز إطسا وأبو جنشو بالتخصص في الزراعة والتجفيف والتصدير.
كما تساهم محافظة الجيزة بقوة، خاصة من خلال قرية جزاية التي تورد كميات كبيرة إلى الأسواق الأوروبية والصينية. وتلعب مراكز شمال المنيا دوراً في التصدير لدول شمال إفريقيا بعد عمليات التجفيف.
واختتم وزير الزراعة بالإشادة بالجهود المبذولة من جميع حلقات المنظومة، بدءاً من المزارع وانتهاءً بالمصدر، مؤكداً أن العمل مستمر لتذليل كافة التحديات اللوجستية والإجرائية لدعم استدامة النمو في هذا القطاع الذي يعد محركاً رئيسياً للاقتصاد المصري.
