ما زالت الانتهاكات ترتكب فى الفاشر، لتتفاقم الأزمة الإنسانية فى المدينة، بين قتلى ومصابين، مرورا بنزوح آلاف البشر إلى العديد من المدن المجاورة، ناهيك عن مخاوف كبيرة إثر احتمال حدوث مجاعة كبيرة، بينما تعانى المدن الأخرى فى السودان من هجمات تشنها قوات الدعم السريع.
فمن جانبها، أعلنت الأمم المتحدة سقوط 40 قتيلًا فى هجوم استهدف مدينة الأبيض الواقعة فى شمال ولاية كردفان بالسودان، فى وقت تشهد فيه البلاد تصاعدًا حادًا فى أعمال العنف بين القوات النظامية والميليشيات المسلحة.
عشرات الجرحى ونزوح مئات الأسر
وأوضح بيان صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن الهجوم أدى أيضًا إلى وقوع عشرات الجرحى ونزوح مئات الأسر من المدينة، مشيرًا إلى تدهور الوضع الإنسانى فى المنطقة بشكل كبير.
وأكدت الأمم المتحدة، أن القتال المستمر فى السودان يعرض المدنيين لخطر متزايد، داعية إلى وقف فورى لإطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين دون عوائق.
وحذرت الأمم المتحدة من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية فى السودان، مؤكدة وجود تفاوت واضح بين المناطق التى شهدت انخفاضًا فى حدة العنف وتحسنًا محدودًا فى وصول المساعدات، وبين المناطق التى مازالت تعانى من حصار ونزاع مسلح أدى إلى تفاقم الجوع.
مجاعة مؤكدة فى الفاشر وكادقلى
وفى السياق نفسه، قال مركز إعلام الأمم المتحدة، إن أحدث تحليل للجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائى أكد وقوع مجاعة فى مدينتى الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وكادقلى عاصمة جنوب كردفان، نتيجة عدم وصول الغذاء والرعاية الطبية للسكان بشكل كافٍ على مدى أشهر.
وأشار التحليل، إلى أن نحو 20 منطقة إضافية فى إقليمى دارفور وكردفان معرضة لخطر المجاعة، من بينها مواقع جديدة فى شرق دارفور وجنوب كردفان، وسط استمرار تعثر وصول المساعدات الإنسانية.
وأظهر التقرير تحسنًا طفيفًا فى الأمن الغذائى، حيث خرج ما يقرب من 3.4 مليون شخص من مرحلة الأزمة مقارنة بالتقييم السابق، ليصل إجمالى عدد المتأثرين بالجوع إلى نحو 21.2 مليون شخص، أى ما يمثل حوالى 45% من السكان.
وعزا التقرير هذا التحسن المحدود إلى تراجع حدة الصراع وزيادة وصول المساعدات فى ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار منذ مايو الماضي.
ودعت منظمات الأمم المتحدة، وفى مقدمتها برنامج الأغذية العالمى والفاو واليونيسف، إلى وقف الأعمال العدائية فورًا وتسهيل وصول الإغاثة الإنسانية دون عوائق، محذرة من أن الأطفال هم الأكثر تعرضًا للخطر نتيجة مزيج الجوع والأمراض والنزوح.
وشدد التقرير، على أن استمرار القيود الأمنية واستهداف العاملين الإنسانيين ومنع قوافل الإغاثة وتأخر وصول التمويل قد يؤدى إلى تفاقم الأزمة وحدوث وفيات واسعة، ما لم يتم ضمان وصول آمن ومستدام للمساعدات الإنسانية.
جوتيريش يدعو لوقف القتال بالسودان فورًا
ودبلوماسيا، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى الوقف الفورى للأعمال القتالية فى السودان، وحث الأطراف المتصارعة على العودة لطاولة التفاوض، مشددًا على أن استمرار القتال يدفع البلاد نحو كارثة إنسانية غير مسبوقة.
وجاءت تصريحات الأمين العام خلال مشاركته فى القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية فى الدوحة، وفق ما ذكره مركز إعلام الأمم المتحدة.
وقال جوتيريش، إن السودان يعيش "أزمة مروعة تخرج عن السيطرة"، مضيفًا أن مدينة الفاشر والمناطق المحيطة بها فى شمال دارفور أصبحت "بؤرة المعاناة والجوع والعنف والنزوح" منذ أكثر من 18 شهرًا.
وأضاف أن الوضع تفاقم بعد دخول قوات الدعم السريع إلى الفاشر الأسبوع الماضى، مؤكدًا أن "مئات آلاف المدنيين محاصرون ويموتون بسبب سوء التغذية والأمراض والعنف".
وأشار جوتيريش، إلى تقارير عن انتهاكات للقانون الدولى الإنسانى، تشمل: هجمات عشوائية واستهداف المدنيين والمنشآت الطبية وعنف قائم على النوع والاجتماعى والعرق وإعدامات واسعة.
وأكد ضرورة وقف العنف فورًا وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، ومنع تدفق الأسلحة والمقاتلين إلى السودان.
شدد الأمين العام على أن الوقت قد حان لإنهاء الصراع، قائلًا: "تعالوا إلى طاولة المفاوضات، ضعوا حدًا لكابوس العنف الآن. لقد حان وقت السلام."