أيمن محسب
-القائمة الوطنية من وجهة نظري تجربة سياسية ذكية جدًا ونجاحها الحقيقي ليس في عدد المقاعد التي يحصل عليها كل حزب إنما في الرسالة التي تحملها للشارع المصري، الفكرة إننا أمام قائمة جمعت بين أحزاب لديها خلفيات فكرية مختلفة، بعضها ليبرالي وبعضها قومي وبعضها تنموي، لكن الكل اجتمع على هدف واحد دعم استقرار الدولة واستكمال البناء، وهذا يمثل تطور كبير في الحياة الحزبية، لأنه لأول مرة نري تحالف بهذا الاتساع يقوم على " الفكرة الوطنية المشتركة " مش المصالح الانتخابية فقط.
أيضا التنوع داخل القائمة يمنحها الكثير من الثقل، لأنها تتضمن ممثلين عن كل الفئات الشباب، المرأة، ذوي الخبرة، والكوادر الجديدة وهذا معناه أن البرلمان القادم سيكون فيه تمثيل متوازن يعكس المجتمع المصري الحقيقي، ولن يقتصر على مجرد وجوه تقليدية، لذلك أرى أن نجاح القائمة الوطنية هو انتصار لفكرة التوافق الوطني، وهذا ما تحتاجه مصر في هذه المرحلة.
-مشاركة حزب الوفد في القائمة الوطنية في جوهره هو تعبير عن موقف سياسي عميق، فالوفد تاريخيًا هو حزب الدولة المصرية، حزب الوطنية الذي يعمل لمصلحة الوطن والمواطن، ودائما ما يعارض من داخل الإطار الوطني، لذلك الرسالة التي يقدمها الوفد اليوم هو أنه لا تعارض بين المعارضة الوطنية وبين دعم الدولة، بالعكس، المعارضة البناءة جزء من استقرار أي نظام سياسي.. والوفد يراهن على إن المرحلة القادمة ليست مرحلة شعارات أو ضجيج سياسي، لكنها مرحلة بناء دولة حديثة قوية، والدور الحقيقي للأحزاب هو إنها تساند هذا خلال الأفكار والتشريعات والمبادرات، لذلك أرى أن الوفد اليوم يستعيد جزء من بريقه التاريخي، عندما كان يتصدر المشهد السياسي في الدفاع عن الحقوق والحريات وفي نفس الوقت يحافظ على كيان واستقرار الدولة.
-التحالفات الانتخابية دايما بتكون انعكاس لمرحلة سياسية معينة، لكن في هذه الحالة أرى أنها أقرب للنضج منها للظرفية.. في الماضي كنا نشاهد تحالفات هدفها المكسب الانتخابي فقط، لكن الأن هناك إدراك إن هذه المرحلة تحتاج اصطفاف وطني حقيقي، لذلك القائمة الوطنية تجربة لبناء الثقة بين القوى السياسية لتصبح بداية لمزيد من التواصل والتنسيق بين الأحزاب.. وأتمني أن يكون هذا التحالف بداية لتعاون أكبر داخل البرلمان وخارجه، علشان نقدر نبني ثقافة سياسية جديدة قائمة على احترام الاختلاف والتكامل بدل المواجهة والانقسام، وفي حال استمرار ذلك أعتقد أن شكل الممارسة السياسية في مصر سيتغير خلال السنوات القادمة.
-أرى أن هناك تطور غير مسبوق فالمرأة المصرية أصبحت نموذج في الوعي والمشاركة، ليس فقط كناخبة لكن كمرشحة وصاحبة رأي، التجربة البرلمانية السابقة أثبتت إن تمكين المرأة واقع له تأثير حقيقي على أجندة التشريعات والسياسات العامة. أما الشباب، فوجودهم في المشهد الانتخابي اليوم يعكس نتيجة طبيعية للاستثمار الدولة في تأهيلهم خلال السنوات الأخيرة، من خلال برامج القيادة والتدريب والمشاركة في الحوار الوطني.. لكن أتمنى أن الأحزاب نفسها تفتح أبوابها أكتر أمام الكوادر الشابة وتعطيهم مساحات حقيقية لصنع القرار، مصر لديها ثروة بشرية ضخمة، تحتاج فقط إلى توظيفها بشكل صحيح.
-بصراحة أي حزب كبير وعريق طبيعي جدا يحدث فيه اختلاف في وجهات النظر.. والوفد ليس حزب حديث التأسيس يتضمن صوت واحد فقط، لكنه كيان له تاريخ يتجاوز القرن، ومر بمراحل سياسية واجتماعية مختلفة، وكل جيل بيضيف عليه رؤيته وطريقته.. لذلك يجب ان يفهم الناس أن الخلاف داخل الوفد مش بالضرورة انقسام، لكنه جزء من حيوية الحزب.. فيه نقاشات، فيه وجهات نظر متعارضة أحيانا، لكن في النهاية فيه مؤسسات بتفصل وتحسم الأمور ديمقراطيا.
وأقدر أقول بكل ثقة إن الوفد رغم كل الجدل الذي يُقال عليه في الإعلام، حافظ على ثوابته الأساسية الليبرالية، احترام الدستور، والإيمان بدولة القانون.. ولكي أكون أكثر صراحة الحزب يمر بمرحلة تجديد داخلي، فيها ضخ لدماء جديدة، وفيها مراجعة لطريقة العمل التنظيمي والإعلامي وهذا شيء صحي لأن أي كيان سياسي لازم يجدد نفسه باستمرار، وإلا هيتحول إلى مجرد لافتة تاريخية.
-أنا ما أقدرش أقول إنه فقد تأثيره، لكن أقدر أقول إن الوفد تأثر، مثله مثل كل الأحزاب التقليدية، بالتحولات التي حدثت في المشهد السياسي خلال العشر سنوات الماضية، ولكي أكون أكثر وضوحا الناس اليوم تتعامل مع السياسة بشكل مختلف، بقت أقرب للإعلام والسوشيال ميديا منها للمقرات الحزبية، لذلك نحن في حاجة مُلحة لمراجعة أدواتنا في التواصل مع الناس.. الوفد لديه رصيد تاريخي ضخم في الوجدان الشعبي، لكن هذا لا يكفي ، لكي نحافظ عليه لابد من تطوير أدواتنا بما يتناسب مع المتغيرات السياسية والاجتماعية .. ولازم نعترف إن الجيل الجديد محتاج لغة مختلفة، محتاج يسمع من الوفد خطاب قريب من واقعه وتحدياته.. وهذا ما نعمل عليه حاليا تجديد الخطاب السياسي للحزب ليبقى أكثر تفاعلا مع المواطن، وأكثر قربا من قضاياه اليومية.
فيه شغل حقيقي جوه الحزب في الملف ده. أول حاجة، تم تشكيل لجان نوعية بتضم شباب وخبرات في ملفات مختلفة، من أجل انتاج محتوى سياسي جديد يتناسب مع لغة العصر.. أيضا فيه اتجاه لتوسيع قاعدة المشاركة في اتخاذ القرار داخل الحزب، بحيث الشباب يكون ليهم تمثيل أكبر في المكتب التنفيذي والهيئات القيادية أما على مستوى الخطاب، نتجه لتبني رؤية سياسية تتجاوز الشعارات الكلاسيكية لليبرالية، إلى ليبرالية اجتماعية وطنية، بمعنى إننا ندعم حرية الفرد والسوق، لكن في إطار العدالة الاجتماعية ومصلحة الوطن.. أنا مؤمن أن أي حزب لكي يستمر لابد له من تحقيق مزيد من المرونة دون أن يفقد هويته، والوفد بيثبت دائما إنه قادر على التطور من دون التخلى عن مبادئه.
العلاقة مستقرة إلى حد كبير، لكن دائما ما تحتاج إلى تعزيز التواصل المباشر.. والحقيقة التي يجب أن يعلمها الجميع أن القواعد الوفدية في المحافظات هي العمود الفقري للحزب، لأنها التي تاريخه وتحافظ على اسمه وسط الناس.. الفترة الأخيرة شهدت زيارات متكررة من قيادات الحزب للمحافظات، ولقاءات مفتوحة مع الأعضاء والشباب، وهذا شيء إيجابي جدًا.. لكن أري إن المرحلة القادمة تحتاج خطة تنظيمية شاملة لتفعيل الفروع وتطوير أدوات التواصل الجماهيري، خصوصا باستخدام التكنولوجيا والسوشيال ميديا.. الوفد لديه كوادر ميدانية مخلصة جدا، والمطلوب إننا نديهم مساحة أكتر من المركز، لأن التفاعل مع المواطن في الشارع هو الذي يحافظ على حيوية الحزب.
أنا شايف إن الوفد لازم يكون صوت التوازن والعقل في المشهد السياسي.. المرحلة القادمة لا تحتاج معارضة من أجل المعارضة، ولا تأييد مطلق، لكنها محتاجة أحزاب لديها رؤية، تقدم حلول بديلة، وبتناقش بموضوعية.. الوفد يمتلك خبرات تشريعية وسياسية تقدر تساهم في تطوير السياسات العامة، خصوصا في ملفات زي التعليم، والإدارة المحلية، والاقتصاد الحر.. أيضا لابد أن يعمل الحزب على استعادة دوره التاريخي في بناء الوعي السياسي للمجتمع، وهذا يمكن أن يتحقق من خلال تدريب الكوادر، وتنظيم ندوات حوارية، وتبني قضايا الناس البسيطة.. باختصار، الوفد ليس حزب مقاعد، الوفد فكرة ممتدة بتوازن بين الانتماء الوطني والتعددية السياسية والتأثير الفاعل في عملية صناعة القرار.
-بصراحة إحنا داخلين على مرحلة مختلفة تماما. مصر خلصت تقريبا من مرحلة "تثبيت الدولة" وبقت في مرحلة "جني ثمار الإصلاح"، فالأولويات لازم تتغير.. أنا شخصيًا أرى أن ملف تحسين جودة الحياة للمواطن لازم يكون في المقدمة، وده معناه شغل على التعليم والصحة وفرص العمل.. التشريعات لازم تبقى أقرب للناس، وليس ورق في أدراج البرلمان.. نحتاج إلى ربط كل قانون بالتطبيق العملي، ونتأكد إن المواطن فعلاً بيحس بنتيجته في حياته اليومية.
-أكيد إحنا داخلين على برلمان فيه خبرات أكتر، ووعي أكتر بطبيعة المرحلة..الناس بقت شايفة إن البرلمان مش مجرد قاعة نقاش، لكنه شريك حقيقي في صنع القرار.
أنا متفائل جدًا إن الدورة دي هتشهد نقاشات أكثر عمقًا وتنظيمًا، وهنشوف نواب عندهم رغبة حقيقية في تقديم حلول مش بس كلام.
والأهم إن العلاقة بين البرلمان والحكومة لازم تكون مبنية على الشفافية، يعني دعم وقت ما يكون في إنجاز، ومحاسبة لما يكون في تقصير.
-أنا عندي اهتمام دائم بملف الاستثمار وآليات تمكين القطاع الخاص في مختلف المجالات فضلا عن ملف الشباب لأنهم لازم يكونوا في قلب عملية صنع القرار وليس على الهامش، إضافة إلى ملف التعليم، لأنه مفتاح كل إصلاح، تعليمي حقيقي يعني مستقبل مستقر، وأيضا ملف التنمية المحلية، لأن مشكلتنا دائما إن التنمية بتفضل مركزة في العاصمة.. لازم المحافظات كلها تبقى شريكة في التنمية، وأخيرا التشريعات المتعلقة بالتحول الرقمي وحماية البيانات، لأن التكنولوجيا أصبحت جزء من الأمن القومي نفسه ولا يمكن تجاهلها.
-الحقيقة أن الرئيس بيبني الجمهورية الجديدة على أسس واضحة، والبرلمان هو الذراع التشريعية الذي يدعم هذه الرؤية.. وأيضا الرئيس يتحرك برؤية شاملة سياسية واقتصادية وإنسانية، والبرلمان دوره إنه يحول هذه الرؤية لقوانين وتشريعات على الأرض.. الجمهورية الجديدة دي فلسفة دولة، محتاجة تناغم بين كل مؤسساتها.. ولذلك لابد للبرلمان أن يعمل بنفس الروح.. روح الدولة التي تخطط لـ 50 سنة قادمة.
الحقيقة إننا أمام تحول حقيقي في طريقة إدارة الدولة لملف السياسة الخارجية، الرئيس السيسي قدر يرجع لمصر مكانتها الطبيعية كلاعب أساسي في الإقليم، وليست تابع، اليوم مصر تتحرك بثقة وبقرار مستقل، وهذا في رأيي إنجاز حقيقي.. بمعني أن بالنظر إلى الملفات التي تحيط بنا من غزة للسودان لليبيا، نجد أن كل الأطراف تلجأ لمصر وقت الأزمات، لأنها أصبحت الدولة ذات الصوت المسموع والعقل الراجح.. وهذا لا يأتي من فراغ، لكنه نتاج قيادة لديها رؤية واضحة، وتوازن بين المبادئ والمصالح.
-أعتقد أن الحرب على قطاع غزة كانت امتحان حقيقي للدبلوماسية المصرية، ونجحت فيه بأعلى درجة.. مصر من أول يوم للحرب لم تعمل بالعاطفة، ولكنها عملت بحسابات دقيقة.. ومن أول لحظة الرئيس قال: "مش هنسمح بتهجير الفلسطينيين، ومش هنكون طرف في تصفية القضية".. لذلك التحركات كلها كانت في إطار الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني وفي نفس الوقت حماية الأمن القومي المصري.. مصر عملت في صمت دون "بروباجندا" كما يفعل البعض .. النتيجة إن كل القوى - من أمريكا لأوروبا للمنظمات الدولية- أصبحت ترى أن مصر هي مفتاح الحل.
-اعتقد أن ما حدث في بروكسل كان رسالة واضحة جدًا.. استقبال الرئيس السيسي في قمة الاتحاد الأوروبي لم يكن استقبال بروتوكولي معتاد وإنما استقبال خاص يعكس تقدير المجتمع الدولي للدور الذي يلعبه الرئيس السيسي من أجل استقرار الشرق الأوسط ودعم السلام الإقليمي، فأصبحت أوروبا ترى أن مصر ركيزة استقرار في المنطقة، وإن مواقفها دايمًا متوازنة وعقلانية.. أيضا الرئيس السيسي عنده أسلوب واضح ومستقر في مخاطبة العالم، يعتمد فيه على الحقائق والأرقام وليست الشعارات.. وهذا ما رسخ صورته لدي القادة الغربيين صورة القائد الذي يحترم نفسه وبلده، وفي المقابل نال احترام الجميع.
- الأولويات واضحة جدًا أول شىء استمرار الحفاظ على الاستقرار في المنطقة حوالينا، وهو أمر ليس بالسهل في ظل ما يحدث في غزة والسودان وليبيا.. أيضا توسيع العلاقات الاقتصادية مع أوروبا وآسيا، خصوصا بعد انضمام مصر للبريكس، ودي فرصة كبيرة لازم نستفيد منها.. وأخيرا استمرار التقارب مع دول القارة الأفريقية خاصة في مجالات التنمية والطاقة والمياه.
-لأعضاء الحزب وقواعده في المحافظات أقول لهم تذكروا دائما أن حزب الوفد مش مجرد شعار وإنما مدرسة وطنية.. الوفدي الحقيقي هو الذي يخدم بلده دون البحث عن أي مكسب شخصي.. كما أدعو كل أعضاء الحزب للتكاتف من أجل العبور بالوفد إلى منطقة الأمان وإعادة بناء علاقته بالشارع المصري على أساس من الثقة.." لدينا تاريخ لا يمكن أن نفرّط فيه."
-أنا أدعو كل مصري ومصرية إنهم يشاركوا في الانتخابات القادمة، لأن المشاركة واجب وطني، لكنها أيضا حق في رسم المستقبل.. مصر تحتاج كل صوت، وتحتاج دائما أننا نثبت أن الشعب هو صاحب القرار والإرادة، وإن البرلمان القادم يعبر فعلًا عن كل فئات المجتمع وهمومه وطموحاته.. المرحلة القادمة حساسة ومهمة جدًا، فيها ملفات مصيرية تخص الاقتصاد، والتعليم، والصحة، والدبلوماسية، والبيئة، ومفيش حد يقدر يحقق فيها تقدم دون الآخر "لا الحكومة لوحدها، ولا البرلمان، ولا الرئيس" النجاح الحقيقي دائما ما يأتي من كل الأطراف التي تعمل بشكل تكاملي ومتناسق مع أهداف المرحلة.. أنا واثق إن المصريين عندهم من الوعي والإدراك ما يكفي ليشاركوا بإيجابية، ويختاروا الأصلح، ويفرقوا بين من يرفع شعارات ومن يمتلك مشروع حقيقي يخدم البلد.. الانتخابات فرصة حقيقية للتعبير.