تحتفى محافظة الإسكندرية فى شهر أكتوبر من كل عام بذكرى افتتاح مكتبة الإسكندرية، أكبر صرح ثقافى فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن أجمل الأماكن السياحية والثقافية التى تتميز بها محافظة الإسكندرية، ويستقبل أكثر من مليون ونصف زائر سنويًا.
واليوم تمر الذكرى 23 لإفتتاح مكتبة الإسكندرية لاول مرة، حيث تم افتتاح المكتبة فى أكتوبر عام 2002 بحضور عدد من رؤساء وملكات العالم ووفود دولية رفيعة المستوى.
بدأت فكرة إحياء مكتبة الإسكندرية القديمة، فى أواخر ثمنيات القرن الماضى، حتى أصدر الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك قرار بتتأسيس الهيئة العامة لمكتبة الإسكندرية للبدء فى إنشاء هذا الصرح العظيم، وإعادة إحياء المكتبة القديمة التى أنشات فى عهد البطالمة، وتعرضت للحرق عام 84 ق. م ، و كانت أكبر مكتبات العالم فى هذا الوقت.
وفى عام 1992 بدأت الابحاث الاثرية للموقع الذى تم إختياره لبناء المكتبة الجديدة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط بمنطقة الشاطبى، والذى يعتقد أنه نفس المكان الذى كانت علية المكتبة القديمة.
وفى عام 1995 بدأت أعمال الحفر والأعمال الإنشائية للمكتبة الجديدة، وتم الافتتاح فى عام 2002 لتستغرق الأعمال الانشائية نحو 7 سنوات، لتصبح اكبر صرح ثقافى فى الشرق الأوسط، وخلال اعمال الحفر تم العثور على قطع أثرية للعالم القديم من الموزاييك، مازالت متواجدة حتى الأن ضمن مقتنيات متحف الأثار بالمكتبة .
ويلقى "اليوم السابع "الضوء على أسرار الإنشاء والتصميم العالمى الذى مازال يجذب أنظار العالم حتى الآن، هذا المبنى الفريد فى التصميم ويزين كورنيش الإسكندرية .
البداية.. في عام 1988 أطلقت الحكومة المصرية ومنظمة اليونسكو مسابقة لإحياء مكتبة الإسكندرية القديمة بتصميم أخرى جديدة، وبالفعل تقدم 500 شخص للفوز في المسابقة إلا أن الفائزين هم مجموعة من شباب المعماريون من النرويج ممثلين في مكتب "سنوهتا" .
التصميم المعمارى للمبنى
أكد فريق التصميم المعمارى النرويجى، على أن اختيار شكل المبنى كان تحدي وكان يجب أن يعكس الماضي والحاضر والمستقبل، وقد ألهمت الفريق فكرة الأفق والشمس الساطعة التي تختفي في مياه البحر،و عقب اجتماع التمويل في محافظة أسوان والذي شارك في الترويج له الفنان العالمي عمر الشريف، وبمشاركة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وسوزان مبارك ورؤساء دول عربية وأجنبية ومسئولين دوليين، تم تكريس الجهود للحصول على تمويل من منظمة اليونسكو و تم توقيع الاتفاقية مع وزارة التعليم العالي المصرية.
التصميم النهائى لمبنى المكتبة
أكد فريق العمل أنه استلهم التصميم من خريطة مدينة الإسكندرية، والتى قام برسمها إيهاب الحباك الذي كان طالبًا في جامعة لوس انجلوس في ذلك الوقت، وخاصة شكل الميناء الشرقي، وكذلك شكل الشمس التي تعد أهم رموز الحضارة المصرية، وكما تعاون الفريق مع الاتحاد الأوروبي للمعماريين لبحث كيفية تحقيق التصميم على أرض الواقع باستخدام التكنولوجيا التي كانت متاحة في ذلك الوقت ، كما استلهم الفريق الفكرة من الكتب مثل رواية ميرامار للكاتب العالمي نجيب محفوظ الذي منحهم فكرة عن الإسكندرية وسكانها.
المعايشة لفريق العمل
انتقل الفريق وأسرهم إلى مصر للعمل على المشروع بمشاركة مهندسين مصريين، وواجهوا بعض الصعوبات منها حدوث فيضان في القاهرة، مما تسبب في تدمير بعض الرسومات و جهود كبيرة استمرت لمدة شهرين لانهائها مرة أخرى.
تصميم السطح
أكد فريق العمل أنه كان يمثل التحدي الأكبر لكي يبدو مختلفًا خاصة انه منحدر مع عدم وجود مصاعد، وكان يجب أن يمثل مفهوم الربط بين الحاضر والمستقبل، وكانت مهمة صعبة، وقد صمم السطح ليعكس ضوء الشمس إلى داخل المكتبة ويحقق النظرة إلى الأفق، والزجاج الملون مهم لأنه يعطي نوع من الحياة للمبنى .
تصميم قاعة الإطلاع الرئيسية
تم تصميم قاعة الإطلاع الرئيسية كما لو كانت تشبه الشلال لكي يكون هناك حلقة اتصال بين الجزء الإداري والمكتبة، كما تم تصميم الإضاءة لكي توحي بالدفئ، وتم استلهام فكرة الأعمدة من المعابد المصرية القديمة، أما الأثاث فهو ذو طابع نرويجي.
جدار المكتبة الخارجي
تم بناؤها من الجرانيت الرمادي اللون المنتقى من أفضل المحاجر في صعيد مصر وبالتحديد من أسوان.
تضم الجدارية العديد من الرموز والنقوش والحروف الأبجدية من جميع أبجديات العالم على مر العصور التاريخية المختلفة والتي تقدر بحوالي 4200 رمز من120 لغة. تعبر عن رسالة المكتبة، باعتبار اللغة هي أساس الثقافة ولغة التحاور بين الثقافات.
تبلغ مساحة الجدارية 6000 مترًا مربعًا من الجرانيت وقد تم تقطيع تلك الأحجار يدويًا مما منحها ملمسًا خشنًا طبيعيًا زاد من قوتها وصلابتها. كما أتاح الفرصة لنقش عدد كبير من الحروف التي تمت كتابتها إلكترونيًا بواسطة قاطعة إلكترونية من الماس، لتحديد الإطار الخارجي للرموز استعدادًا لنقشها يدويًا وبعد عامين من العمل الشاق، تم نقش 6000 لوح تزن حوالي 2400 طن.
تصميم الساحة الخارجية "البلازا"
أكد فريق العمل أن الهدف كان وجود ساحة فارغة مفعمة بالترحاب وان يُستخدم نفس الأحجار التي استخدمت في الجدار، ولكن لم يكن شائع في مصر في ذلك الوقت استخدام الأحجار الصلبة، ولذلك تم استخدام البلاط الملون، وتم زراعة أشجار الزيتون والنخيل المعبرين عن الحضارة المصرية والمتوسطية.
اكتشاف آثار أثناء الحفر
مكان إنشاء المكتبة كان يحمل تاريخا أسفله ، حيث تم العثور على لوحات موزاييك أثناء أعمال الحفر وهو إرث مازال موجود في متحف المكتبة حتى اليوم، وجاء ذلك نتيجة لعملية الحفر المدروسة التي قام بها الفريق .
وتضم المكتبة حاليا، ما يقرب من 2 مليون كتاب ، بمختلف لغات العالم، و12 مركزًا للبحث الأكاديمي، مركز دراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط،مركز دراسات الخطوط،مركز الدراسات والبرامج الخاصة، المعهد الدولي للدراسات المعلوماتية، مركز المخطوطات، مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي ومقره القاهرة، مركز الإسكندرية للدراسات الهلينستية، برنامج دراسات التنمية المستدامة وبناء قدرات الشباب ودعم العلاقات الإفريقية، مركز دراسات الحضارة الإسلامية، مركز الدراسات القبطية،مركز الدراسات الاستراتيجية، برنامج دراسات المرأة والتحول الاجتماعي، مركز الفنون.
كما تضم المكتبة 17 معرضًا دائمًا،وهى الإسكندرية عبر العصور: مجموعة محمد عوض، عالم شادي عبد السلام، الخط العربي: مجموعة محمد إبراهيم، الآلات الفلكية والعلمية عند العرب في القرون الوسطى (فرسان السماء)، تاريخ الطباعة: مطبعة بولاق ،متحف الفنان محمد شاكر ، كتاب الفنان ،محيي الدين حسين: مشوار إبداعي، مجموعة رعاية النمر وعبد الغني أبو العينين (الفن الشعبي العربى)، سيف وأدهم وانلي: الحركة والفن ، مختارات من أعمال آدم حنين، مختارات من أعمال أحمد عبد الوهاب ، مختارات من أعمال حسن سليمان، فاروق شحاتة: تجربة ممتدة،مختارات من فن الكاريكاتير ،محمد حسنين هيكل.. رحلة حياة،ناجي شاكر... شغف التجربة والاكتشاف ، و4 قاعات للمعارض الفنية المؤقتة، مع مركز للمؤتمرات يتسع لآلاف الأشخاص ، بالإضافة الى6 مكتبات متخصصة ابرزها مكتبة الخرائط و مكتبة النشئ ومكتبة المكفوفين.
بالإضافة الى 3 متاحف كبرى، متحف الآثار ، متحف المخطوطات ، متحف السادات ، وبعض المتاحف الصغرى الحديثه مثل متحف حسنين هيكل .
أما الكتب الخاضعة لحقوق النشر، فيمكن لمستخدمي الإنترنت تصفح 5% من الكتاب، بينما يتاح الكتاب كاملاً من داخل المكتبة. كما تتوفر بعض النسخ الورقية أيضًا. ويمكن البحث في جميع الكتب بالموضوع أو المؤلف أو العنوان.