من قلب أسوان، عاصمة السلام الإفريقي، طرح الرئيس رؤية مصرية متكاملة لإعادة التوازن للنظام العالمي المرهق بالاستقطاب، داعيا إلى إصلاح المؤسسات متعددة الأطراف واستعادة مصداقيتها عبر شراكة عادلة بين الشمال والجنوب، تستند إلى العدالة والاحترام المتبادل.
الرئيس السيسي يعيد تعريف دور أفريقيا كقوة فاعلة في تشكيل النظام العالمي الجديد
وفي هذا السياق قال المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ، إن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة، تعد وثيقة سياسية بالغة الأهمية في لحظة عالمية تتسم بالاضطراب، موضحا أن الرئيس قدم من أسوان رؤية مصرية خالصة لإعادة ترتيب أولويات العالم انطلاقا من العدالة، والمسؤولية المشتركة، والتوازن في العلاقات الدولية.
وأضاف "الجندي" أن حديث الرئيس عن ضعف المؤسسات متعددة الأطراف بسبب الاستقطاب الدولي هو تشخيص دقيق لأزمة الحكم العالمي التي جعلت القرارات الدولية رهينة لتجاذبات القوى الكبرى، وأدت إلى غياب العدالة في معالجة الأزمات الإنسانية والاقتصادية، مشيرا إلى أن الرئيس في دعا بوضوح إلى استعادة مصداقية النظام الدولي من خلال تفعيل آليات الإصلاح المؤسسي.
وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أن منتدى أسوان الذي أطلقه الرئيس عام 2019، بات منصة إفريقية مؤثرة لتبادل الرؤى حول السلام والتنمية، مضيفا أن انعقاده تحت شعار "عالم في تغيير وقارة في حراك" يعكس إيمان القيادة المصرية بأن إفريقيا تمتلك من المقومات والموارد البشرية ما يجعلها شريكا رئيسيا في صنع الحلول العالمية وليس مجرد متلق لتداعيات الأزمات.
وأوضح "الجندي"، أن الرئيس ركز على البعد الإنساني والسيادي في آن واحد، حين تحدث عن التحديات المزمنة التي تواجه القارة من إرهاب وهجرة غير شرعية وتغير مناخ، مؤكدا أن مصر تنظر إلى الأمن القومي الإفريقي باعتباره منظومة متكاملة تشمل التنمية، والتعليم، والتمكين الاقتصادي، وليس مجرد إجراءات أمنية عابرة.
وتابع: أشار الرئيس أيضا إلى إخفاق المجتمع الدولي في تمويل المناخ وتخفيف أعباء الديون تمثل صرخة إفريقية صادقة ضد الازدواجية في السياسات الدولية، وتؤكد أهمية بناء نظام عالمي أكثر توازنا يضمن للدول النامية حقها في النمو والاستقرار، لافتا إلى أن تلك الرسائل تؤكد اتساق الموقف المصري مع أولويات الاتحاد الإفريقي وأجندة التنمية 2063.
وشدد المهندس حازم الجندي على أن ما يميز الطرح المصري أنه يربط بين التنمية والسلام والإصلاح المؤسسي الدولي في إطار رؤية واقعية بعيدة عن الشعارات، مستندا إلى تجارب عملية خاضتها مصر في إعادة الإعمار ومكافحة الإرهاب وتحقيق النمو رغم الأزمات، مؤكدا أن منتدى أسوان أصبح تجسيدا للدبلوماسية الرئاسية المصرية التي تضع القارة في قلب الحدث العالمي.
كلمة الرئيس السيسي خلال منتدي أسوان خارطة طريق لإعادة التوازن للنظام الدولي من قلب إفريقيا
وبدوره أكد الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة، تمثل وثيقة سياسية شاملة تعيد تعريف موقع إفريقيا في النظام العالمي، وتطرح رؤية مصرية متكاملة لإصلاح المنظومة الدولية بما يضمن العدالة في توزيع الأعباء والفرص، خصوصًا للدول النامية، مشيرا إلى أن حديث الرئيس عن الاستقطاب الدولي الذي أضعف دور المؤسسات متعددة الأطراف يعكس قراءة دقيقة للتحولات العالمية.
وقال "محسب"، إن العالم يعيش حالة من الانقسام غير المسبوق، جعل من إفريقيا ساحة متأثرة ومؤثرة في الوقت نفسه، وهو ما تنبهت إليه مصر مبكرا من خلال مبادراتها نحو السلام، والتنمية، والتكامل الإقليمي، لافتا إلى أن الرئيس السيسي قدم في كلمته تحليلا صريحا للخلل البنيوي في النظام الدولي، سواء من حيث الانتقائية في تطبيق القيم، أو ضعف الاستجابة للأزمات الإنسانية الكبرى، أو إخفاق المجتمع الدولي في الوفاء بالتزاماته تجاه الدول النامية.
وأوضح عضو مجلس النواب، أن الطرح الذي قدمه الرئيس يضع مصر في موقع الفاعل الرئيسي الذي يتحدث بلسان إفريقيا ويدافع عن مصالحها الجماعية، مؤكدا أن دعوة الرئيس إلى أن تكون إفريقيا في طليعة المشاركين في استعادة تماسك النظام العالمي تحمل دلالات سياسية عميقة، فهي تطرح بديلا أخلاقيا ومسؤولا للنهج الغربي القائم على المصالح الضيقة، وتؤكد في الوقت نفسه أن السلام والتنمية وجهان لعملة واحدة، وأن القارة لا يمكن أن تتقدم بمعزل عن ترسيخ الاستقرار السياسي والأمني.
ونوه الدكتور أيمن محسب ، إلى أن تناول الرئيس لتحديات مثل الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، والأمن السيبراني، وتغير المناخ يعكس فهما شاملا للأمن الإنساني في بعده الحديث، حيث لم تعد التهديدات محصورة في النزاعات المسلحة بل امتدت لتشمل كل ما يمس حياة المواطن واستقراره، معتبرا أن المنتدى في نسخته الحالية يكتسب أهمية مضاعفة لأنه يأتي في مرحلة عالمية مضطربة تتطلب قيادة قارية تمتلك الرؤية والقدرة على صياغة حلول واقعية، وهو ما تقدمه مصر عبر هذا المنبر الإفريقي الفريد الذي أصبح بفضل القيادة السياسية جسرا للحوار الإفريقي ـ الإفريقي، ومنصة لتقديم مبادرات عملية لتسوية النزاعات وإعادة الإعمار والتنمية.
كلمة السيسي بمنتدى أسوان ترسم خريطة طريق جديدة للنظام الدولي
وفي ذات الصدد قال اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية، إن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة تمثل خريطة طريق واقعية لإعادة صياغة النظام الدولي من منظور أكثر عدالة وإنصافا للقارة الأفريقية، التي عانت طويلا من التهميش رغم ما تمتلكه من ثروات طبيعية ومقومات بشرية هائلة تؤهلها لأن تكون طرفا فاعلا في رسم ملامح المستقبل العالمي، لا مجرد متلقي لنتائجه.
وأكد فرحات أن الرئيس السيسي أوضح بإيجاز شديد الأزمة الدولية الراهنة والمتمثلة في حالة الاستقطاب الحاد بين القوى الكبرى، والتي أدت إلى إضعاف قدرة المؤسسات متعددة الأطراف، وعلى رأسها الأمم المتحدة، على أداء دورها في حفظ السلم والأمن الدوليين، مشيرا إلى أن هذا التشخيص الدقيق من الرئيس يعكس إدراكا عميقا لطبيعة التحولات في بنية النظام العالمي، وضرورة أن تكون أفريقيا طرفا فاعلا في معادلة الحل لا مجرد ساحة للصراع.
وأوضح نائب رئيس حزب المؤتمر أن منتدى أسوان، الذي أطلقته مصر عام 2019 برؤية من الرئيس السيسي، أثبت خلال سنوات قليلة أنه منصة أفريقية رائدة للحوار البناء وصياغة الرؤى المشتركة لمواجهة التحديات المرتبطة بالأمن والتنمية، خاصة في ظل الظروف الدولية المعقدة لافتا إلى أن المنتدى يعكس إيمان مصر العميق بأن التنمية المستدامة هي الطريق الحقيقي لترسيخ السلام، وأن إعادة الإعمار بعد النزاعات لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال شراكة متكاملة تجمع بين الجهود السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأشار الدكتور فرحات إلى أن تأكيد الرئيس على أولوية إعادة الإعمار وتفعيل سياسات الاتحاد الأفريقي لتحقيق التنمية والسلام المستدامين يمثل امتدادا لرؤية مصر في دعم التكامل القاري، وترسيخ مبدأ «الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية»، وهي رؤية تتسق مع الجهود التي تبذلها القاهرة لتعزيز بنية السلم والأمن في أفريقيا، سواء من خلال مبادراتها في مكافحة الإرهاب، أو دعمها لمشروعات البنية التحتية العابرة للحدود.
وشدد فرحات علي أن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تواصل لعب دورها التاريخي كقلب أفريقيا النابض، الداعم للاستقرار والتنمية، مشيرا إلى أن منتدى أسوان بات تجسيدا عمليا للدبلوماسية التنموية المصرية التي تمزج بين الواقعية السياسية والالتزام الأخلاقي تجاه القارة وشعوبها.
أسوان بوابة الحوار الأفريقي للعالم من خلال منتدى السلم والتنمية
ومن جانبه أكد حزب الوعي أن انعقاد منتدى أسوان الخامس للسلم والتنمية المستدامة تحت عنوان «عالم في تغير، وقارة في حراك: مسيرة تقدم أفريقيا في ظل التحولات العالمية»، يأتي ليؤكد أن مصر لا تكتفي بدورها التاريخي في القارة، بل تواصل أداء رسالتها بوصفها الجسر الذي يعبر عبره الوعي الإفريقي نحو المستقبل المشرق المنشود.
ولفت حزب الوعي إلى ان هذا المنتدى يعد تظاهرة فكرية ومنصة للحوار تمثل مساحة متجددة لإعادة تعريف مفهوم الأمن في إفريقيا على نحو يجعله مرتبطًا بالتنمية لا بالسلاح، وبالاستثمار لا بالصراعات، وبالعقول لا بالحدود، معتبرا أن المعادلة الجديدة التي تطرحها مصر، من خلال هذا المنتدى ومن خلال منهجها الثابت في علاقاتها مع القارة الإفريقية، لا تنحاز إلى لغة القوة، بل إلى فعل البناء، ولا تكتفي بتشخيص الأزمات، بل تفتح نوافذ نحو حلول عملية يقودها الأفارقة أنفسهم.
وتابعت : "أسوان" التي اختارتها الجغرافيا لتكون بوابة الجنوب، تختارها الإرادة السياسية المصرية لتكون بوابة الحوار الإفريقي نحو العالم ونحو قارة أكثر أمنًا واستقرارًا وعدلًا في توزيع فرص التنمية، ومن بين الموضوعات التي سيناقشها المنتدى، تبرز قضايا إصلاح الحوكمة العالمية وإعادة بناء الثقة في النظام متعدد الأطراف، وهي قضايا تتجاوز حدود القارة لتطرح سؤال العدالة في النظام الدولي، حيث لم يعد مقبولًا أن تبقى إفريقيا مجرد متلقي للسياسات، بل ينبغي أن تكون صانعة لها وشريكة في صياغة مستقبلها.
وقال حزب الوعي إن التحديات التي تواجه القارة ليست محض أرقام في تقارير، بل حقائق تمس حياة الشعوب، من أزمات الغذاء والمياه وتداعيات المناخ، إلى صراعات القرن الإفريقي والساحل والسودان، وفي المقابل، فإن الحلول لن تأتي من الخارج، بل من داخل القارة نفسها، من خلال مبادرات مثل "Aswan in Practice" التي تربط بين مخرجات النقاشات وبين التنفيذ الواقعي على الأرض، ومن خلال دعم القطاع الخاص والمجتمع المدني ليكونا رافعتين حقيقيتين للتنمية المستدامة والسلام الدائم.
وثمن حزب الوعي الدور المصري الرائد في تأسيس هذا المنتدى والإصرار على استمراره كمنصة قارية تقودها إفريقيا لا تُدار من خارجها، مؤكدا أن السياسة الخارجية المصرية، بتوجيهات قيادتها، لم تعد تكتفي بطرح الخطاب التنموي، بل صارت تصنع أدواته وتنسج تحالفاته وتدير مؤسساته، مشددا أن مصر التي تبنت منذ أكثر من عقد فلسفة الربط بين السلم والتنمية، تقدم اليوم نموذجا واقعيا يثبت أن الأمن لا يُبنى على أنقاض التنمية، بل في رحمها، وأن الاستثمار في الإنسان هو خط الدفاع الأول وسلاح الوعي الأصدق في مواجهة الفوضى والاضطراب.
ويؤمن الحزب بأن منتدى أسوان لا يعكس فقط طموح الدولة المصرية في تعزيز حضورها القاري، بل يترجم كذلك نضج الوعي الإفريقي الجماعي، الذي بدأ يدرك أن الحلول المفروضة من الخارج لا تدوم، وأن بناء السلام الحقيقي لا يتم بالاتفاقات المؤقتة بل بالتنمية المستدامة التي تُرسخ الأمل وتضعف جذور الصراع، ومن هذا المنطلق، فإن منتدى أسوان الخامس يجيء كوثيقة نضج جديدة للمشروع الإفريقي المشترك نحو (إفريقيا التي نريدها) في إطار أجندة الاتحاد الإفريقي 2063.
"حزب الوعي" إذ يعبّر عن تقديره لهذا الجهد الوطني الذي يعكس إدراكا عميقا لتشابك قضايا الأمن والتنمية، يؤكد على ضرورة أن تتحول توصيات المنتدى إلى برامج تنفيذية تُترجم إلى مشروعات في مجالات البنية التحتية، والطاقة، والمياه، والزراعة، والتعليم، والحوكمة الرشيدة، والرقمنة، بما يحقق الاندماج الاقتصادي بين دول القارة ويجعل من إفريقيا قارة الفرص لا قارة الأزمات.
كما يدعو الحزب إلى تعزيز التنسيق بين الحكومات الإفريقية وهيئات المجتمع المدني والأحزاب للعمل المشترك نحو مجتمعات ما بعد الصراع، حتى لا يبقى السلام حبرًا على الورق، بل واقعا يُترجم في حياة الناس.
كما أن حزب الوعي يضع كامل دعمه السياسي والمعنوي وراء هذا الحدث، ويرى فيه امتدادا طبيعيا لرؤية الدولة المصرية في بناء شراكات إفريقية قائمة على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة، ويعتبر المنتدى لحظة تذكير بأن التنمية ليست رفاهية بل حقا مقدسا، وأن السلام ليس غياب الحرب بل حضور العدل، وأن القارة الإفريقية، بما تملكه من موارد وشباب وإرادة، قادرة على أن تكتب سطور نهضتها بيدها.