فاز الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار الأسبق، بمنصب المدير العام الجديد لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ممثلًا عن مصر والعرب وإفريقيا، وذلك بعد تصويت المجلس التنفيذي في دورته الـ222 المنعقدة بالعاصمة الفرنسية باريس، ليتفوق على منافسه الكونغولي فيرمين إدوار ماتوكو، ويصبح المدير العام الثاني عشر في تاريخ المنظمة منذ تأسيسها عام 1945.
وجاء انتخاب العناني تأكيدًا لدعم مصر المتواصل لقضايا الثقافة والتعليم وحماية التراث، وترسيخًا لدورها الريادي في الساحة الدولية، بعد أن خاض معركة انتخابية قوية مدعومة من الدول العربية والأفريقية والعديد من الدول الأوروبية والآسيوية.
من القاهرة إلى باريس.. مسيرة عالم مصريات قادته للمنصب الأممي
وُلد الدكتور خالد العناني عام 1971 بمحافظة الجيزة، وتخرج في كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان، حيث حصل على بكالوريوس الإرشاد السياحي، ثم ماجستير الآثار المصرية، قبل أن ينال درجة الدكتوراه في علم المصريات من جامعة بول فاليري مونبلييه 3 بفرنسا.
عمل أستاذًا لعلم المصريات بجامعة حلوان، ودرّس الحضارة والكتابة المصرية القديمة ومنهجية البحث العلمي. تولّى عددًا من المناصب الأكاديمية والإدارية منها: مدير مركز التعليم المفتوح بجامعة حلوان، رئيس قسم الإرشاد السياحي، ووكيل كلية السياحة والفنادق، عضو مجالس أمناء الجامعة الفرنسية في مصر وعدد من الجامعات المصرية، أستاذ زائر بجامعة بول فاليري الفرنسية في ثماني فترات ما بين 2006 و2023، كما شغل منصب وزير الآثار عام 2016، ثم أصبح أول من يجمع بين حقيبتي السياحة والآثار بعد دمج الوزارتين عام 2019، واستمر في المنصب حتى أغسطس 2022.
إنجازات خالد العناني في وزارة السياحة والآثار
خلال فترة توليه الوزارة، شهدت مصر نهضة أثرية وسياحية غير مسبوقة، أبرزها: افتتاح المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، واستقبال موكب المومياوات الملكية الذي أبهر العالم، افتتاح متاحف الغردقة، وشرم الشيخ، وكفر الشيخ، والمركبات الملكية بالقاهرة، ترميم وإحياء مواقع أثرية كبرى، منها المعبد اليهودي إلياهو هانبي بالإسكندرية، وقصر البارون إمبان، وهرم زوسر والمقبرة الجنوبية بسقارة، والمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية، تطوير منطقة أهرامات الجيزة وتحسين الخدمات بالمواقع الأثرية والسياحية في مختلف المحافظات.
كما أطلق مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة، حيث تم تطوير مواقع أثرية في محافظات الغربية وكفر الشيخ والشرقية، إضافة إلى مبادرات دولية لحماية التراث الثقافي، من أبرزها الدعوة لتخصيص يوم عالمي لمكافحة الاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية، ودعم استرداد الممتلكات المنهوبة من إفريقيا.
اليونسكو.. منظمة تقود ثقافة العالم
تُعد منظمة اليونسكو إحدى أهم الوكالات التابعة للأمم المتحدة، وتُعنى بتعزيز التعليم والثقافة والعلوم وحماية التراث الإنساني العالمي.
ويُنتخب المدير العام للمنظمة كل أربع سنوات من قبل المؤتمر العام، الذي يجتمع بعد تصويت المجلس التنفيذي، ليقود الأمانة العامة ويحوّل قرارات الدول الأعضاء إلى سياسات ومبادرات دولية.
لمحة عن أبرز من تولوا قيادة اليونسكو منذ تأسيسها
منذ تأسيسها عام 1945، قاد المنظمة 11 مديرًا عامًا من مختلف القارات، كان أولهم البريطاني جوليان هكسلي (1946–1948)، عالم الحيوان والفيلسوف الذي وضع الأسس الفكرية الأولى للمنظمة.
تلاه المكسيكي خايمي توريس بوديت (1948–1952)، ثم الأمريكي جون دبليو تايلور بالإنابة (1952–1953)، وبعده لوثر إيفانز (1953–1958).
وفي الخمسينيات والستينيات، تولّى الإيطالي فيتورينو فيرونيزي (1958–1961) ثم الفرنسي رينيه ماهيو (1962–1974).
وفي عام 1974، أصبح السنغالي أمادو مهتار مبو أول إفريقي يتولى المنصب واستمر حتى 1987، تلاه الإسباني فيديريكو مايور (1987–1999)، ثم الياباني كويشيرو ماتسورا (1999–2009)، فـ إيرينا بوكوفا من بلغاريا (2009–2017)، وأخيرًا الفرنسية أودري أزولاي (2017–2025) التي أنهت ولايتها الثانية هذا العام.
واليوم، يكتب الدكتور خالد العناني فصلًا جديدًا في تاريخ المنظمة كأول عربي ومصري يتولى قيادتها، حاملًا رؤية تقوم على حماية التراث وتعزيز الحوار الثقافي ودعم التعليم والابتكار العلمي عالميًا.
يُعد هذا الفوز إنجازًا دبلوماسيًا وثقافيًا كبيرًا لمصر، إذ يرسّخ حضورها الفاعل في المحافل الدولية، ويؤكد مكانتها كدولة قادرة على قيادة الحوار الحضاري العالمي من موقع الريادة التاريخية والثقافية.
فى السياق ذاته، تقدم السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بخالص التهنئة للدكتور خالد العناني بمناسبة فوزه الكاسح في انتخابات المجلس التنفيذي لليونسكو وحصوله على 55 من أصل 57 صوتا، وانتخابه مديرًا عامًا للمنظمة، في إنجاز تاريخي يُضاف إلى سجل مصر الدبلوماسي والثقافي والى إنجازات الشعوب العربية والأفريقية.
وقال الرئيس السيسى، عبر حساباته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعى، إن هذا الفوز المستحق يُجسد مكانة مصر الحضارية، ويؤكد قدرة أبنائها على القيادة في المحافل الدولية، ويعكس ثقة العالم في الكفاءات المصرية التي تجمع بين العلم والخبرة والتفانى.
وأضاف الرئيس السيسى:"كل التوفيق للدكتور العناني في مهمته النبيلة، ونحن على ثقة بأنه سيُسهم في تعزيز الحوار الثقافي وحماية التراث الإنساني، بما يليق بحضارة مصر و الحضارات الإنسانية العريقة".
بدوره، هنأ الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، المرشح المصري الدكتور خالد العناني، بفوزه بمنصب المدير العام الجديد لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، بعد تصويت المجلس التنفيذي للمنظمة مساء اليوم بمقرها في العاصمة الفرنسية باريس.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن هذا الفوز التاريخي يُمثل نصراً جديداً لمصر في مُعترك المُنظمات الأممية الدولية، وبرهانا جديدا على الثقة الكبيرة في قدرة الخبرات الوطنية وسط الدوائر العربية والإقليمية والدولية، واليقين في قدرتها على إحراز الإنجازات وتحقيق الفارق.
وأعرب رئيس الوزراء عن خالص أمنياته القلبية لزميله الدكتور خالد العناني بالتوفيق في مهام منصبه الأممي الرفيع، مؤكداً أنه يكلل مسيرته الوطنية المُشرفة في مختلف الأدوار والمسئوليات التي تولاها واضطلع بها بضمير وطني، وقلبٍ مخلص، وعقل واعٍ مستنير، لعل آخرها مهمته وزيراً سابقاً للسياحة والآثار في مصر، البلد الذي يمثل أيقونة خالدة لا يخفت بريقها في مسيرة الحضارة والتراث الإنساني، حيث حقق خلال هذه المهمة إنجازات واضحة، وترك بصمات ملموسة.
وعبر الدكتور مصطفى مدبولي عن ثقته البالغة في أن تولي الدكتور خالد العناني مسئولية هذه المُنظمة الأممية الرفيعة، سيمثل نقطة مضيئة وعلامة فارقة في مسيرتها ودورها الإنساني، سعياً لتحقيق أهدافها في حماية التراث الإنساني وصونه، وتعزيز محاور التنمية المستدامة انطلاقاً من رعاية الإنسان ودعم حقوقه في الحياة والتعلم والمعرفة، إلى جانب تكريس الحق في المعرفة وحماية حقوق الوعي والإبداع في العالم أجمع.
وقال مدبولى: زاملت الدكتور خالد العنانى على مدى سنوات طويلة، كان فيها نموذجا للمسئول، الذى يؤدي عمله بحرفية وإتقان، وراهنّا عليه فى اقتناص هذا المنصب الرفيع، ومصر كسبت الرهان، والمنظمة الدولية كسبت مديرا يليق بمكانتها.
ووجه رئيس الوزراء الشكر لجميع فرق العمل وأعضاء الحملة الانتخابية التى ساندت مرشحنا المصري، وخصّ بالذكر رجال الدبلوماسية المصرية، الذين بذلوا جهدا غير مسبوق فى سبيل تحقيق هذا الهدف.