الإثنين، 22 سبتمبر 2025 03:11 م

إحسان السيد تكتب.. رسائل الرئيس فى الاعتراض التاريخى على قانون الإجراءات الجنائية.. رفض صلاحيات تنفيذية للسلطة وأعاد القانون لمزيد من الحريات.. وقدم درسًا فى التعامل الحكيم مع التأييد والمعارضة

إحسان السيد تكتب.. رسائل الرئيس فى الاعتراض التاريخى على قانون الإجراءات الجنائية.. رفض صلاحيات تنفيذية للسلطة وأعاد القانون لمزيد من الحريات.. وقدم درسًا فى التعامل الحكيم مع التأييد والمعارضة الرئيس عبد الفتاح السيسي
الإثنين، 22 سبتمبر 2025 12:00 م
بعد الواحدة ظهرًا بدقائق معدودة، فى نهار التاسع والعشرين من شهر إبريل الماضى، جاءت الموافقة النهائية لمجلس النواب على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وقوفًا، فى مشهد عكس حجم التوافق داخل قبة البرلمان على واحد من أهم القوانين المرتبطة مباشرة بحقوق المواطنين وضمانات المحاكمات العادلة.. هذا القانون، الذى استغرق إعداده سنوات طويلة.
 
ومساء أمس، جاء الاعتراض الرئاسى على مشروع القانون، بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسى برده لمجلس النواب مرة أخرى، عقب ورود العديد من المناشدات لرئيس الجمهورية، تطالبه بإعادة النظر فى بعض مواده التى أثارت جدلًا واسعًا داخل القاعات وخارجها.. ليضع الرئيس السيسى النقطة الحاسمة وفتح الباب لمراجعة أكثر شمولًا لمواد القانون.
 
وما بين هذين التاريخين، ربما تكون قد صادفت، أو قرأت، أو استمعت، لجدل واسع حول مواد القانون والاعتراضات التى دارت حوله، سواء خلال الاجتماعات المتواصلة التى امتدت لما يقارب خمسين شهرًا أثناء عمل اللجنة الفرعية لإعداد المشروع، أو خلال الجلسات العامة لمجلس النواب، أو حتى فى النقاشات العامة بين المهتمين بالشأن القانونى والسياسي.. وهنا برزت أصوات أحزاب المعارضة وهيئاتها البرلمانية التى أعلنت رفضها القاطع لبعض مواد القانون، مؤكدة أنه يحتاج إلى مزيد من الوقت والدراسة نظرًا لأهميته الكبيرة، وارتباطه الوثيق بحقوق المواطنين وحرياتهم، ولأن المصريين يستحقون الأفضل دائمًا فى القوانين التى تمس حياتهم اليومية.
 
فى المقابل، كان المؤيدون يرون فى القانون ثورة تشريعية حقيقية، تؤسس لجمهورية جديدة قادرة على التعامل مع التحديات الحديثة، وتفتح آفاقًا لتطوير منظومة العدالة فى مصر.
 
وانتهى الأمر حينها بالموافقة النهائية على مشروع القانون، وسط حالة من الحسم بدت وكأنها طوت صفحة الجدل المصاحب لمشروع القانون.
 
لكن هذا الحسم لم يكن نهاية المطاف، فقد عاد المشهد إلى نقطة مراجعة جديدة بقرار تاريخى من الرئيس عبد الفتاح السيسي.. قرار يمكن اعتباره حجر الزاوية فى مفهوم التشريع، ليؤكد أن الهدف الأسمى هو أن يكون مشروع القانون متوازن ومحكم، وأن يكون قابل للتطبيق دون إخلال بالحقوق أو تضييق على الحريات، وكذلك تعزيز مبادئ العدالة الناجزة.
 
الاعتراض التاريخى للرئيس برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، يحمل بين سطوره رسائل متعددة.
 
فى قرار الرئيس، تأكيد بأن الجمهورية الجديدة لا تقوم على شعار الرأى الواحد، وإنما تعلى من قيمة الرأى الآخر، وتفتح المجال أمام التعددية والتنوع، وهو ما يتسق مع ما أعلنه الرئيس فى الحوار الوطنى قبل سنوات حين أكد أن "الخلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية"، لتتحول هذه العبارة إلى رؤية مستدامة فى الحياة السياسية.
 
فى قرار الرئيس، برهانا بحكمته المعهودة، فى التعامل مع الرأى الآخر، فأكد أن الرأى الآخر "مسموع" ويؤخذ به، وأن الاكتفاء بتأييد الأغلبية لا يكفى إذا لم تتحقق معايير العدالة والوضوح فى التطبيق.
 
فى قرار الرئيس، درسًا فى التعامل الحكيم مع الأغلبية، حيث أثبت أن الانحياز الحقيقى لا يكون للأرقام أو نسب التصويت، وإنما لمصلحة للوطن والمواطن، وأن قوة الدولة تُقاس بقدرتها على احترام القانون وتطويره بما يحقق التوازن الدقيق بين حماية المجتمع وضمان الحقوق والحريات.
 
فى هذا القرار، يثبت الرئيس السيسى أنه لا يسعى إلى توسيع صلاحيات السلطة التنفيذية على حساب الحقوق، بل على العكس، يضع فى مقدمة أولوياته تعزيز الضمانات الدستورية وصون كرامة المواطن. 
 
فى هذا القرار، انعكاس للجمهورية الجديدة التى أرسى الرئيس عبد الفتاح السيسى، قواعدها.. جمهورية فلسفتها: عدالة متوازنة،حقوق مصانة، وقوانين راسخة.

الأكثر قراءة



print