في مشهد يعكس بوضوح عجز المنظومة الدولية عن القيام بدورها في حماية الشعوب وصون السلم العالمي، فجرت الولايات المتحدة الأمريكية موجة واسعة من الغضب بعد استخدامها حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي لإسقاط مشروع قرار يطالب بوقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة.
قرار واشنطن الذي عارض إرادة 14 عضواً من أصل 15، جاء ليؤكد مجدداً انحيازها الأعمى لإسرائيل، وليمنح غطاءً سياسياً مباشراً للجرائم المروعة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين، في وقت تجاوز فيه عدد الشهداء عشرات الآلاف، وغرقت غزة في مجاعة ممنهجة وحصار خانق.
وفي هذا السياق أكد عدد من السياسيين أن هذه الخطوة أسقطت ما تبقى من الشرعية الأخلاقية للنظام الدولي، الأمر الذي يتطلب إصلاح مجلس الأمن وإلغاء آلية الفيتو.
فيتو واشنطن دعم علني للجرائم الإسرائيلية .. ويعكس عجز المنظومة الدولية عن تحقيق العدالة
ومن جانبه أدان الدكتور أيمن محسب، وكيل لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، بشدة استخدام الولايات المتحدة لحق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، معتبرا أن هذه الخطوة تمثل غطاء سياسيا مباشرا لجرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر 2023.
وقال "محسب" ، إن الموقف الأمريكي لم يعد مفاجئا، إذ اعتادت واشنطن منذ عقود استخدام الفيتو لحماية إسرائيل من المساءلة الدولية، لكن الخطورة المتزايدة اليوم تكمن في حجم الكارثة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون، حيث تجاوز عدد الشهداء 65 ألفا والجرحى 165 ألفا معظمهم من الأطفال والنساء، فضلا عن المجاعة الممنهجة التي أزهقت أرواح مئات المدنيين، مؤكدا أن الاستمرار في تعطيل قرارات مجلس الأمن يفضح ازدواجية المعايير الدولية ويضرب مصداقية المنظمة الأممية في مقتل.
وأشار وكيل لجنة الشئون العربية، إلى أن الولايات المتحدة اختارت مرة أخرى الانحياز الأعمى لإسرائيل، رغم أن العالم كله يشهد جرائمها المروعة من قتل جماعي وتهجير قسري وقصف مستمر للبنية التحتية والمستشفيات والمدارس، لافتا إلى أن واشنطن لم تكتفِ بحماية إسرائيل في غزة، بل تغطي أيضا جرائمها في لبنان وسوريا واليمن، ومحاولاتها الأخيرة لاستهداف قيادات المقاومة الفلسطينية في قطر.
وشدد "محسب" ، على أن الموقف الأمريكي يتناقض كليا مع ما تنادي به واشنطن حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، قائلا :"إصرار الولايات المتحدة على استخدام الفيتو يضعها في مواجهة ضمير الإنسانية جمعاء، ويثبت أنها جزء من المشكلة وليست طرفاً في أي حل".
ونوه إلى أن هذا الموقف وعجز مجلس الأمن عن إصدار قرار بوقف الحرب يعكس صحة الموقف المصري حيث كانت مصر ولا تزال في طليعة الدول التي تنادي بإصلاح مجلس الأمن وإلغاء آلية الفيتو التي تحولت إلى أداة لعرقلة العدالة الدولية، مشيرا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي طرح مرارا رؤية واضحة لإصلاح منظومة العمل الدولي بما يضمن تكافؤ الفرص بين الدول ويعيد الاعتبار للشرعية الدولية.
وأكد الدكتور أيمن محسب ، أنه لا استقرار في الشرق الأوسط دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مشيراً إلى أن أي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية أو فرض حلول الأمر الواقع لن تقود سوى إلى مزيد من التصعيد والانفجار، وهو ما ستدفع ثمنه شعوب المنطقة بأكملها، وسيمتد أثره إلى استقرار وأمن العالم كله.
وشدد "محسب" ، على أن الموقف الأمريكي المنحاز لإسرائيل لن يثني مصر ولا الدول العربية عن مواصلة دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، داعيا المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف نزيف الدم وإجبار إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي، قائلا:" التاريخ سيسجل هذه اللحظة كاختبار حقيقي لمصداقية الأمم المتحدة ولإرادة العالم في مواجهة الظلم والعدوان."
الفيتو الأمريكي غطاء سياسي لجرائم الإبادة الإسرائيلية.. ورؤية مصر لإصلاح مجلس الأمن أصبحت ضرورة مُلحة
وفي ذات الصدد، انتقد المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ، الموقف الأمريكي الأخير في مجلس الأمن الدولي بعد استخدام واشنطن حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدا أن هذا السلوك لم يعد مجرد انحياز لإسرائيل، بل يمثل غطاء سياسيا صريحا للجرائم الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، والتي وصلت إلى مستوى الإبادة الجماعية.
وقال "الجندي" ، إن الولايات المتحدة تُصر على حماية إسرائيل من أي مساءلة دولية، ضاربة بعرض الحائط كل القوانين والمواثيق الدولية، ومتحملة بذلك المسؤولية الأخلاقية والسياسية المباشرة عن الدماء التي تسفك يوميا في غزة، وعن معاناة المدنيين العزل الذين يواجهون المجازر والمجاعة، موضحا أن استمرار الفيتو الأمريكي، للمرة الثالثة خلال أشهر قليلة، يكشف عن ازدواجية المعايير ويضعف مصداقية المنظومة الأممية برمتها، بل ويعطل أي تحرك دولي جاد لإنهاء العدوان ووقف نزيف الدماء.
وأكد عضو مجلس الشيوخ، أن رؤية مصر التي شدد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من محفل دولي، بشأن ضرورة إصلاح مجلس الأمن باتت أمرا لا يحتمل التأجيل، موضحا أن استمرار سيطرة قوى بعينها على قرارات المجلس يقوض العدالة الدولية ويحول دون قيام الأمم المتحدة بالدور المنوط بها في حماية السلم والأمن الدوليين.
وشدد المهندس حازم الجندي، على أن مفتاح استقرار الشرق الأوسط هو إيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، يقوم على إقامة دولة مستقلة على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية، مؤكداً أن تجاهل هذه الحقيقة، والسعي لفرض المخططات الإسرائيلية بالقوة، سيقود المنطقة إلى مزيد من الانفجار والعنف، وهو ما ستتحمل تبعاته ليس فقط شعوب المنطقة بل المجتمع الدولي بأسره، مؤكدا أن السياسات الأمريكية الحالية تدفع المنطقة نحو الهاوية، وهو ما يجعلها جزءا من الأزمة بدلاً من أن تكون جزءا من الحل.
الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن يسقط الشرعية الأخلاقية للنظام الدولي
كما استنكر حزب الوعي استخدام الولايات المتحدة الأمريكية، حق النقض (الفيتو) لإسقاط مشروع قرار لجلس الأمن الدولي بشأن غزة، مشيرًا إلى أنه لم يكن مجرد إجراء دبلوماسي تقليدي، بل كان إعلاناً صارخاً عن اصطفاف استراتيجي ينزع عن واشنطن ما تبقى من أقنعة الإنسانية، ويكشف أن خطابها المتخم بالشعارات الحقوقية لم يكن سوى قناع يتوارى خلفه حسابات ضيقة ومصالح مصلحية فردية ممنهجة.
وكان مشروع القرار سيطالب بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة، ويدعو إلى رفع جميع القيود المفروضة على إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني، وقد نصّ المشروع كذلك على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن المحتجزين لدى حركة "حماس" وفصائل أخرى، ولفت الحزب إلى أنه رغم حصول المشروع حصل على دعم 14 عضواً من أصل 15، إلا أن الرفض الأمريكي بالفيتو أطاح به، لتكون تلك المرة السادسة التي تستخدم فيها الولايات المتحدة هذا الحق خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة أو في غيره من الأراضي المحتلة.
واعتبر الحزب أن ذلك جاء في الوقت الذي تجاوز فيه عدد الشهداء 70 ألفاً غالبيتهم من النساء والأطفال وتحول ملايين الفلسطينيين إلى أسرى للجوع والمرض والحصار، ليتعطل مجلس الأمن بفعل فاعل، ويتحول من منصة لحفظ السلم العالمي إلى شاهد صامت على جريمة مكتملة الأركان، تتحمل وزرها كل الأطراف المتواطئة بالصمت أو الانحياز.
ورأى "حزب الوعي" أن الفيتو الأمريكي لم يسقط مشروع قرار فحسب، بل أسقط معه ما تبقى من شرعية أخلاقية للنظام الدولي، كاشفاً عن خلل هيكلي يضرب جذور منظومة الأمم المتحدة، متسائلًا " فأي عدالة هذه التي تُكبل بأداة واحدة استُخدمت أكثر من خمس وأربعين مرة منذ سبعينيات القرن الماضي لحماية الاحتلال؟ وأي مجلس أمن هذا الذي يُدار بمنطق الانتقائية، فيستحضر الضمير حيثما اقتضت المصلحة، ويغيب حيثما وجب أن يعلو صوت الحق؟".
وقال حزب العدل إن ما جرى لا يمكن اعتباره حدثاً عابراً في سجلات الأمم المتحدة، بل هو محطة فارقة تؤشر إلى لحظة مصير تاريخي حاسمة: إما استمرار الخضوع لمنظومة فقدت بوصلتها، أو الانطلاق نحو إعادة هندسة قواعد اللعبة الدولية بما يعيد الاعتبار للشعوب وحقوقها الأصيلة، منوها بأن مسؤولية العرب والأفارقة وسائر الشعوب المقهورة، ومعهم قوى الجنوب العالمي، تقتضي تجاوز منطق الترقب والانتظار، والمبادرة إلى بناء تحالفات موازية تفرض وزناً موازياً ينهي فجوة الانحياز ويقاوم استباحة الحق.
ويؤكد "حزب الوعي" أن مصر بما تمتلكه من رصيد تاريخي ومكانة محورية، ستبقى حجر الزاوية في أي تحرك جاد لمواجهة هذا الانحراف الأممي، عبر أدواتها الدبلوماسية وقدرتها على جمع الصفوف، ورؤيتها الممتدة في محيطها العربي والإفريقي، موضحا أن اللحظة الراهنة ليست اختباراً لشعارات القول بقدر ما هي قياس لإرادة الفعل، وقدرة القوى الدولية على تحويل الغضب والشعور بالظلم إلى فعل ملموس، والصوت العادل إلى أداة ضغط تُعيد الاعتبار للإنسان الفلسطيني في مواجهة آلة الإفناء الصهيونية.
وشدد "حزب الوعي" على رفضه وإدانته لهذا الفيتو الأمريكي، فإنه يرى أن ما حدث يمثل اعترافاً دولياً غير معلن بأن فلسطين ليست قضية إقليمية محدودة، بل جرح دولي مستدام يطال ما تبقي من الضمير الإنساني العالمي، وسيسجل التاريخ أن الفيتو الأمريكي الأخير لم يسقط القرار الأممي وحده، بل أسقط معه أحد الأقنعة الزائفة التي طالما تخفّت وراءها القوة العظمى، كاشفاً وجهها الحقيقي وقد انحاز بلا مواربة إلى صف الاحتلال، تاركاً الإنسانية تُغتال معلناََ انتهاء زمن الادعاءات الوهمية وافتضاح مرحلة الأقنعة.
الحرب على غزة تخطت أي منطق عسكري أو سياسي
وأكد حزب المستقلين الجدد إدانته لما تقوم به إسرائيل من اجتياح بري كامل لمدينة غزة تحت قصف بري وجوي يسقط معه الشهداء والضحايا المدنيون من الأطفال والنساء بلا جريرة ولا ذنب.
وأكد الدكتور هشام عناني أن صور الجريمة تكتمل وتتضح المؤامرة من تصريحات سموتريتش بأن غزة غنيمة عقارية ستُقتسم مع أمريكا، وهو ما يتسق مع التصريحات الإسرائيلية بأنهم ينفذون مخطط الرئيس ترامب تحت مسمى "ريفيرا غزة"، وهو ما يفسر ما قامت وتقوم به الولايات المتحدة الأمريكية بمساندة كاملة وغطاء لما تقوم به إسرائيل من جرائم إبادة تتعارض مع كل القوانين والأعراف الدولية.
وأضاف عناني أن الفيتو الأمريكي على قرار مجلس الأمن بوقف الحرب على غزة يفضح السيناريو الأمريكي ونواياه نحو وقف الحرب، خاصة أن التصريحات الأمريكية الأخيرة تشير إلى وجود شك في اعتراف أمريكا بدولة للفلسطينيين.
وشدد عناني على أن الحرب على غزة تخطت أي منطق عسكري أو سياسي وحتى مبرر تحرير الرهائن، الذي يتم تسويقه للداخل الإسرائيلي، وتفضحه الممارسات العسكرية الوحشية الممنهجة ضد غزة.
ويؤكد الحزب أن الموقف المصري ما زال وسيظل حائط صد أمام تنفيذ مخططات تصفية القضية والتهجير القسري، وهو الأمر الذي يدعونا إلى أن نكمل ما بدأناه من اصطفاف شعبي وحزبي وسياسي حول القيادة المصرية التي لم تألُ جهداً في مساندة صمود الشعب الفلسطيني والمحافظة على قضيته وحقوقه.