الأربعاء، 10 سبتمبر 2025 09:54 م

جرائم بلا حدود.. مركز إسرائيلى يكشف منع الاحتلال علاج وإعادة تأهيل 100 طفل مبتورى الأطراف.. الصحة العالمية: أكثر من 15,000 شخص مصابون في أطرافهم يعيشون محنة جسدية ونفسية بعد إجراء جراحات بتر دون تخدير أو مسكنات

جرائم بلا حدود.. مركز إسرائيلى يكشف منع الاحتلال علاج وإعادة تأهيل 100 طفل مبتورى الأطراف.. الصحة العالمية: أكثر من 15,000 شخص مصابون في أطرافهم يعيشون محنة جسدية ونفسية بعد إجراء جراحات بتر دون تخدير أو مسكنات غزة
الأربعاء، 10 سبتمبر 2025 05:00 م
كتبت : منة الله حمدى
 
 
مركز حقوقى إسرائيلي يكشف منع الاحتلال علاج وإعادة تأهيل 100 طفل مبتوري الأطراف.. الصحة العالمية: أكثر من 15,000 شخص مصابون في أطرافهم يعيشون محنة شديدة جسديًا ونفسيًا بعد إجراء جراحات بتر دون تخدير أو مسكنات
 
 
أصدر بتسليم مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة تقريرًا عن الانتهاكات الإسرائيلية ومع العلاج عن آلاف الجرحى من مبتورى الأطراف داخل قطاع غزة جراء الحرب، فمنذ أن بدأت إسرائيل حربها المدمرة على قطاع غزة وحتى مايو 2025، أُصيب في الهجمات الإسرائيلية ما يزيد عن 100,000 شخص، غالبيتهم العظمى من المدنيين. بالإضافة إلى الأضرار الجسيمة التي ألحقتها بالمدنيين، تشنّ إسرائيل هجومًا مباشرًا ومنهجًيا ضد مختلف البنية التحتية الصحية في قطاع غزة، متجاهلةً الحماية الخاصة التي يمنحها القانون الدولي للمستشفيات والطواقم الطبية والجرحى والمرضى.

 

وأوضح التقرير، بيان تعميم نشرته جمعية "أطباء لحقوق الإنسان" في مارس 2025 بأنه في أعقاب الهجمات والحصار الذي فرضته إسرائيل، انهارت المنظومة الصحية في القطاع بشكل كامل، تقريبًا. كما أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن 17 فقط من أصل 36 مستشفى في القطاع لا تزال تعمل حاليًا، لكن جميعها بشكل جزئي للغاية. من بين 3,560 سريرًا استشفائيًا كانت تضمّها المستشفيات قبل الحرب، لم يتبق اليوم سوى 1,685 سريرًا. من بين 105 غرف عمليات، لم يتبق سوى 45 غرفة، وهناك نقص في حوالي 87% من المعدات اللازمة لجراحة العظام. في ظل هذه الظروف، لا تستطيع الطواقم الطبية تقديم العلاجات اللازمة للمرضى والجرحى.
 
وأفادت جمعية أطباء لحقوق الإنسان، في بيانها الذى أوضحه تقرير مركز "بتسليم" لحقوق الإنسان، بأنه على الرغم من تدمير المنظومة الصحية في القطاع، إلا أنّ إسرائيل تمنع الغالبية الساحقة من المرضى والجرحى من الخروج لتلقي العلاجات الطبية في الضفة الغربية أو في دول ثالثة. منذ إغلاق معبر رفح في مايو 2024 وحتى وقف إطلاق النار المؤقت في 19 يناير 2025، تم إجلاء 450 مُصابًا فقط من القطاع. وخلال وقف إطلاق النار، الذي انتهكته إسرائيل في 18 مارس 2025، تم إجلاء حوالي 1,680 مُصابًا إضافيًا من القطاع، جميعهم عبر معبر رفح، باستثناء ثمانية منهم عبر معبر كرم أبو سالم. منذ ذلك الحين، وعلى مدار أكثر من ثلاثة أشهر، تم إجلاء حوالي 280 مُصابًا فقط. في القوت الحالي، ثمة في القطاع نحو 14,380 مُصابًا بحاجة إلى علاج طبي عاجل غير متوفر في القطاع. وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن 513 مُصابًا، على الأقل، قد توفوا خلال انتظارهم الحصول على تصريح للخروج بغرض تلقي العلاج الطبي.
 
غياب العلاج والتأهيل الملائمين لمصابي ومبتوري الأطراف
وأضاف التقرير أنه في شهر ديسمبر 2025، أفادت منظمة اليونيسف بأن عدد الأطفال مبتوري الأطراف في القطاع هو الأكبر في العالم، نسبة إلى عدد السكان. وفقًا لتقرير نشرته منظمة الصحة العالمية (WHO) في شهر مايو 2025 أُصيب أكثر من 15,000 شخص في أطرافهم ـ وهو نوع الإصابة الأكثر شيوعًا في الحرب الحالية ـ وأكثر من 2,000 شخص تعرضوا لإصابات في العمود الفقري أو عانوا من أضرار دماغية رضّيّة. ووفقًا لبيانات قدمتها وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة لـجمعية "أطباء لحقوق الإنسان"، فقد اضطر أكثر من 4,700 شخص للخضوع لعمليات بتر أعضاء، من بينهم أكثر من 940 طفلاً وحوالي 370 امرأة.
 
وتابع بتسليم مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، أنه وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية، حتى مايو 2025، كان رُبعٌ، على الأقل، من الجرحى الذين زاد عددهم عن 116,000 شخص في قطاع غزة، بحاجة إلى علاج تأهيلي متواصل، لكن معظم خدمات إعادة التأهيل توقفت عن العمل بسبب القصف والحصار والتدمير المتعمد للبنى التحتية الصحية. وتعمل خدمات إعادة التأهيل حاليًا في ثلاثة مستشفيات فقط في القطاع: "مستشفى الوفاء" في حي الشجاعية في مدينة غزة، و"مستشفى حمد لإعادة التأهيل"، في شمال مخيم الشاطئ للاجئين في مدينة غزة، و"مستشفى الأمل" في مدينة خان يونس. وتعاني مراكز إعادة التأهيل هذه من حالة انهيار تحت العبء وتواجه قوائم انتظار تضمّ مئات المصابين، إضافة إلى تقصير أيام الاستشفاء، خلافًا لتوصيات الأطباء، وحالة الاستنزاف التي تعاني منها الطواقم التي تُركت بدون معدات أساسية، مثل طاولات العلاج وأجهزة الحركة والأطراف الصناعية والضمادات.
 
وفقًا للتقرير، تُرك عشرات آلاف الجرحى ومبتوري الأطراف بدون علاج ملائم، كما يتم تسريح العديد من الجرحى للعودة إلى الحياة في ظروف مستحيلة، سواء في الخيام أو المباني المدمرة أو الملاجئ المؤقتة، دون الحصول على المياه والكهرباء والأدوية بشكل كافٍ، ودون مرافقة عائلية في كثير من الأحيان. وتزيد هذه الظروف من تفاقم حالتهم وتؤدي إلى مضاعفات طبية لا يمكن إصلاحها.
 
 
تقرير أطباء بلا حدود نجرى حراجات بتر دون تخدير 
وأشار تقرير" بتسليم"أن معلومات نشرتها منظمة "أطباء بلا حدود" (MSF)، أن الأطباء أبلغوا عن نقص حاد في مسكّنات الأوجاع مما يؤدي إلى إجراء عمليات بتر أعضاء من دون تخدير، بما في ذلك في حالات الأطفال. وروى أطباء عن عمليات بتر أعضاء أُجريت في ظروف غير صحية، دون معدات ملائمة لإجراء العمليات الجراحية، بل خارج مناطق المستشفيات حتى، في بعض الحالات. وفي الحالات التي لم يكن من الممكن فيها الحصول على أدوية أساسية، مثل المضادات الحيوية، اضطر الأطباء إلى بتر أطراف المصابين لإنقاذ حيواتهم، بينما كان من الممكن تجنب البتر في الظروف العادية. ويتضح من تقرير منظمة الصحة العالمية أن حوالي 4,370 من البالغين والأطفال الذين بُترت أطرافهم خلال الحرب الحالية لا يزالون ينتظرون الحصول على معدات مُساعِدة، مثل العكاكيز أو الأطراف الصناعية، وأن 83% من الأشخاص الذين يعيشون مع إعاقة في قطاع غزة حاليًا فقدوا أجهزتهم المساعِدة ومعدات أساسية أخرى أثناء عمليات النزوح والتهجير. وقد توقفت الخدمات المجتمعية عن العمل بشكل شبه كامل والأشخاص ذوو المحدوديات الجسدية الدائمة ـ بمن فيهم الأطفال ذوو المحدوديات الجسدية المزمنة والأطفال المصابون بالشلل الدماغي ـ لا يتلقون اليوم أي علاج إطلاقًا، تقريبًا.
 
 
وفقًا للتقرير بتسليم مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، يحتاج العديد من مبتوري الأطراف الآن إلى تدخلات طبية غير متوفرة في القطاع، مثل جراحات ترميمية إضافية وتركيب أطراف صناعية. وهكذا يُترك الجرحى بدون علاج، بدون مساعدة وبدون أمل في الشفاء اللائق. وقد تمكن عدد قليل فقط من الجرحى من الخروج لتلقي العلاج خارج القطاع، في مصر بشكل أساسي، لكن هذا العلاج غالبًا ما يكون محدودًا جدًا ولا يمكنه تلبية احتياجاتهم.
 
يقرّ التقرير بأن القاصرين مبتوري الأطراف في القطاع يعيشون في محنة شديدة، جسديًا ونفسيًا. على الصعيد الجسدي، بعد تلقيهم علاجًا جزئيًا للغاية، إن حصل هذا أصلًا، يتم تسريحهم للعودة إلى الحياة في ظل ظروف غير لائقة لا تسمح بمتابعة العلاج واستمرايته. ووصفت منظمة هيومن رايتس ووتش المحنة النفسية الفريدة التي يعيشها الأطفال الجرحى وذوو الإعاقة في غزة منذ اندلاع الحرب.
 
 
ووفقًا للتقرير، يعاني الكثير من الاكتئاب والقلق واضطرابات النوم وأزمات نفسية أخرى، غالبًا ما تزيد في إضعاف قدرتهم على التعافي من الإصابات وتسبب لهم أضرارًا في النمو لا يمكن إصلاحها. وأصبحت خدمات الصحة النفسية ومنظومة الدعم النفسي- الاجتماعي، التي كانت إمكانيات الحصول عليها محدودة حتى قبل بدء الهجوم الحالي، أكثر ندرة منذ بداية الهجوم. وورد أيضًا أن هؤلاء الأطفال يعانون من القلق بسبب عدم قدرتهم على الهروب من القصف جرّاء إعاقتهم، إلى جانب الخوف من أن يتم التخلي عنهم في المرة القادمة التي تضطر فيها أسرهم إلى النزوح والقلق من أن حالتهم قد تعرّض بقية أفراد عائلاتهم إلى الخطر. ويقيم الكثير منهم في المستشفيات من دون مرافقين على الإطلاق، بعد أن فقدوا العديد من أفراد عائلاتهم.
 
يعيش في قطاع غزة اليوم أكثر من مئة ألف جريح ومعاق دون بنية تحتية طبية أو بشرية أو منظومية تستطيع أن تقدم لهم خدمات ملائمة لإعادة تأهيلهم. فقد أبقتهم السياسة الإسرائيلية المتعمّدة، التي تشمل الحصار والقصف والإهمال المتواصل ـ عاجزين في واقع لا يجدون فيه أي فرصة للشفاء.
 
 

 


الأكثر قراءة



print