يلتقى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره الروسى فلاديمير بوتين مساء اليوم، الجمعة، فى ولاية ألاسكا بأولويات مختلفة، فى سبيل إنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف فى أوكرانيا.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى" فى تقرير لها عن هذه قمة ترامب وبوتين، إن الرئيس الروسى متمسك برغبته فى الفوز بالأراضى الأوكرانية، بينما لم يخف الرئيس الأمريكى رغبته فى التصرف كصانع سلام عالمى. لكن كلا الرجلان ربما يريا فرصا أخرى، مثل إعادة تأهيل دبلوماسى على الساحة العالمية بالنسبة لروسيا. لكن يصعب التفكير فى أهداف أخرى لترامب، حيث أدلى مؤخراً بتصريحات متذبذبة حول نظيره الروسى.
ماذا يريد بوتين؟
ورصدت "بى بى سى" ما يمكن أن يريده كل زعيم من الآخر، وقالت إن بوتين يريد من هذه القمة شيئا حصل عليه بالفعل، وهو الاعتراف، الاعتراف من أمريكا بأن المحاولات الغربية لعزله قد باءت بالفشل. فحقيقة أن هذا الاجتماع رفيع المستوى يحدث هو إثبات لذلك، وكذلك المؤتمر الصحفى المشترك الذى أعلن عنه الكرملين. ويمكن لموسكو أن تجادل بأنها عادت إلى طاولة السياسة العالمية.
ولم يستطع بوتين تأمين قمة روسية أمريكية فقط، لكنه حصل على موقع متميز لها، فى ألاسكا، التى تعنى الكثير لروسيا. فألاسكا توفر الأمر، حيث أنها تبعد 90 كيلومتراً فقط عن الأراضى الروسية، ويمكن أن يصل بوتين إليها دون الحاجة للطيران فوق دول معادية.
كما أنها بعيدة تماماً عن أوروبا وأوكرانيا، وهو أمر جيد لروسيا فى ظل عزمها على تهميش كييف وقادة الاتحاد الأوروبى والتعامل بشكل مباشر مع أمريكا. وهناك الرمزية التاريخية أيضا، فحقيقة أن روسيا القيصرية بات ألاسكا لأمريكا فى القرن الـ19 تروج لها روسيا على أنها نموذج لإمكانية تغيير حدود الدول.
وتتابع بى بى سى قائلة إن بوتين تريد أكثر من الاعتراف، فهو يريد الانتصار، ويصر على أن تختفظ روسيا بكل الأرضى التى سيطرت عليها فى أربع مناطق أوكرانية، وأن تنسحب أوكرانيا من باقى هذه المناطق التى لا تزال تحت سيطرتها، وهو الأمر الذى ترفضه كييف.
ويدرك الكرملين هذا، لكنه لو حصل على دعم ترامب لمطالبه بالأراضى، فإن التقدير أن هذا الرفض من قبل أوكرانيا قد يسفر عن قطع ترامب لكل الدعم المقدم لكييف. بينما تتجه موسكو وواشنطن لتعزيز العلاقات وتطوير التعاون الثنائى.
وتشير بى بى سى إلى سيناريو آخر. ففى ظل الضغط الذى يتعرض له الاقتصاد الروسى، ربما يقدم الكرملين تنازلات لو ضغطت المشكلات الاقتصادية على بوتين لإنهاء الحرب. لكن حتى الآن، لا يوجد ما يشير إلى هذا، حيث تصر موسكو على أنها تمتلك زمام المبادرة فى أرض المعركة.
ترامب وفرصة لزعم تحقيق السلام
أما ترامب، فهى يسعى، بحسب بى بى سى، إلى فرصة يزعم فيها وجود تقدم نحو إحراز السلام. فبعد وعود بإنهاء الحرب سريعا، خلال حملته الرئاسية، ثم صدامه مع رئيس أوكرانيا زيلينسكى بالبيت الأبيض فى فبراير الماضى، تحول لانتقاد بوتين وفرض عقوبات على روسيا وهدد من يتعاون معها اقتصاديا. لكن يوم الجمعة الماضى، تراجع وأعلن استضافة بوتين على الأراضى الأمريكية وتحدث عن تبادل الأراضى، وهو ما يخشى الأوكرانيون أن يعنى تنازل عن الأرض مقابل السلام.
هذا الأسبوع، بذل ترامب جهودًا حثيثة لخفض سقف التوقعات بشأن هذا الاجتماع، ربما اعترافًا ضمنيًا بمحدودية احتمالات تحقيق انفراجة فى ظل وجود طرف واحد فقط فى الحرب.
يوم الاثنين، صرح ترامب بأن القمة ستكون اجتماعًا "استطلاعيًا". وأشار إلى أنه سيعرف ما إذا كان سيتمكن من التوصل إلى اتفاق مع الزعيم الروسى "ربما خلال الدقيقتين الأوليين". وأضاف: "قد أغادر وأتمنى له التوفيق، وستكون هذه هي النهاية. قد أقول إن هذا لن يُحسم".
يوم الثلاثاء، عززت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، هذه الرسالة، واصفةً القمة بأنها "جلسة استماع". ولكن بحلول منتصف الأسبوع، عادت ليفيت للحديث عن احتمالات التوصل إلى اتفاق، قائلة إنها تعتقد أن كلاً من زيلينسكي وبوتين يريدان السلام.
مع ترامب، من الأفضل غالبًا توقع ما هو غير متوقع، وفقا للتقرير. وقد تحدث زيلينسكي وقادة أوروبيون معه يوم الأربعاء في محاولة لضمان عدم إبرامه اتفاقًا مع بوتين لا تقبله أوكرانيا، أو لا تستطيع قبوله.
وترى "بى بى سى أن أى نقاش عما يريده ترامب خلال محادثاته مع بوتين، يصعب حسمه فى ظل تصريحات الرئيس الأمريكى وأفعاله المتذبذبة.
وخلصت إلى القول بأنه لو كانت هناك فرصة لترامب يزعم فيها إحراز التقدم نحو السلام فى ألاسكا، فإنه سينتهزها. وربما يسعة بوتين، المفاوض البارع دائما، إلى السماح لترامب بفعل ذلك لكن بشروط روسيا.