يُمثل المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية نموذجا متكاملا للتنمية المستدامة، حيث يجمع بين تمكين الإنسان، وتطوير البنية الاجتماعية، وتحسين جودة الخدمات، وتعزيز المشاركة الفاعلة في التنمية الشاملة، وذلك في إطار رؤية تنموية واضحة الأهداف تتمثل في رؤية "مصر 2030"، وبرنامج عمل الحكومة للفترة (2023/2024 - 2026/2027 ).
وتواصل الدولة التزامها بدعم هذا المشروع، لضمان مستقبل أفضل لكل أفراد الأسرة المصرية، وبما يتماشى مع طموحات الجمهورية الجديدة، حيث يعتمد المشروع في تنفيذ أنشطته على نهج تكاملي، يجمع بين التمكين الاقتصادي والاجتماعي، والتدخلات الصحية، والتعليمية، والثقافية، بما يعكس الالتزام الحكومي بتنفيذ إصلاحات هيكلية عادلة ومستدامة.
وفي هذا الصدد، سلطت وثيقة خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المقدمة من وزيرة التخطيط الدكتورة رانيا المشاط، ووافق عليها البرلمان بغرفتيه (مجلسي النواب، والشيوخ) علي عدد من الإنجازات المحققة، في مقدمتها بلوغ عدد المستفيدين من خدماته المختلفة حتى أكتوبر 2024 نحو 28 مليون مواطن ومواطنة، ما يعكس اتساع نطاق التغطية المجتمعية، مع التركيز على الفئات الأكثر احتياجا.
ويُلاحظ وفقا للبيانات التي كشفت خطة التنمية عنها، أن النساء يُشكلن النسبة الأكبر من المستفيدين، حيث بلغت نسبتهن 90%، مقارنة بـ 10% فقط من الذكور، ما يدل على تركيز المشروع على دعم وتمكين المرأة المصرية، باعتبارها محور أساسي للتنمية.
وقد تنوعت أوجه الاستفادة ضمن محاور المشروع المختلفة؛ حيث استحوذ محور التدخل الثقافي والتوعوي على النصيب الأكبر، بنسبة 66% من المستفيدين، من خلال تنفيذ حملات توعية شاملة حول القيم الأسرية، والممارسات الصحية السليمة، وقضايا الصحة الإنجابية.
وتشير خطة التنمية، إلي مساهمة محور التمكين الاقتصادي في دعم نحو 31.5% من إجمالي المستفيدين، عبر تقديم برامج تدريب مهني، ودعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، بما يساعد على تحسين مستويات المعيشة وتحقيق الاستقلال المالي للأسرة.
وتكاملا مع التدخلات الثقافية والاقتصادية، أولى المشروع إهتمام خاص بتعزيز البنية التحتية الداعمة للأسرة؛ حيث تم تشغيل عشرة مراكز لتنمية الأسرة بشكل تجريبي، واستلام ثلاثة مراكز إضافية تقدم خدمات الرعاية الصحية المتكاملة، خاصة للأم والطفل، بما يعزز من جودة الخدمات المقدمة ويضمن استدامتها.
كما شهد القطاع التربوي تطور كبير ، إذ تم إنشاء وتطوير 1641 قاعة حضانة، متخطيا المستهدف الأصلي البالغ 1000 قاعة، وهو ما يسهم في دعم مرحلة الطفولة المبكرة ويتيح للأمهات فرصًا أكبر للانخراط في سوق العمل.
وفي سياق دعم التمكين الاقتصادي، نفذ المشروع مجموعة كبيرة من برامج التثقيف المالي، والشمول المالي، وريادة الأعمال، إلى جانب إنشاء مشاغل ووحدات إنتاجية، استهدفت تعزيز قدرات الأسر المنتجة وتوفير فرص عمل حقيقية، حيث أسفرت هذه الجهود عن توفير نحو 24 ألف فرصة عمل، من خلال دعم المشروعات متناهية الصغر، ومراكز التكوين المهني، ما يمثل خطوة فعالة نحو تحسين مؤشرات التشغيل ومكافحة الفقر.
ويظهر الأثر الإيجابي للمشروع بوضوح في تحسن المؤشرات السكانية؛ حيث انخفض معدل النمو السكاني من 1.9% عام 2018 إلى 1.4% في عام 2024، في حين سجل الربع الأول من عام 2025 أقل معدل نمو سكاني في مصر بنسبة 1.34%، مقارنة بـ 1.4% في نفس الفترة من العام السابق، و1.6% في الربع الأول من 2023، مما يعكس نتائج الجهود المتكاملة في التوعية، وتمكين المرأة، وتحسين الخدمات الصحية، بما يعزز من كفاءة السياسات السكانية في مصر.
وانطلاقا من فعالية المشروع ونتائجه الإيجابية، بدأت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي بتنفيذ المرحلة الثانية من المشروع، والتي تمتد من عام 2025 وحتى يونيو 2027، ضمن إطار رؤية تنموية شاملة ترتكز على أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية.
وتأتي هذه المرحلة استمرارا للجهود المبذولة، وامتدادا لتوصيات الحوار الوطني، وتوجهات الاستراتيجيات القطاعية المختلفة، مما يعزز من استدامة التأثير ورفع كفاءة البرامج الموجهة للأسرة المصرية.