يمر حزب الوفد بحالة من الاضطراب.. هل هناك رؤية للعودة بالحزب العريق إلى دوره ؟
⮚ بالتأكيد، الوفد حزب عريق لكن ذلك لا يكفي، لذلك فنحن بصدد إعادة ترتيب بيت الأمة من الداخل وستشهد الفترة المقبلة تطورات كبيرة، نحن بحاجة إلى تطوير أدواتنا التنظيمية، من خلال إعادة هيكلة اللجان النوعية، وتنشيط عمل الأمانات في المحافظات، مع التركيز على استقطاب الشباب وتأهيلهم للانخراط في العمل السياسي، كما نعمل على تحديث خطابنا الإعلامي، ومخاطبة الشارع المصري بلغة جديدة تناسب المرحلة الحالية.
⮚ أقدر هذه الانتقادات وأحترمها، واعتبرها صوتا للضمير الوفدي، بالفعل تأثر تواجد الحزب في الشارع خلال السنوات الماضية، لكننا نعمل الآن بشكل جاد على استعادة تواصلنا مع المواطن، وتعزيز تواجدنا في مختلف المحافظات. الوفد باقٍ وجماهيره موجودة، لكنها بحاجة إلى تفعيل وتنشيط حقيقي.
⮚ رسالتي واضحة وبسيطة.. صوتك هو مستقبلك لا تترك الفرصة لغيرك كي يقرر عنك. المشاركة في الانتخابات ليست فقط حقا دستوريا، بل هي أداة تغيير حقيقية في يد المواطن .. وأقول لكل مصري: شارك بصوتك، وكن جزءا من صناعة القرار، وثق أن الدولة المصرية قوية بك.. وبإرادتك نستكمل معا مسيرة البناء والتنمية.
⮚ أنا مع الحل العادل الذي يراعي حقوق الملاك دون الإضرار بالفئات البسيطة. لا يجوز استمرار الوضع الحالي إلى ما لا نهاية، لكن لا يمكن أيضًا أن نتعامل مع القضية بقرارات حادة تضر بملايين الأسر. الحل يكمن في تحريك تدريجي للإيجارات القديمة، مع وضع آليات لدعم غير القادرين، وضمان تسوية تحفظ كرامة الجميع.
هل تؤيد التحريك التدريجي أم التسوية الفورية؟
⮚ أؤيد التحريك التدريجي، لأنه الحل الأكثر عقلانية وعدالة. رفع الإيجارات بشكل تدريجي يضمن استقرارًا اجتماعيًا، ويمنح الطرفين - الملاك والمستأجرين - فرصة للتكيف مع التغييرات الجديدة. وأدعو إلى حوار مجتمعي موسع يشارك فيه الجميع قبل إصدار أي تشريع نهائي في هذا الملف الحساس.
في رأيك.. ما أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجه المواطن المصري حاليًا؟ وكيف يمكن للأحزاب المساهمة في طرح حلول؟
⮚ المواطن المصري يواجه تحديات اقتصادية صعبة في ظل ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة، وهي أزمة عالمية بلا شك، ولكن آثارها على المواطن البسيط في مصر تحتاج إلى تدخل عاجل، أرى أن على الأحزاب دورا مهما في هذا السياق، من خلال طرح رؤى واقعية لحل مشكلات الاقتصاد، سواء عبر دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أو تشجيع التصنيع المحلي، أو اقتراح برامج حماية اجتماعية أكثر فاعلية. ومن ثم عدم الاكتفاء بدور المراقب أو الناقد، بل علينا كأحزاب تقديم حلول عملية قابلة للتطبيق.
من وجهة نظرك، ما هي القضايا الاجتماعية التي تحتاج إلى تدخل تشريعي عاجل في مجلس الشيوخ؟
⮚ هناك ملفات اجتماعية ملحة تحتاج إلى تحرك تشريعي عاجل، وعلى رأسها قوانين الأحوال الشخصية، والتي تمس ملايين الأسر المصرية، بالإضافة إلى ضرورة إصدار تشريعات جديدة تعزز حقوق المرأة وتحمي الطفل، وتراعي مصالح ذوي الهمم وكبار السن، هذه الفئات يجب أن تكون في صدارة الاهتمام التشريعي داخل مجلس الشيوخ.
هل ترى أن قضايا التعليم والصحة تحظى بالأولوية في الأجندة التشريعية؟
⮚ على المستوى الحكومي، نعم، هناك اهتمام ملموس بملفي التعليم والصحة، لكن الأحزاب مطالبة بتبني هذه الملفات بشكل أكبر في أجنداتها البرلمانية، نحن بحاجة إلى تشريعات تضمن تحسين جودة التعليم الحكومي، وتطوير المنظومة الصحية بالكامل، مع ضمان وصول الخدمة للفئات الأكثر احتياجا.
في رأيك.. ما هي أبرز الخطوات المطلوبة حاليا لدعم الصناعة الوطنية ؟
⮚ الصناعة هي قاطرة التنمية الحقيقية لأي اقتصاد، وأرى أن دعم هذا القطاع يجب أن يبدأ من تهيئة بيئة الاستثمار الصناعي، عبر إزالة البيروقراطية وتسهيل إجراءات الترخيص والتشغيل، إلى جانب توفير الأراضي الصناعية بأسعار مناسبة أو بحق الانتفاع، وتوفير الطاقة بأسعار تنافسية للصناع. كذلك من المهم تعزيز التوجه نحو إحلال الواردات ودعم المنتج المحلي، مع تقديم حوافز حقيقية للمصدرين، الصناعة المصرية قادرة على المنافسة، لكنها بحاجة إلى رؤية حكومية شاملة، وتعاون وثيق مع القطاع الخاص.
هل ترى أن الحكومة قدمت تسهيلات كافية للمصنعين والمستثمرين خلال الفترة الماضية؟ أم أن هناك معوقات ما زالت بحاجة إلى حلول؟
⮚ لا أنكر أن الحكومة اتخذت عدة خطوات إيجابية خلال السنوات الأخيرة، خاصة في ما يتعلق بطرح المجمعات الصناعية وتقديم بعض التيسيرات في إصدار التراخيص، لكن الواقع يشير إلى وجود معوقات حقيقية ما زالت تعترض طريق المستثمرين، سواء في تعدد الجهات الرقابية، أو في تأخر بعض الإجراءات، أو في ارتفاع أسعار الطاقة بالنسبة لبعض القطاعات، فتطبيق آلية «الشباك الواحد» لم تعد رفاهية فنحن بحاجة إلى تطبيقها بشكل حقيقي وفعال، مع توفير الرقابة على التنفيذ لتسهيل حياة المستثمر.
هل تعتقد أن نظام التمليك للأراضي الصناعية أفضل أم نظام حق الانتفاع هو الحل الأمثل حاليًا؟
⮚ أعتقد أن نظام حق الانتفاع هو الأنسب في المرحلة الحالية، لأنه يخفف الأعباء المالية عن المستثمر في بداية المشروع، ويحفظ أصول الدولة في الوقت نفسه، فالأرض ليست هدفا في حد ذاتها للمستثمر، بل وسيلة لإقامة وتشغيل مصنع وتشغيل عمالة. وبالتالي، يجب أن تركز الحكومة على دعم الإنتاج وليس بيع الأراضي كأولوية أولى.
كيف يمكن تحقيق التوازن بين جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الصناعات المحلية؟
⮚ التوازن يتحقق عبر استراتيجية واضحة.. الاستثمارات الأجنبية يجب أن توجه في الأساس للقطاعات التي تساهم في نقل التكنولوجيا وتوفير فرص العمل وتعميق الصناعة المحلية، وليس مجرد استثمارات مالية في قطاعات خدمية. وفي الوقت نفسه، يجب أن تحصل الصناعة الوطنية على الدعم اللازم لتكون قادرة على المنافسة أمام المنتج المستورد، سواء بدعم مادي أو بإجراءات حمائية مدروسة في إطار قواعد التجارة الدولية.
هل ترى المنظومة الضريبية بشكلها الحالي مُرضية أم أنها بحاجة لتطوير؟
⮚ نعم بالتأكيد. النظام الضريبي الحالي معقد ويحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة، يجب أن ننتقل من فلسفة الجباية إلى فلسفة دعم الإنتاج، والتيسير على الصناع والمستثمرين في تحصيل وسداد الضرائب، وتقديم إعفاءات ضريبية مدروسة للصناعات الاستراتيجية، وهو ما سيكون له أثر مباشر في تحفيز الصناعة الوطنية وزيادة معدلات الاستثمار.
في ظل ارتفاع أسعار السلع.. ما دور مجلس الشيوخ في ضبط الأسواق وحماية المستهلك؟
⮚ مجلس الشيوخ عليه دور مهم في تقديم مقترحات تشريعية تعزز من الرقابة على الأسواق وتدعم جهاز حماية المستهلك، نحن بحاجة إلى تشريعات تضمن الشفافية في تداول السلع، ومكافحة الاحتكار، وضبط هوامش الربح، خاصة في السلع الأساسية، كذلك يمكن التفكير في إنشاء لجان تنسيقية بين الوزارات المعنية لضبط منظومة التوزيع، بما يمنع الممارسات الاحتكارية التي يعاني منها المواطن حاليًا.
هل برامج التمويل للمشروعات الصغيرة تحقق أهدافها؟ أم تحتاج إلى تطوير؟
⮚ برامج التمويل الحكومية للمشروعات الصغيرة خطوة جيدة، لكنها بحاجة إلى تطوير أكبر من حيث ضمان وصول التمويل للفئات المستحقة، خاصة الشباب خارج العاصمة والمحافظات الحدودية.. كذلك يجب تقديم الدعم الفني والتدريبي إلى جانب التمويل، لأن المشروع الصغير لا يحتاج فقط إلى المال، بل إلى تأهيل وإدارة. فنحن بحاجة إلى منظومة متكاملة لدعم هذا القطاع باعتباره العمود الفقري لأي اقتصاد ناجح.
هل تشعر بالرضا تجاه الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في خطط التنمية التي تتبناها الدولة؟
⮚ بالتأكيد أنا غير راض تماما لكن يجب أن أقر ان الدولة في السنوات الأخيرة قطعت شوطا مهما يؤكد أن هناك رغبة حقيقية لدى القيادة السياسية والدولة لتعظيم دور القطاع الخاص إيمانا بأن القطاع الخاص هو المحرك الرئيسي للاقتصاد، ولابد أن يكون شريكا حقيقيا في التنمية، لا مجرد تابع للدولة.. لتحقيق ذلك يجب تمكين القطاع الخاص، وإزالة الحواجز البيروقراطية، وتقديم ضمانات قانونية مستقرة تحمي المستثمر من أي تغيرات مفاجئة في السياسات. كذلك من المهم إعادة النظر في أولوية الدولة في دخول بعض القطاعات التي يمكن للقطاع الخاص أن يديرها بكفاءة أكبر.
ما تقييمك لتجربة التوسع في إنشاء المجمعات الصناعية الجديدة؟ وهل ترى أنها قامت بدورها في دعم المشروعات الصغيرة؟
⮚ المجمعات الصناعية تجربة جيدة في المجمل، خاصة في المحافظات النائية، لكنها لم تحقق بعد الأثر المرجو منها، فأنا أري أنها ما زالت غير مستغلة بشكل كاف، سواء بسبب ارتفاع التكاليف أو بسبب ضعف الترويج.. وبناءا عليه فالمطلوب الآن هو إعادة تقييم التجربة، وتقديم حوافز أكبر للمشروعات الصغيرة للدخول إلى هذه المجمعات والاستفادة منها في دعم الإنتاج والتشغيل.
في رأيك ما هي الأولويات الاقتصادية التي يجب أن تكون على أجندة الدولة خلال السنوات القادمة؟
⮚ أعتقد أن الأولويات يجب أن تتركز في ثلاثة محاور رئيسية أولا: دعم قطاعي الصناعة والزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في السلع الأساسية وزيادة الصادرات. ثانيا: التوسع في برامج الحماية الاجتماعية لتخفيف أثر الأزمة الاقتصادية العالمية على المواطن البسيط. وثالثا، تحسين بيئة الاستثمار من خلال تسهيل الإجراءات والاهتمام بجذب الاستثمارات النوعية التي تضيف للاقتصاد المصري وتوفر فرص عمل حقيقية للشباب.
في رأيك.. هل تعاني الحكومة من غياب قنوات تواصل حقيقية مع المواطن؟
⮚ في تقديري، نعم.. هناك فجوة واضحة في التواصل بين الحكومة والشارع، وهو أمر بات ملحوظا في الفترة الأخيرة، رغم الجهود المبذولة على مستوى المشروعات القومية وبرامج الحماية الاجتماعية، إلا أن لغة الخطاب الرسمي لا تزال بعيدة عن المواطن البسيط، سواء في تفسير القرارات الاقتصادية أو في توضيح السياسات العامة للدولة.. نحن بحاجة إلى استراتيجية تواصل مختلفة، تضع المواطن في قلب المشهد، وتشرح له التحديات والفرص بلغة بسيطة يفهمها، بعيدا عن المصطلحات الاقتصادية المعقدة.. المواطن لا يريد أرقاما فقط، بل يريد أن يشعر أن الحكومة تفهم معاناته وتشاركه همومه، وهذا دور يجب أن يُفعل بشكل أكبر في المرحلة القادمة.
هل ترى أن غياب الصوت السياسي يزيد من عزلة الحكومة عن الشارع؟
⮚ بالتأكيد.. غياب الصوت السياسي ساهم في تكريس هذه العزلة بين الحكومة والمواطن. المفترض وفي هذه الحالة يمكن للأحزاب أن تقوم بدور الوسيط بين الدولة والشارع، سواء في نقل نبض المواطنين إلى الحكومة أو في شرح سياسات الدولة للرأي العام. لكن ما حدث هو أن الأحزاب تراجعت إلى الصفوف الخلفية، وتركت الحكومة تواجه المواطن وحدها. المطلوب الآن أن تستعيد الأحزاب هذا الدور، أن تكون جزءا من الحوار اليومي مع الشارع، تقدم مقترحات، تنقل وجهات النظر، وتكون حلقة وصل حقيقية تعيد بناء الثقة بين الحكومة والمجتمع.
كيف تقيم أداء الرئيس عبد الفتاح السيسي في الملفات الداخلية؟
⮚ الرئيس عبد الفتاح السيسي واجه تحديات اقتصادية معقدة في السنوات الماضية بعضها نتيجة أزمات عالمية، والبعض الآخر بسبب ظروف داخلية. ومع ذلك، نجح في الحفاظ على استقرار الدولة، وإطلاق مشروعات قومية كثيرة جدا ساهمت في خلق فرص عمل وتنشيط الاقتصاد، وانتقل بمصر من مرحلة الانهيار إلى البناء والتعمير الذي طال كل شبر فيها مع الأخذ في الاعتبار الكثير من المعوقات والضغوطات لكن بقيت مصر بفضل سياسته الحكيمة صامدة وراسخة، لتتحول المحن إلى منحة بفضل العقل والإرادة المصرية.. وبالتأكيد المرحلة القادمة تحتاج إلى التركيز على تحسين معيشة المواطن وتخفيف الأعباء عنه، وهو أمر أعتقد أن الدولة توليه اهتماما كبيرا بالفعل.
على صعيد السياسة الخارجية، هل ترى أن مصر استعادت مكانتها دوليا؟
⮚ بكل تأكيد، مصر استعادت مكانتها الإقليمية والدولية بشكل واضح اليوم، الدولة المصرية حاضرة في كل الملفات الدولية الكبرى، من القضية الفلسطينية، إلى أزمة السودان، إلى علاقاتنا مع دول الخليج وإفريقيا وأوروبا، السياسة الخارجية المصرية تتحرك وفق رؤية متوازنة تضع مصلحة الدولة أولا، وتدعم الاستقرار الإقليمي، والحقيقة أن مصر من الدول القليلة في العالم التي تمارس السياسة الشريفة رغم ما تعيشه المنطقة والعالم من صراعات تكاد تعصف باستقرار وأمن الشعوب.