الثلاثاء، 15 يوليو 2025 02:40 ص

بوابة الاستثمار الرياضى.. تعديلات قانون الرياضة تستهدف تأسيس شركات خدمات رياضية وتدعم القطاع الخاص نحو استثمار أوسع بشراكة قوية مع الدولة.. وتُنظم حماية اللاعبين مع الحفاظ على الدور الرقابى

بوابة الاستثمار الرياضى.. تعديلات قانون الرياضة تستهدف تأسيس شركات خدمات رياضية وتدعم القطاع الخاص نحو استثمار أوسع بشراكة قوية مع الدولة.. وتُنظم حماية اللاعبين مع الحفاظ على الدور الرقابى مجلس النواب
الإثنين، 14 يوليو 2025 06:00 م
كتب ـ هشام عبد الجليل
وافق مجلس النواب المصري مؤخرًا على تعديلات قانون الرياضة الجديد بشكل نهائي، في خطوة تشريعية تُعد علامة فارقة في مسيرة الرياضة المصرية، هذه التعديلات تُعد بمثابة نقلة نوعية تهدف إلى إعادة هيكلة العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص في المجال الرياضي، ورسم مسار جديد نحو مناخ استثماري رياضي جاذب.
وأكدت التعديلات التي تمت الموافقة عليها أنه لطالما كانت الرياضة في مصر، كغيرها من الدول، تعتمد بشكل كبير على الدعم الحكومي والجهود الأهلية، لكن مع التحديات الاقتصادية المتزايدة والحاجة الملحة لتطوير البنية التحتية الرياضية ورفع مستوى الأداء، بات من الضروري إيجاد مصادر تمويل مستدامة وجذب استثمارات جديدة، وهنا يأتي دور هذا القانون الجديد، الذي يضع إطارًا قانونيًا متكاملًا لتأسيس "شركات الخدمات الرياضية".
وتُعد هذه الشركات بمثابة حجر الزاوية في الرؤية الجديدة، حيث يُسمح بتأسيسها كشركات مساهمة، أو ذات مسؤولية محدودة، أو حتى شركات الشخص الواحد، بما يتوافق مع قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 هذا التنوع في الأشكال القانونية يوفر مرونة كبيرة للمستثمرين ورجال الأعمال الراغبين في دخول هذا القطاع الواعد.
ولضمان عدم فقدان الدولة لدورها الإشرافي والمؤسسي، ينص القانون بوضوح على ضرورة مساهمة الهيئة الرياضية بنسبة لا تقل عن 51% من رأس مال الشركة، هذه النسبة تضمن أن تظل الأهداف الرياضية والاجتماعية في صميم عمل هذه الشركات، بعيدًا عن السعي الربحي المطلق الذي قد يطغى على الجانب التنموي للرياضة، ومع ذلك، هناك مرونة استثنائية تسمح بخفض هذه النسبة إلى أقل من 51%، لكن ذلك يتطلب موافقة الجمعية العمومية واعتماد الجهة الإدارية المركزية، ما يشير إلى حرص المشرع على التوازن بين جذب الاستثمار والحفاظ على المصلحة العامة.
ولم يغفل القانون إمكانية جذب رؤوس أموال إضافية من خلال طرح أسهم هذه الشركات للجمهور وقيدها في البورصة المصرية، هذه الخطوة ستفتح الباب أمام قاعدة أوسع من المستثمرين، وتساهم في تعزيز الشفافية والامتثال لمعايير الحوكمة الرشيدة، شريطة ألا يؤثر ذلك على النشاط الرياضي الأساسي للشركة.
لكن، وبالرغم من هذه التسهيلات، يشدد القانون على جانب مهم يتعلق بالامتيازات الضريبية، فشركات الخدمات الرياضية لا تتمتع بالإعفاءات الضريبية المنصوص عليها في المادة (9) من القانون، هذا التوجه يعكس رغبة واضحة في الفصل بين النشاط التجاري الاستثماري في المجال الرياضي والامتيازات المخصصة للعمل الأهلي والرياضي غير الربحي، فالهدف ليس تقديم إعفاءات ضريبية تؤثر على إيرادات الدولة، بل خلق بيئة عمل منظمة وجاذبة قائمة على المنافسة العادلة.
ولضمان الانضباط والرقابة، نص القانون على أن الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المركزية هو شرط أساسي لمزاولة أي نشاط استثماري رياضي، مهما كان الشكل القانوني للشركة،  كما منح الوزير المختص الحق في إصدار القرارات المنظمة للترخيص، ووقفها في حال مخالفة الشروط، وحدد رسوم التراخيص بما لا يتجاوز 5% من رأس مال الشركة المصدر وبحد أقصى 20 مليون جنيه، هذه البنود تضمن الإشراف الفعال على هذه الشركات وتمنع أي ممارسات غير قانونية.
ولضمان التنسيق المؤسسي الفعال وتجنب تضارب المصالح، أجازت المادة (75) لأعضاء مجلس إدارة الهيئة الرياضية الجمع بين عضويتهم في شركة الخدمات الرياضية التي تنشئها تلك الهيئة، دون تقاضي أي مقابل مالي، هذه النقطة تؤكد على أن الهدف الأساسي هو خدمة الرياضة وتطويرها، وليس تحقيق مكاسب شخصية.
ولم يغفل القانون الجانب الأهم في أي نشاط رياضي وهو صحة وسلامة اللاعبين، ألزمت المادة (79) جميع الهيئات الرياضية وشركات الخدمات الرياضية بإعداد سجل طبي محدث ودوري لكل لاعب، يتضمن تاريخه الصحي، ويُعرض على الجهة الإدارية المركزية، كما نصت المادة على اتخاذ التدابير الوقائية الكاملة لمنع انتشار العدوى والحفاظ على سلامة اللاعبين والأطقم الفنية والإدارية. هذا الاهتمام بالجانب الصحي يعكس فهمًا عميقًا لأهمية حماية رأس المال البشري في الرياضة.
ويمثل قانون الرياضة الجديد خطوة مدروسة نحو بناء مستقبل مشرق للرياضة المصرية، فهو لا يقتصر على تنظيم الجوانب الإدارية، بل يفتح آفاقًا جديدة للاستثمار، ويشجع على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع الحفاظ على الدور الرقابي للدولة وضمان صحة وسلامة الرياضيين.

print