في خطوة تعكس بعض الانفراجات النسبية في وتيرة ارتفاع الأسعار، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تراجع معدل التضخم الشهري لإجمالي الجمهورية بنسبة -0.1% خلال شهر يونيو 2025، مقارنةً بشهر مايو الماضي، ليسجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين نحو 258.1 نقطة.
يأتي هذا التراجع في ظل استمرار الحكومة المصرية في تنفيذ حزمة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تهدف إلى كبح جماح التضخم ودعم استقرار السوق المحلي، وعلى رأسها تعزيز المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، فضلًا عن جهود ضبط الأسواق من خلال الحملات الرقابية على سلاسل الإمداد والتوزيع.
كما حرصت الحكومة على دعم الفئات الأولى بالرعاية عبر برامج الدعم النقدي وتوسيع قاعدة المستفيدين من بطاقات التموين، بالتوازي مع توجيه دعم إضافي لبعض السلع الحيوية لمواجهة تقلبات الأسعار العالمية.
وبحسب بيان "الإحصاء"، فإن هذا الانخفاض الشهري يرجع بالأساس إلى تراجع أسعار مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة -3.8%، تلاها مجموعة الخضروات بنسبة -1%، وهما من أكثر المجموعات تأثيرًا في هيكل الإنفاق الغذائي للأسرة المصرية.
ورغم هذا التراجع، شهدت بعض السلع الغذائية الأخرى ارتفاعات متباينة، جاء أبرزها:
- الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 1.1%.
- الحبوب والخبز بنسبة 0.3%.
- الزيوت والدهون بنسبة 0.2%.
- الفاكهة بنسبة 0.5%.
- السكر والأغذية السكرية بنسبة 0.4%.
- الألبان والجبن والبيض بنسبة 0.1%.
- المياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 0.7%.
يأتي هذا التراجع في سياق مسار متذبذب للتضخم خلال النصف الأول من عام 2025، حيث سجلت معدلات التضخم الشهري تحركات مختلفة، ففي مارس 2025، سجل ارتفاعًا بنسبة 1.5%، لتتباطئ وتيرة هذا الارتفاع في الشهر التالى "أبريل 2025" وتسجل ارتفاعًا بمقدار 0.8% فقط، مستمرة في التباطؤ خلال شهر مايو 2025، حيث سجل المعدل آنذاك ارتفاعًا بنسبة 0.2%، ليتراجع في يونيو بنسبة -0.1%، كما ذُكر عاليًا.
أما على المستوى السنوي، فقد شهد التضخم تراجعًا تدريجيًا منذ ذروته في منتصف عام 2023، حين تجاوز معدل التضخم السنوي 35%، لينخفض خلال عام 2025 إلى مستويات تدور حول 15–17%، ما يعكس تباطؤًا نسبيًا في وتيرة ارتفاع الأسعار، ويؤكد على أن السياسات النقدية الانكماشية التي تبناها البنك المركزي المصري، إلى جانب الاستقرار النسبي في سعر صرف الجنيه، بدأت تؤتي ثمارها تدريجيًا.
واستمرارًا في محاولات كبح التضخم، تواصل الدولة المصرية تنفيذ حزمة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية لضبط الأسعار وتحقيق الاستقرار، من أبرزها، تدعيم المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية وتوفيرها بأسعار مدعومة، والرقابة على الأسواق لمواجهة الاحتكار والمغالاة في الأسعار، علاوة على، التوسع في برامج الحماية الاجتماعية وتقديم دعم نقدي وغذائي للفئات الأكثر احتياجًا، وتشجيع الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي النسبي.
كما يستهدف البنك المركزي المصري بالتعاون مع الحكومة خفض معدل التضخم السنوي إلى حدود 7% (±2%) بحلول منتصف 2026، وذلك عبر أدوات تشمل: "تشديد السياسة النقدية برفع أسعار الفائدة لكبح السيولة، وتحقيق استقرار في سعر الصرف للحد من تكلفة الاستيراد، وتحفيز القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية، بجانب إجراءات هيكلية لضبط الأسواق وضمان عدالة توزيع السلع.
وفى السياق ذاته، يرى محللون أن التراجع الطفيف في معدل التضخم الشهري يعكس بداية استجابة الأسواق للإجراءات الحكومية، خاصة في ظل استقرار أسعار بعض السلع الاستراتيجية وتحسن نسبي في مستويات العرض المحلي، ومع ذلك، تبقى المخاطر العالمية – سواء المرتبطة بأسعار الطاقة أو بتقلبات الأسواق الدولية – تحديات قائمة تستوجب مزيدًا من الحذر في إدارة التوازن بين مكافحة التضخم وتحفيز النمو، لذا تُولي الدولة اهتمامًا خاصًا بملف التضخم باعتباره أحد أبرز التحديات الاقتصادية ذات التأثير المباشر على معيشة المواطنين.