شهدت قاعة مجلس النواب اليوم الثلاثاء، عاصفة من الانتقادات الحادة بعد مناقشة بيان عاجل حول حريق سنترال رمسيس، الذي أدى إلى تعطل واسع النطاق لخدمات الاتصالات في جميع أنحاء مصر، حيث تصاعدت حدة الغضب النيابي مع الكشف عن تفاصيل الحادث وتداعياته الكارثية.
النائب عبد الهادي القصبي، ممثل الأغلبية، طالب بضرورة الكشف عن أسباب وملابسات الحادث لبيان الحقائق كاملة، مشددًا على أهمية الشفافية في التعامل مع هذه الأزمة.
من جانبه، وصف النائب عمرو درويش الوضع بأنه "يتجاوز الأزمة ويقترب من الكارثة"، مؤكدًا أن "مصر تعطلت عشان سنترال رمسيس حصل فيه حريق"، وانتقد درويش حديث الحكومة المتكرر عن "التحول الرقمي والرقمنة" في ظل هذا التعطل، مطالبًا بضرورة حضور وزير الاتصالات إلى المجلس.
وأوضح درويش أن تداعيات الحريق شملت تعطيل كافة القطاعات، قائلاً: "البلد عطلت كلها لا مستشفيات ولا بنوك ولا جوابات العلاج على نفقة الدولة الناس مش عارفة تعملها". كما تساءل عن سبب غياب وزير الاتصالات الذي وصف الحريق بـ"المحدود" في حين كانت هناك "وفيات وأكثر من 300 واحد في المستشفى"، مطالبًا بتشكيل "لجنة تقصي حقائق حقيقية".
ورد المستشار محمود فوزى، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسى، على البيانات العاجلة التى تقدم بها عدد من أعضاء مجلس النواب فى مستهل الجلسة العامة اليوم، قائلا:" إذا كنا محتاجين نعرف الحقائق، أوضح، حدث حريق بالدور السابع بالسنترال 5.30عصرا، وانتقلت الحماية سريعا، وامتد الحريق لوصلات تقديم الخدمة، وهو ما أثر على الخدمات بشكل جزئي".
وتابع فوزى:" تواجد على الأرض محافظ القاهرة، ووزيرة التنمية الملحية، ووزير الاتصالات كان فى الخارج وكان فى موقع الحادث الساعة 2 صباح اليوم، وزار المصابين فى المستشفيات، عدد المصابين 44 مصابا، منهم 22 تم اسعافهم فى موقع الحادث، 22 تم نقلهم للمستشفيات، خرج منهم 8 ، الباقى مصاب باختناقات، وللأسف يوجد 4 وفيات، ونتقدم بخالص التعازى لأسر الضحايا".
وأشاد فوزى، بجهود رجال الحماية المدنية، قائلا:" أعرب عن تقدير الحكومة للتدخل السريع لقوات الحماية المدنية، ونجحت فى السيطرة على الحريق دون وقوع خسائر بشرية أكبر، وهذا ثمرة التدريب والاستعداد للأجهزة المعنية".
واستكمل:" وفيما يخص السنترال، تم تصميم البنية الأساسية لتعمل بشكل تداولى وموزع على الأحمال، 80% من الخدمات آليات من خلال الربط التبادلى بين تلك السنترالات الأساسية، ونظرا لضخامة الشبكة يحتاج نقل الخدمة التباديلة فترة زمنية، سنترال رمسيس أساسي لكنه ليس الأساسى الذى تعتمد عليه الجمهورية، والديل أن السنترال يبقى خارج الخدمة اسبوع أو أكثر والخدمات مستمرة".
وأشار فوزى، إلى أنه يتم الانتقال التدريجى للخدمة وفقا للسنترالات المجاورة، لكن هناك بعض الخدمات أقل من 20% والتي تقدم من السنترال بدون التعاقد على بديل آمن يتم التعامل معها بالمناورات عن طريق مسارات الآليات الضوئية".
وفي سياق متصل قالت النائبة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب، إن حريق سنترال رمسيس أصاب مصر بـ"سكتة تكنولوجية". بداية، دعت بالرحمة لشهداء المصرية للاتصالات وبالشفاء العاجل للمصابين. ولكنها أكدت أن ما حدث في سنترال رمسيس لا يمكن اختزاله في حريق عرضي أو ماس كهربائي بسيط.
وأوضحت في بيان لها، أن ما حدث هو انكشاف كامل لـخلل تصميمي خطير في بنية الاتصالات. سنترال رمسيس ليس مجرد نقطة شبكية، بل هو قلب الشبكة، سواء للاتصالات الأرضية أو المحمولة أو حتى لجزء كبير من بوابات الإنترنت الدولي وخدمات الدفع الإلكتروني. هذه النقطة كانت تدير وتحكم كمية هائلة من الترافيك، تمر من خلالها مكالمات يومية، بيانات البنوك، إشارات الطوارئ، وأوامر المعاملات عبر الإنترنت، ما يجعلها شريانًا حيويًا للبنية الرقمية في الدولة.
وأشارت إلى أن اعتماد هذا الحجم من الخدمات على موقع واحد فقط يمثل خطرًا وجوديًا، ويكشف أن التصميم الشبكي العام قائم على فلسفة "نقطة فشل واحدة - Single Point of Failure"، وهي فلسفة قديمة وخطيرة لا تتماشى مع متطلبات الأمن القومي الرقمي الحديث. ما حدث يجب أن يكون لحظة فاصلة تدفعنا إلى التحول الجذري نحو شبكات موزعة جغرافيًا ومرنة هندسيًا.
من الناحية الفنية، أكدت النائبة أنه لا يجوز الاعتماد على نقطة مركزية واحدة لتحمل كل هذا الكم من الخدمات. كان يجب من البداية وجود نقاط احتياطية كاملة (Disaster Recovery Centers) في مواقع جغرافية مختلفة. لا يكفي وجود مركز بديل واحد، بل ينبغي وجود مركزين على الأقل لكل خدمة مصنفة كحرجة مثل بوابات الإنترنت، البنية البنكية، وأنظمة الطوارئ. هذه المراكز يجب أن تكون في حالة تشغيل متزامن فعلي وليس مجرد نسخ احتياطية خاملة يتم اللجوء إليها عند الكوارث، ويجب أن يكون تشغيلها تلقائيًا بالكامل عند وقوع أي خلل، دون انتظار تدخل بشري.
وتساءلت النائبة لماذا لم يتم تفريغ سنترال رمسيس من بعض المهام والخدمات الحساسة تدريجيًا، ونقلها إلى مواقع أكثر حداثة واستعدادًا مثل العاصمة الإدارية الجديدة، والتي تتمتع بمزايا كبيرة من حيث البنية التحتية، سواء من حيث الطاقة، أو الكابلات الحديثة، أو المساحات المناسبة لإنشاء مراكز بيانات محمية، أو حتى أنظمة إطفاء حديثة ومعتمدة عالميًا.
وأكدت النائبة مها عبد الناصر أن هذه الحادثة يجب ألا تُنسى، بل تكون نقطة تحوّل حقيقية نحو إعادة هيكلة شبكة الاتصالات الوطنية بالكامل، بطريقة قائمة على التوزيع الجغرافي، وتكافؤ سعة البدائل، ووجود خطط تشغيل تلقائية حقيقية. مشددة على أن تأمين البنية الرقمية في بلد بحجم مصر لم يعد أمرًا تقنيًا فقط، بل هو مسؤولية وطنية وأمن قومي في المقام الأول.
وتقدم المهندس إيهاب منصور رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ووكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، ببيان عاجل، بشأن مأساة اندلاع حريق في سنترال رمسيس، الذى تسبب فى توقف تام لكل المرافق الأساسية وخدمات الإنترنت والاتصالات وماكينات الصرافة والإعلان عن تأخير رحلات الطيران، بالإضافة إلى خدمات الطوارئ، وللأسف الشديد الحريق امتد منذ ساعات إلى بعد منتصف الليل.
وأكد منصور خلال البيان العاجل، ضرورة معرفة أسباب الحادث المأساوي والمحاسبة والمكاشفة، ومدى كفاية أنظمة الحماية المدنية بالمبنى، وهل يتم مراجعتها دوريا ؟ وهل توجد خطط لمواجهة حالات الكوارث سواء حالية أو مستقبلية؟
كان حريق هائل قد نشب بستنرال رمسيس بالقاهرة وتصاعدت الأدخنة الكثيفة الداكنة وألسنة النيران من داخل المبنى.
فيماأكدت النائبة مرثا محروس، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، أن حريق سنترال رمسيس، أحد النقاط الرئيسية في شبكة اتصالات مصر وأكبر مراكز حفظ البيانات، يمثل اختبارًا حقيقيًا للبنية التحتية الوطنية، مشيرة إلى أن عملية تقييم الأضرار الفنية تتطلب وقتًا نظرًا لتعقيد الكابلات والأجهزة الحساسة التي تأثرت بفشل أنظمة التبريد وانقطاع الكهرباء.
وأضافت محروس أن تنظيم الشبكات المتعددة للمحمول والتليفون الأرضي يشكل جزءًا من البنية الشاملة، ما قد يؤثر مؤقتًا على جودة المكالمات، إلا أن مسارات الإنترنت تعتمد على مسارات بديلة هندسيًا لتقليل التأثير.
وفي بيان رسمي صادر عن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات مساء الإثنين 7 يوليو 2025، تم الإعلان عن السيطرة الكاملة على الحريق الجاري تبريده، مع نقل حركة الإنترنت الثابت إلى سنترال الروضة لتخفيف الأضرار، وتعهد الجهاز باستعادة دوائر الربط المتأثرة خلال 24 ساعة مع توفير أرقام طوارئ بديلة وتعويض المتضررين طبقًا للوائح.
وأوضحت مصادر فنية أن الحريق اندلع في غرفة الكهرباء الرئيسية، مما تسبب في انتشار الدخان وتأثيره على الأجهزة التي تعمل بتقنية الألياف الضوئية، وأدى انقطاع الكهرباء وفشل وحدات التغذية الاحتياطية إلى إغلاق معدات حيوية تتطلب إعادة تهيئة يدوية دقيقة، خاصة في المراكز المركزية التي تتحكم بحركة البيانات على مستوى الجمهورية.
وأشار الخبراء إلى أن اعتماد الشبكة على نقطة رئيسية واحدة مثل سنترال رمسيس دون قدرة كافية للمسارات البديلة على تحمل الضغط، كشف الحاجة الملحة لتحديث وتوزيع البنية التحتية لتصبح أكثر مرونة وقدرة على الصمود في حالات الطوارئ، وتجنب توقف الخدمات الحيوية.