وتخصيص 635.9 مليار جنيه للحماية الاجتماعية في موازنة 24/25
وسط تحولات ديموجرافية واقتصادية متسارعة، تظل الأسرة المصرية هي اللبنة الأساسية التي يرتكز عليها البناء المجتمعي والتنمية المستدام، فهي الوعاء الذي تنشأ فيه الأجيال، والمنظومة التي تتقاطع فيها قضايا التعليم، والصحة، والعمل، والحماية الاجتماعية، وفى هذا الإطار أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تقريراً حديثاً يرصد ملامح دقيقة وإحصاءات رسمية عن واقع الأسر المصرية، من حيث التوزيع الجغرافي، والتركيبة العمرية، والمستوى التعليمي، والظروف الاقتصادية، بحانب جهود الدولة المتواصلة لدعم هذه الوحدة الحيوية وتعزيز دورها في التنمية.
26.5 مليون أسرة في مصر.. والريف يحتضن الأغلبية
وفقا للتقرير، بلغ عدد الأسر المصرية حتى 1 يناير 2025 نحو 26.5 مليون أسرة، يتوزعون بين 14.7 مليون أسرة تقيم بالريف، بنسبة تمثل 55.6% من إجمالي الأسر، ونحو 11.8 مليون أسرة تقيم بالحضر، بنسبة 44.4%.
هذا التوزيع يعكس استمرار التركز السكاني في المناطق الريفية، رغم النمو العمراني المتسارع في المدن.
هيكل سكاني فتي.. ونسبة كبار السن لا تتجاوز 4%
وأوضح التقرير أن التركيبة العمرية للسكان في مصر تُظهر أن المجتمع لا يزال فتيًّا، حيث أن 34.3% من الأفراد دون سن 15 سنة، و26.8% ضمن فئة الشباب (15–29 سنة)، كما أن 35% في سن العمل (30–64 سنة)، بينما 3.9% فقط هم كبار السن (65 سنة فأكثر).
التعليم.. أولوية داخل الأسرة المصرية
وبحسب التقرير، بلغ عدد الطلاب المقيدين بالتعليم قبل الجامعي في العام الدراسي 2023/2024 نحو 25.7 مليون طالب، موزعين على النحو التالي:
• 1.3 مليون في التعليم قبل الابتدائي.
• 13.6 مليون في الابتدائي.
• 6.1 مليون في الإعدادي.
• 4.4 مليون في التعليم الثانوي، بينهم 2.2 مليون في الثانوي العام و1 مليون بالصناعي.
• بالإضافة إلى 189.4 ألف طالب في التعليم المجتمعي والتربية الخاصة.
وفي التعليم العالي، تم تسجيل 3.76 مليون طالب، بينهم 49.6% من الإناث و50.4% من الذكور، ما يعكس اتجاهاً نحو التوازن بين الجنسين في التعليم الجامعي.
تحسن في مؤشرات البطالة والمشاركة الاقتصادية
كما أشار التقرير الصادر عن جهاز الإحصاء حول أوضاع الأسرة المصرية، إلى إنه وفقاً لنتائج بحث القوى العاملة لعام 2024، شهدت مؤشرات سوق العمل تحسنًا ملحوظًا، حيث انخفض معدل البطالة في الحضر إلى 9.6% مقارنة بـ9.9% عام 2023، وفي الريف انخفض إلى 4.2% مقابل 4.8%،
وبلغت البطالة بين الذكور 4.2% مقابل 4.7% فى 2023، وبين الإناث سجلت 17.1%، مقابل 17.8%، كما ارتفع معدل المساهمة في النشاط الاقتصادي إلى 44.2% من السكان 15 سنة فأكثر خلال 2024، مقابل 43.4% في 2023، مع تساوٍ نسبي بين الحضر (44%) والريف (44.4%).
حماية اجتماعية وتمكين اقتصادي لدعم الأسر
تبنت الدولة المصرية نهجًا شاملاً لتحسين المستوى المعيشي للأسر، وشهدت موازنة 2024/2025 تخصيص 635.9 مليار جنيه لبرامج الحماية الاجتماعية، تشمل: الدعم الغذائي، والتأمين الصحي والاجتماعي، وبرامج التحويلات النقدية، الإسكان الاجتماعي.
وقد استفاد من هذه البرامج نحو 4.7 مليون أسرة، بالإضافة إلى 500 ألف أسرة بالتعاون مع المجتمع المدني، ليصل عدد المستفيدين إلى 22 مليون فرد، كما استفادت 1.3 مليون أسرة من برامج التمكين الاقتصادي خلال الفترة 2014–2024، غالبيتهم من النساء (70%)، إلى جانب توفير أكثر من 14 ألف فرصة عمل لذوي الإعاقة خلال عام ونصف فقط.
استراتيجيات طويلة المدى لبناء الإنسان المصري
وتعزز الدولة أدوار الأسرة من خلال استراتيجيات تنموية متعددة، من أبرزها:
• الاستراتيجية الوطنية لتنمية الطفولة المبكرة (2024–2029).
• الإطار الاستراتيجي للطفولة والأمومة (2018–2030).
• الخطة الوطنية لمكافحة عمل الأطفال.
• مبادرة “صاحبوهم تكسبوهم” التي أطلقها المجلس القومي للطفولة والأمومة في أكتوبر 2024 لتوعية الأسر بأساليب التربية الإيجابية.
كذلك بدأت وزارة التربية والتعليم تحديث خطة استراتيجية (2024–2029) لتحسين جودة التعليم وضمان إتاحته لكافة شرائح المجتمع.
في النهاية وبعد قراءة هذه الأرقام، يتضح أن الدولة المصرية تضع الأسرة فى قلب التنمية، كما تعكس الأرقام والجهود السابقة أيضًا أن الأسرة المصرية لا تزال محور الاهتمام في السياسات العامة، فهي ليست فقط وحدة اجتماعية، بل أساس لأي تقدم تنموي، ومع تزايد التحديات، يبقى دعم الأسرة وتمكينها هو الطريق نحو مجتمع أكثر استقرارًا وعدالة وقدرة على تحقيق التنمية المستدامة.