في ظل المساعي المتواصلة لضبط النمو السكاني وتحقيق التوازن الديموجرافي، تأتي مؤشرات الإنجاب الجديدة التى أصدرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء حديثًا، لتسلّط الضوء على تحولات لافتة تشهدها مصر في السنوات الأخيرة، حيث أعلن الجهاز في تقرير حديث له بشأن معدلات الإنجاب الكلي لعام 2024، عن تراجع واضح في متوسط عدد المواليد لكل سيدة، مع تفاوت كبير بين المحافظات.
وبحسب الجهاز، يكتسب هذا التقرير عن معدلات الإنجاب أهمية خاصة كونه يُعد مرآة للواقع السكاني، وأداة ضرورية لدعم صُنّاع القرار في تصميم السياسات السكانية والصحية والتعليمية، بما يتماشى مع أهداف الإستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية 2023–2030، كما تعد هذه المؤشرات أداة رئيسية لفهم التحولات الديموجرافية في مصر، خاصة في ظل التوجهات الحكومية نحو تحقيق التوازن السكاني وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
كشفت البيانات الصادرة عن الجهاز، أن متوسط عدد المواليد لكل سيدة "معدل الإنجاب الكلي" بلغ 2.41 طفل لكل سيدة عام 2024، مسجلًا انخفاضًا بنسبة 5.1% مقارنة بعام 2023، ويأتي هذا التراجع استكمالًا للاتجاه التنازلي المستمر في معدلات الإنجاب منذ عام 2014، ما يعكس فاعلية السياسات السكانية والتوعوية ضمن الإستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية 2023-2030.
ووفقًا لجهاز الإحصاء، اعتمد التقرير في تقديراته على بيانات المواليد الإلكترونية الصادرة عن وزارات التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والصحة والسكان، إلى جانب استخدام الهيكل العمري لتعداد 2017 بناءً على الإسقاطات السكانية الأخيرة، لتحديد توزيع السيدات ضمن الفئات العمرية الإنجابية "15–49 سنة" في كل محافظة.
كما تم احتساب المعدلات باستخدام توزيع المواليد حسب عمر الأم ومحل الإقامة، ما أتاح قياسًا دقيقًا لمعدلات الإنجاب الكلية والتفصيلية على مستوى الجمهورية.
وأظهرت النتائج تباينًا كبيرًا بين المحافظات، حيث سجلت محافظة بورسعيد أدنى معدل إنجاب كلي بلغ 1.54 طفل لكل سيدة، في حين سجلت محافظة مطروح أعلى معدل إنجاب بلغ 4.75 طفل لكل سيدة.
ويُظهِر هذا التفاوت استمرار انخفاض معدلات الإنجاب في المحافظات الحضرية ومحافظات الوجه البحري، مقابل ارتفاعها في المحافظات الحدودية ومحافظات الوجه القبلي، ما يبرز الحاجة إلى مزيد من التدخلات التنموية والتوعوية لتعزيز مفاهيم الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.
كما أشار التقرير إلى أن جميع المحافظات شهدت انخفاضًا متفاوتًا في معدلات الإنجاب عند مقارنة بيانات 2024 بمعدلات عامي 2023 و2021 "وفقًا لبيانات مسح صحة الأسرة المصرية 2021"، ويوضح ذلك التأثير الإيجابي لتكثيف برامج التوعية بالصحة الإنجابية، وتمكين المرأة، وجهود تنظيم الأسرة التي جرى تنفيذها خلال السنوات الأخيرة.
وفى ختام التقرير، أكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء على أهمية توفير هذه البيانات في الوقت المناسب لدعم السياسات السكانية، ورسم خطط التنمية المستدامة، بما يسهم في تحسين جودة الحياة والارتقاء بمستوى الخدمات الصحية والاجتماعية، كما دعا إلى مواصلة الجهود التوعوية وتمكين المرأة، بهدف تحقيق التوازن الديموجرافي المطلوب، وتحقيق رؤية مصر السكانية حتى عام 2030.