أصدرت الدائرة الثالثة – بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة – حكما قضائيا فريداً من نوعه، يهم ما يزيد عن 12 ألف صحفيا، بإلغاء قرار شطب صحفية من جداول النقابة بحجة عدم سدادها الاشتراكات لمدة 5 سنوات، وذلك بمخالفة تطبيق نص المادة 23 من القانون خاطئ والقضاء بعودتها مرة أخرى، ورسخت لمبدأ قضائيا نصه: "العضو بالفعل تسقط عنه العضوية حال لم يسدد الاشتراك لكن هذا يكون من تاريخ اخطار أمين الصندوق له، كمان أنه لو سدد الاشتركات وفوائدها القانونية تعود له العضوية بأثر رجعي وتحتسب أي مدة سابقة في الأقدمية والمعاش".
الخلاصة:
الحكاية بدأت حينما توقفت إحدى عضوات النقابة عن سداد الاشتراكات من 2017 حتى 2023، وتم شطبها من النقابة، والنقابة سببت قرارها في حيثيات القرار بإن العضوة لم تُسدد الاشتراكات لمدة 5 سنين، وبالتالي تسقط عنها العضوية بقوة القانون.
وفى تلك الأثناء – تقدم دفاع الصحفية بطلبين أحدهم للنقيب العام، والثاني للسكرتير العام وضح فيه إن تطبيق المادة 23 من القانون خاطئ، وإن المشرع قصد بمدة الـ5 سنوات الواردة بحكم المادة السابقة هي 5 سنوات من تاريخ الاخطار وهذا أولا، وأن طالما العضو سدد اشتركاته مضاف لها الفوائد القانونية، فبذلك يعود للجدول وتعود له كل الخدمات وتحتسب له الأقدمية والمعاش.
ولكن الأزمة أن النقابة امتنعت عن الاستجابة للطلبات، فإضطرت العضوة تسدد الاشتراكات بموجب انذار على يد محضر مضاف لها الفوائد القانونية، فتقدم بدعوى قضائية اختصم فيها النقابة، وطلب الغاء قرار الشطب لمخالفته لنص القانون، المحكمة تدخلت، وقالت إن العضو بالفعل تسقط عنه العضوية حال لم يسدد الاشتراك لكن هذا يكون من تاريخ اخطار أمين الصندوق له، كمان إنه لو سدد الاشتركات وفوائدها القانونية تعود له العضوية بأثر رجعي وتحتسب أي مدة سابقة في الأقدمية والمعاش.
صدر الحكم في الدعوى رقم 69175 لسنة 77 قضائية، لصالح المحامى شريف العجوز، برئاسة المستشار الدكتور فتحى محمد السيد هلال، وعضوية المستشارين أحمد جلال زكي عبد الله، و محمد عبد الله محمد السيد مقلد، ومحمد أحمد مطر، وأمانة سر أحمد عبد النبي.
الوقائع.. نزاع قضائى بين صحفية ونقابة الصحفيين
أقامت المدعية دعواها المائلة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 13 أغسطس 2023، وطلبت في ختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار مجلس نقابة الصحفيين بشطب المدعية من جدول المشتغلين مع ما ترتب على ذلك من آثار أهمها إصدار وتسليم بطاقة عضوية المدعية للعام الحالي وما تلاه وإعادة صرف البدلات المالية المستحقة للصحفيين بداية من يونيو 2023 واحتساب مدد الاستبعاد في الأقدمية والمعاش.
وذكرت المدعية شرحا لدعواها أنها قيدت بجدول المشتغلين بالنقابة المدعى عليها بتاريخ 18 مارس 2014 وقيدت برقم 9718، ومنذ قيدها بالنقابة وهي تقوم بالوفاء بالتزاماتها تجاه النقابة، إلا أنها في عام 3 أكتوبر 2017 تعرضت لفقد أخيها بحادث أليم أصيبت بعدها بحالة اكتئاب مرضية أبعدتها عن التواصل مع المجتمع، واستمرت فترة علاجها حتى 10 مارس 2019، بعدها خضعت لجلسات تأهيل للعودة للمجتمع حتى أتم الله شفائها وعادت للحياة والعمل مرة أخرى.
نقابة الصحفيين تشطب الصحفية لعدم سدادها الاشتركات لمدة 5 سنوات
وقد حاولت المدعية سداد الاشتراكات المتأخرة منذ بداية عام 2023 إلا أن محاولاتها كل مرة تبوء بالفشل الامتناع الموظف المختص عن استلام الاشتراكات إلى أن فوجئت بشطب اسمها من النقابة دون سابق إنذار، وقامت المدعية لاحقا بسداد الاشتراكات المتأخرة بالفوائد القانونية، ونعت المدعية على مسلك النقابة المدعى عليها بمخالفة القانون، واختتمت صحيفة دعواها بطلباتها سالفة البيان.
وعينت المحكمة لنظر الدعوى جلسة 10 سبتمبر 2023، وبها قدم الحاضر عن المدعية ثلاث حوافظ مستندات طويت كل منها على ما سطر بغلافها، وبذات الجلسة قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها، وقد جرى تحضير الدعوى لدى هيئة مفوضي الدولة على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، وأعدت الهيئة تقرير بالرأي القانوني في الدعوى أرتات في ختامه الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة واحتياطيا برفض الدعوى.
تقديم حوافظ مستندات
وتبعا لذلك، تداولت الدائرة الثانية بالمحكمة نظر الدعوى على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، حيث قدم الحاضر عن المدعية إعلان وحافظة مستندات طويت على ما سطر يغلافها. ونفاذا لقرار رئيس مجلس الدولة رقم 701 لسنة 2024 بإعادة توزيع اختصاصات دوائر محكمة القضاء الإداري، وردت الدعوى إلى هذه الدائرة، وجرى تداولها على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، حيث قدم المحاصيل عن المدعية حافظة مستندات طويت على ما سطر بغلافها، ومذكرة دفاع صمم فيها على ذات الطلبات الواردة بصحيفة الدعوى، وبجلسة 15 ديسمبر 2024 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم، ومن ثم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا، ومن حيث إن المدعية تطلب الحكم - وفقا للتكييف القانوني السليم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار اية المدعى عليها السلبي بالامتناع عن إعادة قيد المدعية بجدول النقابة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام النقابة مدعى عليها المصروفات.
شروط قيد الصحفي في جدول النقابة والجداول الفرعية
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن شكل الدعوى، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانونا، فمن ثم فهي تعدو مقبولة شكلا، ومن حيث إن الفصل في موضوع الدعوى يغني بحسب الأصل عن تناول شقها العاجل، أما عن الموضوع فقالت: ولما كانت المادة (5) من القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين تنص على أنه يشترط لقيد الصحفي في جدول النقابة والجداول الفرعية:
(أ) أن يكون صحفيا محترفا غير مالك لصحيفة أو وكالة أنباء تعمل في الجمهورية العربية المتحدة أو شريكا في ملكيتها أو مسهما في رأس مالها.
(ب) أن يكون من مواطني الجمهورية العربية المتحدة.
(ج) أن يكون حسن السمعة لم يسبق الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو تقرر شطب اسمه من الجدول الأسباب ماسة بالشرف أو الأمانة.
(د) أن يكون حاصلا على مؤهل دراسي عال.
النتائج المترتبة على فقد العضو شرطا من شروط القيد في الجدول
وبحسب "المحكمة": وتنص المادة (18) من ذات القانون على أنه إذا فقد العضو شرطا من شروط القيد في الجدول فعلى مجلس النقابة إبلاغ لجنة القيد لتصدر قرارا بشطب اسمه من الجدول، ولمن شطب اسمه من الجدول أن يستأنف هذا القرار أمام اللجنة المنصوص عليها في المادة الرابعة عشرة من هذا القانون خلال ثلاثين يوما من تاريخ إبلاغه بالقرار المذكور، وله أن يجدد طلب القيد في الجدول مصحوبا برسم قيد جديد، وعلى اللجنة أن تعيد قيده بعد التحقق من زوال أسباب شطب الاسم".
ووفقا لـ"المحكمة": وتنص المادة (23) من ذات القانون على أن يؤدى عضو النقابة إلى خزانتها رسم اشتراك بالقيمة التي تحددها اللائحة الداخلية ويجب أداؤه في ميعاد غايته آخر مارس من كل سنة، ومن يتخلف عن تأدية الاشتراك في الموعد المذكور لا يقبل منه أي طلب ولا تعطى له أي شهادة من النقابة ولا يتمتع بأية خدمة نقابية الا بعد أن يؤدى جميع الاشتراكات، ويقوم أمين الصندوق بعد هذا التاريخ بإنذار من تخلف عن أداء الاشتراك باستبعاد اسمه بمقتضى كتاب مسجل بعلم الوصول ومن يتخلف عن تأدية الاشتراك حتى آخر يونيه من كل سنة يعتبر مستبعدا من الجدول بقوة القانون، فإذا أوفى بالاشتراكات المستحقة عليه وفوائدها بواقع 6% من تاريخ الاستحقاق أعيد اسمه إلى الجدول بغير إجراءات، واحتسبت له مدد الاستبعاد في الاقدمية والمعاش مع مراعاة أنه إذا مضى على استبعاد الصحفي خمس سنوات دون الوفاء بالاشتراكات المستحقة عليه وفوائدها زالت عضوية النقابة عنه بقوة القانون".
الزم المشرع عضو النقابة بسداد رسم اشتراك بالقيمة التي تحددها اللائحة الداخلية للنقابة
وتضيف "المحكمة": ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع أوضح الشروط الواجب توافرها لقيد الصحفي في جدول نقابة الصحفيين، وتعد هذه الشروط شروط قبول واستمرار بحيث إذا فقدها عضو النقابة صدر قرار بشطبه من جدول النقابة، وقد الزم المشرع عضو النقابة بسداد رسم اشتراك بالقيمة التي تحددها اللائحة الداخلية للنقابة، ورتب جزاء على التخلف عن تأدية الاشتراك في الموعد المذكور ألا وهو عدم قبول من العضو أي طلب وعدم إعطاء أي شهادة له من النقابة وعدم تمتعه باية خدمة نقابية، ويتم إنذاره باستبعاد اسمه من جدول النقابة، فإذا استمر ممتنعا عن سداد الاشتراكات حتى آخر يونيو من كل عام اعتبر مستبعدا من جدول النقابة بقوة القانون والحال وفاته بالاشتراكات المستحقة وفوائدها تتم إعادة اسمه إلى جدول النقابة، إلا أن عضو التقليم إذا مضى على استبعاده من جدول النقابة خمس سنوات دون أن يقوم بالوفاء بما هو مستحق عليه من اشتراكات والله عضويته والنقابة بقوة القانون .
واستندت المحكمة على حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 7950 لسنة 47 قضائية . ع – جلسة 29 يناير 2005 – والذى جاء في حيثياته: ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أنه إذا ذكرت الجهة الإدارية سببا لقرارها فإن هذا السبب يخضع لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مدى مطابقة للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار، وهذه النتيجة تجد حدها الطبيعي فيما إذا كانت مستخلصة استخلاصنا مانعا من أصول تنتجها ماديا وقانونيا، فإذا كانت منتزعة من غير أصول موجودة أو من أصول لا تنتجها كان القرار فاقدا لركن من أركانه وهو ركن السبب ووقع مخالفا لأحكام القانون.
يتعين على النقابة اعادتها
وأكدت "المحكمة": حيث إنه على هدي ما تقدم - ولما كان الثابت بالأوراق أن المدعية كانت عضوة بجدول المشتغلين بالنقابة عليها، برقم عضوية 9718 بتاريخ 18 مارس 2014، وكان آخر سداد من جانبها لاشتراكات النقابة عام 2017، للإفادة الصادرة من النقابة المدعى عليها بتاريخ 29 يناير 2024 - وإزاء عدم سدادها للاشتراكات أنذرتها النقابة في 2022، ثم شطبتها من جدول النقابة في 3 يونيو 2023، ولما كان الثابت أن المدعية أنذرت النقابة المدعى عليها بسداد الاشتراكات السنوية المتأخرة عليها مضافا إليها نسبة 6% قيمة الفوائد القانونية، وذلك بتاريخ 10 أغسطس 2023، فإنه تعين على النقابة من ثم إعادتها إلى جدول النقابة بغير إجراءات نفاذا لصريح حكم الفقرة الثالثة من المادة (23) من قانون نقابة الصحفيين، وهي إن لم تفعل فإن قرارها السلبي المطعون عليه يكون قد صدر بالمخالة للقانون، خليقا والحال كذلك بالإلغاء، مع كافة ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها احتساب مدة شطب المدعية ضمن المدة التي يستحق عنها معاش.
وتضيف "المحكمة": ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات، فإنه يتعين إلزام النقابة المدعى عليها بها، وكذا مبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة عملا بحكم المادة (187) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 والمعدلة بالقانون رقم 147 لسنة 2019.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار المطعون عليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، والزمت النقابة المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.