اقتربت ساعة السفر إلى أطهر بقاع الأرض، وبدأت أفواج الحجيج في التحرك، تحمل معها الشوق والدعاء والدموع، وترتدي قلوبهم قبل ملابس الإحرام.
موسم الحج عاد، يحمل معه الأمل في الغفران، فيما تتهيأ بعثة الحج المصرية لتكون جسرًا بين الحجاج وطمأنينتهم.
وزارة الداخلية، لا تترك شيئًا للصدفة، بتوجيهات مباشرة من وزير الداخلية اللواء محمود توفيق، بدأت التجهيزات والاستعدادات على قدم وساق، لضمان رحلة إيمانية آمنة ومُيسرة لضيوف الرحمن.
تفاصيل بعثة لا تنام
بعثة الحج المصرية تحوّلت هذه الأيام إلى خلية نحل، لا تهدأ ولا تغفل، مهمتها الوحيدة: راحة الحجاج. تأمين، رعاية، متابعة لحظية، واستعداد للتعامل مع أي طارئ أو استفسار أو شكوى.
فالرحلة إلى المشاعر المقدسة ليست مجرد انتقال جغرافي، بل تجربة إنسانية وروحية كاملة، تحتاج إلى رعاية على كل المستويات.
ولأن وزارة الداخلية تعي هذا المعنى، فقد حرصت على متابعة أدق التفاصيل، بدءًا من التنقلات والسكن، مرورًا بالخدمات الطبية والإدارية، وانتهاءً بالاستجابة الفورية لأي نداء من نداءات الحجاج.
ولم تكتفِ البعثة بالتنظيم التقليدي، بل أطلقت دعوة واضحة وصريحة للحجاج: "التزموا بالتعليمات.. سلامتكم أمانة". تعليمات قد تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها جوهرية في ضمان أمن وسلامة الحجاج.
ثلاثية الأمان في الحج
بعثة حج القرعة ناشدت الحجاج بارتداء كارت التعارف وإسوارة المعصم وبطاقة نسك التي تسلمها البعثة لكل حاج، وهي ليست مجرد مستندات، بل أدوات إنقاذ حقيقية في الزحام والضياع والحالات الطارئة.
فكارت التعارف يُعرّف بصاحبه عند الحاجة، وإسوارة المعصم تساعد على الوصول السريع لمكان الإقامة أو المخيم، أما بطاقة نسك فهي البوابة التنظيمية لعبور الحاج إلى المشاعر بأمان وسلاسة، ووفقًا للضوابط السعودية المحددة.
وتحث البعثة الحجاج على تجنب الوقوف الطويل تحت الشمس، خاصة في ساعات الذروة، والحرص على السير في مجموعات مصحوبة بمندوبي مكاتب الخدمة الميدانية، حفاظًا على النظام وسلامة الجميع.
كما تم التأكيد على أهمية الإلمام المسبق بمواقع المخيمات في عرفات ومنى، لتفادي أي ارتباك أو ضياع في الزحام الذي يتضاعف في أيام الحج الكبرى.
الطواف بالمواعيد
ومن بين التوصيات المهمة التي وجهتها بعثة القرعة لحجاج بيت الله الحرام، ضرورة الالتزام بالمواعيد الرسمية المخصصة للطواف ودخول المطاف، وفقًا لما حددته السلطات السعودية، وذلك لتجنب التكدسات وضمان انسيابية الحركة في أقدس بقاع الأرض.
وتُعد هذه الإجراءات جزءًا من منظومة أكبر تهدف إلى الحفاظ على سلامة الحجيج وسط أجواء روحانية مكتظة بالمشاعر والوجوه واللغات المختلفة.
صوت الإنسان يعلو على الزحام
ورغم ضخامة الأعداد وتحديات التنظيم، إلا أن البعثة تؤكد دومًا أن الإنسان هو الأولوية، كل حاج له حق في السؤال، والشكوى، والرعاية، والاستجابة، لا صوت يعلو فوق صوت الطمأنينة، ولا مشهد أقدس من حاجٍ يؤدي نسكه في سلام.
هذا هو العهد الذي قطعته وزارة الداخلية، وتلك هي المهمة التي تتبناها بعثة الحج المصرية، عامًا بعد عام: أن تُعيد رسم المشقة بحروف التنظيم، وتحوّل الزحام إلى طقس مُطمئن، وتُذيب الصعاب في دفء العناية.
الرحلة إلى الحج ليست فقط إلى مكة، بل إلى معنى أعمق، وروح أنقى، وطمأنينة لا تشبه غيرها، وبجهود تبذل في صمت، تضمن البعثة أن تظل رحلة الحجيج كما يجب أن تكون: أمنًا، وعبادة، وسلامًا.