انطلقت اليوم الثلاثاء، أعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري، وذلك في المحطة الأخيرة من الشق التمهيدي للقمة العربية التنموية والمقررة السبت المقبل في العاصمة العراقية بغداد، وذلك بالتزامن مع القمة العربية في دورتها العادية لاول مرة في تاريخ القمم العربية.
وتسلمت دولة العراق رئاسة المجلس من الجمهورية اللبنانية، والتي ترأست أعمال القمة التنموية منذ انعقادها في بيروت في عام 2019.
والأولوية القصوى التي تضعها القمة العربية التنموية على عاتقها تتمثل في تقديم "حياة كريمة" للمواطن العربي، وهو ما يمكن ان يتحقق عبر تعزيز التكامل بين الدول العربية.
وفي هذا الاطار، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى أهمية التوصل إلى رؤى اقتصادية عربية مشتركة للتعامل مع اضطرابات النظام الاقتصادي الدولي، مشدداً على أن انحسار العولمة وصعود الحمائية يفرضان على الدول العربية تعزيز التعاون والتكامل الإقليمي لضمان استقرار الأسواق وسلاسل الإمداد، خاصة في أوقات الأزمات.
وأضاف أبو الغيط "إذا تعاملنا مع التحديات المستجدة برؤية جماعية ونهج تشاركي مرن، يمكن للدول العربية أن تكون في وضع أفضل بكثير، بحيث لا يتخلف أحد عن الركب”
وشدد أبو الغيط على على أهمية الموضوعات المدرجة على جدول أعمال القمة، والتي تشمل ملفات محورية مثل التكامل الاقتصادي العربي، الطاقة، الحماية الاجتماعية، الصحة، التعليم، المرأة، الشباب، والتمويل المستدام، إضافة إلى رؤية 2045، والتي تواكب مئوية تأسيس جامعة الدول العربية
وأكد أن ضمان الحياة الكريمة للمواطن العربي يبدأ بتوفير احتياجاته الأساسية من الغذاء والمأوى والملبس، وضمان حريته وكرامته وحقوقه، مشيراً إلى أن عدة دول عربية حققت تقدماً ملحوظاً في هذا المجال من خلال تبني استراتيجيات وطنية متطورة.
ودعا إلى تبادل الخبرات العربية الناجحة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة، وتفعيل المنظومة التنموية العربية وتطوير أدائها بما يعزز الاستقرار والازدهار في المنطقة
وأما بناء الشراكات العربية، فيمثل السبيل الوحيد لتحقيق أكبر قدر من التكامل، وهو الأمر الذي من شأنه تنحية النزعة التنافسية لتحقيق المصالح المشتركة وهو ما يحمل بعدا رمزيا بالنظر الى الظرف المكاني للقمتين العربيتين المرتقبتين في اطار انعقادها في بغداد، والتي تعد ضلعا مهما في العديد من الشراكات التي أعادت لها مكانتها في المنطقة العربية بعد سنوات من الأزمات المتلاحقة.
من جانبه، أكد وزير التجارة العراقي أثير داود سلمان، على أهمية انعقاد القمة في بغداد والتي تمثل لحظة استراتيجية لبناء مستقبل عربي مشترك يرتكز على أسس التكامل الاقتصادي، والتنمية المستدامة، والعدالة الاجتماعية.
ورحب سلمان، في مستهل كلمته أمام اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري، باسم حكومة وشعب العراق، بالوفود المشاركة في بغداد "مدينة السلام”، معرباً عن اعتزاز العراق باستضافة الدورة الحالية من القمة، ومثمناً جهود الجمهورية اللبنانية في استضافة الدورة السابقة، ومشيداً بالدور الفاعل للأمانة العامة لجامعة الدول العربية في التحضير لهذا الحدث.
وقال الوزير العراقي إن الملفات المطروحة على جدول أعمال القمة تعكس الأولويات الفعلية للمرحلة، من تعزيز الأمن الغذائي والتكامل الصناعي، إلى إطلاق مشاريع بنى تحتية مشتركة، وتوسيع المبادرات الصحية والتعليمية والاجتماعية، مؤكداً أن “تحويل الحدود إلى جسور، والتجزئة إلى وحدة اقتصادية لم يعد خياراً، بل ضرورة تمليها التحديات الإقليمية والدولية”.
وأشار إلى أن الدول العربية أمام لحظة مفصلية تتطلب إرادة جماعية لنقل الاقتصادات العربية من التنافس المحدود إلى فضاء التكامل الرحب، والاعتماد على القدرات الذاتية بدلاً من الارتهان للخارج، لبناء اقتصاد عربي قوي ومتين يحقق تطلعات الشعوب ويضمن مستقبل الأجيال.
وشدد سلمان على أن "الصناعة كانت وستبقى قاطرة التنمية"، مؤكداً أهمية النهوض بالقطاع الصناعي كعنصر محوري لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتحسين الموازين التجارية، وتوفير فرص العمل، والحد من البطالة.
كما دعا إلى مواكبة التحولات التكنولوجية العالمية من خلال تبني سياسات جديدة قائمة على الابتكار، والتحول الرقمي، والطاقة المتجددة، مع ضرورة تمكين الشباب والمرأة والفئات الهشة ضمن رؤية تنموية شاملة.
واختتم وزير التجارة العراقي كلمته بالتأكيد على أهمية تحويل مداولات القمة إلى قرارات عملية تفتح آفاقاً أوسع للتكامل والتعاون بين الدول العربية، قائلاً: "نأمل أن تكون هذه القمة نقطة انطلاق حقيقية نحو شراكة اقتصادية فاعلة بين بلداننا".