أخيرًا حصل دونالد ترامب الرئيس الأمريكى على مراده من التوسط بين روسيا وأوكراينا باستحواذه على المعادن النادرة التى تمتلها كييف، بالتوقيع على الاتفاق خلال الساعات الماضية، وذلك رغم رفض الرئيس الأوكرانى فلوديمير زيلينسكى فى البداية التفريط فى معادن البلاد، إلا أن الضغط الأمريكى أدى فى النهاية إلى توقيع الاتفاق كثمن للسلام مع روسيا ووقف الحرب.
وكشفت نائبة رئيس الوزراء الأوكرانى يوليا سفيريدينكو، عن أبرز بنود اتفاق المعادن المبرم بين كييف وواشنطن، مشيرة إلى أن الاتفاق نص صراحة على "احتفاظ أوكرانيا بكامل سيادتها على مواردها"، وكتبت سفيريدينكو فى حسابها على منصة "فيسبوك" موضحة بنود الاتفاق: "جميع الموارد على أراضينا وفى مياهنا الإقليمية ملكٌ لأوكرانيا. الدولة الأوكرانية هى التى تُحدد مكان استخراجها وماهيته. تبقى الموارد الباطنية ملكا أوكرانيا - وهذا مثبت فى الاتفاق."
وأكد نائب وزير الاقتصاد الأوكرانى تاراس كاتشكا، أن اتفاقية المعادن ليست "رداً للجميل" على الدعم الذى تقدمه الولايات المتحدة لأوكرانيا، وفقاً لما ذكر موقع "أكسيوس" الأمريكي، موضحا أن الاتفاقية ستكون "استشرافية"، وأنها "لا تهدف إلى رد الجميل للدعم الأمريكى لأوكرانيا- كما وصفه ترامب سابقاً- بل إلى منح الولايات المتحدة فرصة الاستفادة من دفاعها عن أوكرانيا من خلال الاستثمارات"، حسب قوله.
واعتبر أن "هذه الاتفاقية مفيدة للطرفين، ومكتوبة بلغة ودية، وهى تتعلق بالاستثمارات"، قائلا: "اتفاق المعادن يهدف لتمكين واشنطن من الاستفادة من دفاعها عنّا عبر الاستثمارات".
وأضاف بعد الاتفاق، وقع فلاديمير زيلينسكى والرئيس دونالد ترامب، إلى جانب وزير المالية سكوت بيسنت، اتفاقية لإنشاء صندوق استثمار لإعادة إعمار الولايات المتحدة الأمريكية وأوكرانيا، حيث تم تأسيس الصندوق بنسبة 50/50، سندير هذا الصندوق بالتعاون مع الولايات المتحدة. لن يكون لأى من الطرفين قرار حاسم، وسيعكس ذلك شراكة متساوية بين أوكرانيا والولايات المتحدة.
لا ينص الاتفاق على أى تغييرات فى عمليات الخصخصة أو إدارة الشركات المملوكة للدولة، بل سيظل ملكا لأوكرانيا. وستبقى شركاتٌ مثل "أوكرنافتا" أو "إنيرغوأتوم" ملكا للدولة.
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف، وتابع البيان: "بموجب صفقة المعادن، يحظر على الدول والأفراد الذين مولوا الصناعة العسكرية الروسية المشاركة فى إعادة إعمار أوكرانيا"، وشدد البيان على أنه "تقديرا للدعم المالى والمادى الكبير الذى قدمه شعب الولايات المتحدة للدفاع عن أوكرانيا، تمكن هذه الشراكة الاقتصادية بلدينا من العمل معا والاستثمار لضمان أن تسهم أصولنا وقدراتنا المشتركة فى تسريع التعافى الاقتصادى لأوكرانيا".
ومن جهته قال نائب رئيس الوزراء الأوكرانى سفيريدينكو: "ينص الاتفاق بين أوكرانيا والولايات المتحدة على أن جميع الموارد الموجودة على أراضى أوكرانيا تظل تحت ملكية وسيطرة كييف"، وأضاف: "ستتولى أوكرانيا والولايات المتحدة إدارة صندوق الاستثمار بشكل مشترك، ولن يكون لأى من الطرفين قرار حاسم".
الاتفاق يتماشى مع الدستور الأوكرانى ولا يتعارض مع أى التزامات دولية لكييف، كما لا يغير من المسار الأوروبى للدولة. ويُعد الاتفاق بمثابة رسالة ثقة للمستثمرين العالميين بشأن استقرار واستدامة التعاون مع أوكرانيا، ولا يتطلب تنفيذ الاتفاق سوى تعديلات موضعية فى قانون الموازنة، على أن يصادق البرلمان الأوكرانى على الاتفاق.
تم إعداد نسخة من الاتفاق تضمن مصالح كلا الطرفين على المدى الطويل. ويعكس التزام الولايات المتحدة بتحقيق السلام المستدام فى أوكرانيا، واعترافها بمساهمة كييف فى الأمن الدولى من خلال تخلّيها عن ترسانتها النووية. كما يشكل هذا الاتفاق التزاما أمريكيا بمساندة جهود أوكرانيا فى الأمن والإعمار وإعادة الإعمار.
يذكر أن التوقيع على صفقة المعادن الأرضية النادرة انهار فى أواخر فبراير عندما حضر زيلينسكى إلى البيت الأبيض وتعرض لتوبيخ من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بسبب عدم احترامه لمضيفه، بينما وصف نائب الرئيس الأمريكى جيه دى فانس الضيف القادم من كييف بأنه ناكر للجميل. وطُلب من زيلينسكى مغادرة البيت الأبيض بعد مشادة كلامية علنية.
وتعليقا على الاتفاقية قال نائب رئيس مجلس الأمن الروسى ديمترى ميدفيديف: "إن توقيع اتفاق المعادن بين أوكرانيا والولايات المتحدة يعنى نجاح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى إجبار أوكرانيا على دفع ثمن المساعدات الأمريكية"، وكتب ميدفيديف، الرئيس الروسى السابق، على تطبيق تلجرام: "الآن يتحتم عليهم دفع ثمن الإمدادات العسكرية من الثروة الوطنية لبلد يتلاشى".
