أصدرت محكمة بندر الزقازيق الجزئية، حكما فريدا من نوعه، بالتعويض لسيدة اتلفت سيارة عمدا لركن سيارتها أسفل منزل المدعى عليه، وذلك بناء على فلاشة مصورة للواقعة بعد استعراضها بجانب أوراق الدعوى.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 617 لسنة 2024 مدني بندر الزقازيق، برئاسة المستشار محمد سمير، وأمانة سر إبراهيم عثمان.
الوقائع.. نزاع قضائى بسبب "ركنة عربية"
تتحصل واقعات الدعوى وما تم فيها من إجراءات في أن المدعية قد أقامت دعواها قبل المدعى عليه بموجب صحيفة استوفت شرائطها القانونية، وأودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 3 ديسمبر 2024 وأعلنت قانونا ناشدت في ختاما الحكم: بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى للطالبة مبلغ وقدره 40 ألف جنيه تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابتها، والمسئولية التقصيرية، وكذا عن فوات الفرصة ومصاريف ونفقات التقاضي بالإضافة إلى الفوائد القانونية 4% من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا وحتى تمام السداد مع تحميل المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
على سند من القول حاصله أنه بتاريخ 6 سبتمبر 2024 قام المدعى عليه إثر قيادته للسيارة رقم (رم و 4275) بإتلاف السيارة رقم (رف 9473) ملكية الطالبة وتحرر عن واقعة الإتلاف المحضر رقم 9133 لسنة 2024 جنح أول الزقازيق وقيمة باستعراض القوة والترويع لها وولادها، كما أنه قام باستخدام آلة حادة وقام بإتلاف وتجريح الجانب الآيسر من السيارة، وقد تعرفت المدعية على شخص المعلن إليه، وقيامه بارتكاب الواقعة من خلال مطالعتها كاميرات المراقبة لأحد المنازل المجاورة لمكان الواقعة، وقد ثبت بمعاينة السيارة أنه تلاحظ "أنها خبطة بالإكصدام الأمامى وخدوش بالجانب الأيمن للسيارة من الامام والخلف".
شخص يقوم بإتلاف سيارة سيدة
وقد تم قيد الأوراق مخالفة قبل المدعى عليه وصدر أمر جنائي قبل المدعى عليه من النيابة العامة "تأمر بتغريم المتهم خمسون جنيها والمصاريف"، هذا وقد ترتب على نقل المعلن إليه أضرار مادية وأدبية تمثلت الأولى في إحداث تلفيات بالسيارة ملكية الطالبة والتي قامت باصلاحها، كما أنها تكبدت مصاريف استأجار سيارة أخرى لقضاء احتياجاتها ومصروفات التقاضي، وصولا لإثبات حقها، كما أصيبت بأضرار نفسية جراء فعل المعلن اليه هذا وقد توافرت علاقة السببية بين الفعل المنسوب للمدعى عليه والمتمثل في الخطأ التقصيري، وكذا الضرر الذي أصاب المدعية وقدرت الطالبة قيمة الاضرار المادية والأدبية التي اصابتها بمبلغ اربعون الف جنية، مما يحق معه للمدعية إقامة هذه الدعوى.
إذ طرحت الدعوى للمرافعة وتداولت بالجلسات على نحو ما ثبت بمحاضرها ومثلت خلالها المدعية بوكيل وطلب الحكم، كما مثل المدعى عليه بشخصة وبوكيل معه محام، وقدم مذكرة بدفاعه، هذا وقد استعرضت المحكمة محتوى الفلاشة ومقطع الفيديو محتواها في مواجهة الحاضرين على النحو الثابت بمحاضرها، وتبين أنه مقطع فيديو مدته خمسة دقائق وستة وثلاثون ثانية وتبين وجود سيارة سوداء اللون تقف بجوار الطريق وخلفها سيارة ذهبي اللون وأقر المدعى عليه بأنها السيارة خاصته، وأنه قائدها حال تصوير مقطع الفيديو وظهرت سيارة المدعى حال محاولة ركبها وحدث تلامس خفيف بين السيارتين، وعقب ذلك قام المدعى عليه بإبعاد سيارته إلى الجانب الآخر من الطريق بعد استبيان الأمر بشأن ذلك التلامس، وعقب ذلك قام بالمرور من الجهة اليمنى للسيارة السوداء اللون مرتين وصولا للبوابة الحديدية الخاصة بمسكنه.
والسبب ركن السيدة سيارتها أسفل منزل المدعى عليه
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى: فإن من المقرر وفقاً لنص المادة (163) من القانون المدني أن كل خطأ سبب ضرر للغير يلزم من أرتكبه بالتعويض، ومؤدى هذا النص أن عناصر المسئولية التقصيرية ثلاث: 1 - الخطأ ، 2-الضرر، 3- علاقة السببية بين الخطأ والضرر والخطأ في المسؤولية التقصيرية هو إخلال بالتزام قانوني، وهذا الالتزام يستلزم أن يصطنع الشخص في سلوكه اليقظة والتبصر حتى لا يضر بالغير فإذا الحرف عن هذا السلوك الواجب كان هذا الانحراف خطأ يستوجب المسئولية التقصيرية".
وبحسب "المحكمة": كما نصت المادة 323 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "للنيابة العامة في مواد الجنح التي لا يوجب القانون الحكم فيها بعقوبة الحبس، إذا رأت أن الجريمة بحسب ظروفها تكفي فيها عقوبة الغرامة فضلاً عن العقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف، أن تطلب من قاضي المحكمة الجزئية التي من اختصاصها نظر الدعوى توقيع العقوبة على المتهم بأمر يصدره بناءً على محضر جمع الاستدلالات أو أدلة الإثبات الأخرى بغير إجراء تحقيق أو سماع مرافعة".
المحكمة تستند على قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات
كما نصت المادة 327 من ذات القانون على أنه: "للنيابة العامة أن تعلن عدم قبولها للأمر الجنائي الصادر من القاضي، ولباقي الخصوم أن يعلنوا عدم قبولهم للأمر الصادر من القاضي أو من النيابة العامة ...... ولا يكون لما قضى به الأمر في موضوع الدعوى الجنائية حجية أمام المحاكم المدنية"، كما نصت المادة 11 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات على أنه: "الأدلة الرقمية يكون للأدلة المستمدة أو المستخرجة من الأجهزة أو المعدات أو الوسائط أو الدعامات الإلكترونية أو من النظام المعلوماتي أو من برامج الحاسب، أو من أي وسيلة لتقنية المعلومات ذات قيمة وحجية الأدلة الجنائية المادية في الإثبات الجنائي متى توافرت بها الشروط الفنية الواردة باللائحة التنفيذية لهذا القانون"، كما نصت المادة 9 من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1699 لسنة 2020 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 175 لسنة 2018 على الضوابط اللازم توافرها لحجية الأدلة الرقمية".
ووفقا لـ"المحكمة": ولما كان الثابت حسبما نص المشرع في المادة "170/1" من القانون المدنى على أنه: "يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور طبقا لأحكام المادتين 222-221 وقد نصت المادة 221 من القانون المدنى على أن: "إذا لم يكن التعويض مقدراً في العقد أو بنص في القانون فالقاضي هو الذي يقدره، ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخر في الوفاء به، ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوفاه ببذل محمد معقول، ومع ذلك اذا كان الالتزام مصدره العقد فلا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشا أو خطأ جسيما إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد".
والمستفاد مما سبق أن نطاق المسئولية العقدية يتحدد بشرطين أساسيين، أولها قيام عقد صحيح ينشئ التزاما بين المسئول والمضرور، وثانيها أن يكون الضرر ناتجا عن الإخلال بذلك الالتزام، فمن البديهي أنه حيث لا يوجد عقد لا تقوم المسئولية التعاقدية وتكون المسئولية التقصيرية هي الفيصل أن اكتملت أركانها من خطأ وضرر وعلاقة سببية فيما بينها.
المحكمة تستدل بأحكام محكمة النقض
واستدلت المحكمة بعدة أحكام لمحكمة النقض أبرزها الطعن المقيد برقم 334 لسنة 36 قضائية، والصادر بجلسة 8 أبريل 1972، والذى جاء في حيثياته: ومن المقرر في قضاء النقض أنه يبين من نصوص المواد 170 و221 و22 من القانون المدنى أن الأصل في المساحة المدنية أن التعويض عموماً يقدر بمقدار الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ، ويستوى في ذلك الضرر المادى والضرر الأدبي على أن يراعى القاضي في تقدير التعويض الظروف الملابسة للمضرور، وكان تقدير الضرر ومراعاة الظروف الملابسة في تقدير التعويض مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع".
وتضيف: وهو ما اصطلح على تسميته قانوناً بالمسئولية التقصيرية، وقوائمها الإخلال بالتزام قانوني واحد وعدم الأضرار بالغير، وتتحقق هذه المسئولية حيث يرتكب شخص خطأ يصيب الغير بضرر فهي تستلزم أركان ثلاثة: هي 1-الخطأ، 2-الضرر، 3-علاقة السببية ومثل الخطأ: في إتيان الفعل الذي أمر القانون بالامتناع عنه أو الامتناع عن الفعل الذي أمر القانون إتيانه، وذلك بانحراف المخطئ في سلوكه عن السلوك المألوف للشخص العادي، مع إدراكه لهذا الانحراف والضرر: هو العوار الذي يصيب الشخص في جسمه أو ماله ويسمي بالضرر المادي، أو يصيبه في شعوره وعاطفته أو كرامته وشرفه أو أي معني من المعاني التي يحرص الناس عليها ويسمي بالضرر الأدبي وعلاقة السببية: هو الرباط المباشر ما بين الخطأ والضرر، فهي التي تثبت أن ما أصابه المضرور من ضرر هو نتيجة ما ارتكبه المسئول من خطأ".
الخطأ التقصيرى والمسئولية التقصيرية
ومن المقرر في قضاء النقض أنه والخطأ التقصيري يكون عمداً أو بإهمال، والخطأ العمد هو المقترن بقصد الإضرار بالغير، أما الخطأ بإهمال فهو الإخلال بواجب قانوني دون قصد الأضرار بالغير، بيد أنها يستويان في توافر المسؤولية المدنية، كما أنه يستوى كذلك في قيام الخطأ التقصيري أن يكون إيجابيا في صورة فعل يشكل انحراف المسئول، أو أن يكون سلبياً في صورة امتناع عن فعل، على أنه يكون إثباته في جميع صورة على عاتق المضرور"، وفقا للطعن المقيد برقم 553 لسنة 34 قضائية، الصادر بجلسة 15 مايو 1973.
ولما كان ما تقدم - وكانت المدعية قد أقامت دعواه بغية القضاء لها بالتعويض لما أصابها من أضرار من جراء قيام المدعي عليه بإتلاف السيارة خاصتها رقم (ر ف ی 9473) وما أصابها بأضرار مادية وأدبية على نحو ما سردته صحيفة دعواها وكانت المحكمة وهي في سبيل تحقيق عناصر الدعوى قد طالعت كافة أوراق الدعوى وبخاصة أوراق القضية رقم 9133 لسنة 2024 جنح أول الزقازيق والمحررة عن شكوى المدعية بتاريخ 6 سبتمبر 2024 والمعاينة المجراء به وكذا مطالعتها لمقطع الفيديو بكارت الذاكرة المقدم ضمن مستندات المدعية والمشار اليها بمحضر الجلسات، وقد استخلصت المحكمة من جملة تلك الأوراق حدوث واقعة تصادم بين سيارة المدعية رقم (ر ف ى 9473) والسيارة الخاصة بالمدعى عليه رقم (ر م و 4275) وقد حدث على إثرها تلفيات بالسيارة خاصة المدعية، كما ثبت قيام المدعى عليه بإحداث تلفيات بالجانب الأيمن من السيارة خاصة المدعية، وقد تمثلت جملة التلفيات في خبطة بالاكصدام الامامي وخدوش بالجانب الأيمن للسيارة من الأمام والخلف على النحو الوارد بمعاينة الشرطة وهو ما يكون معه المدعي عليه قد ارتكب الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية وهو إتلاف السيارة الخاصة بالمدعية.
المحكمة تنصف السيدة وتقضى لها بالتعويض
وما ترتب على ذلك من ضرر وهو منعها من الاستفادة بالسيارة المملوكة لها واللجوء إلى الجهات الرسمية في سبيل اقتضاء حقها واسترجاع مقدار ما أصابها من أضرار وما لاقته من ألم نفسي من تلك الأفعال وكان هذا الخطأ والضرر وقامت معه رابطة السببية بين الفعل والضرر وهم قوام المسئولية التقصيرية التي توجب التعويض للمدعية ولا على المحكمة إن هى قدرت التعويض جملة عن الضرر بنوعيه المادى والأدبى بعد أن حصلت عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيه، وكان المدعى عليه لم يدفعا الدعوى الراهنة ثمة دفع أو دفاع ينال من عقيدة المحكمة، ومن ثم ولما سلف ترى المحكمة وفي حدود سلطتها التقديرية أخذاً من ظروف الدعوى وملابساتها، وما تقدم اليها من مستندات أن مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه كتعويض نهائي كاف الجبر الضرر بنوعيه آخذا في الاعتبار ما ثبت من مطالعة أصل فاتورة الإصلاح المقدمة للسيارة خاصة المدعية والمرفقة بحوافظ المستندات والأسعار السائدة بالأسواق لإعادة الحال إلى ما كان عليه بالنسبة للسيارة التي لحقها تلفيات، وهو ما تقضى معه المحكمة بالزام المدعى عليه بأداء قيمة التعويض على نحو ما سيرد بالمنطوق.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بإلزام المدعي عليه بأن يؤدي للمدعية مبلغا وقدره خمسة وعشرين ألف جنيه تعويضا ماديا وأدبيا وألزمته المصروفات وخمسين جنيها أتعاب المحاماة.