الأحد، 06 يوليو 2025 12:17 م

التلفزيون والأدب فى خدمة العدالة.. كيف يساهمان فى بناء المجتمع؟.. 3 محاور رئيسية توضح مساهمة التلفزيون فى هذا المجال أبرزها التوعية بالقضايا الاجتماعية.. و3 محاور أخرى للأدب أبرزها تسليط الضوء على الظلم

التلفزيون والأدب فى خدمة العدالة.. كيف يساهمان فى بناء المجتمع؟.. 3 محاور رئيسية توضح مساهمة التلفزيون فى هذا المجال أبرزها التوعية بالقضايا الاجتماعية.. و3 محاور أخرى للأدب أبرزها تسليط الضوء على الظلم دور التلفزيون فى خدمة العدالة - صورة أرشيفية
الجمعة، 21 يونيو 2024 08:00 م
كتب علاء رضوان

تلعب وسائل الإعلام دورا كبيرا وهاما في المجتمع فهي المؤشر لعملية البناء الاجتماعي والثقافي والسياسي وغيره، ومن المجالات التي يبرز فيها بوضوح هذا الدور نجد تكوين الرأي العام، فبما أن وسائل الإعلام تساهم في عملية البناء، فهي تعمل تدريجيا على تكوين الرأي العام حول مختلف القضايا ذات البعد الوطني أو الدولي، ويلاحظ في هذا الإطار أن وسائل الإعلام المختلفة تكمل بعضها البعض في هذا الخصوص حيث تستغل خصوصياتها التي تمكنها من القيام بهذا الدور.

وفي عالمنا المعاصر، تلعب وسائل الإعلام المختلفة دوراً حاسماً في تشكيل الرأي العام وتوجيه النقاشات حول القضايا الاجتماعية والسياسية، من بين هذه الوسائل، يحتل التلفزيون والأدب مكانة بارزة كأدوات فعّالة للتوعية والتغيير الاجتماعي، إضافة إلى ذلك يمكن للتلفزيون والأدب أن يساهما بشكل كبير في تعزيز مفاهيم العدالة والإنصاف من خلال تصوير القضايا الاجتماعية والظلم بطرق مؤثرة ومباشرة، كما يمكن للقصص أن تكون أكثر من مجرد وسائل ترفيه، إذ يمكنها أن تسهم بشكل كبير في حل الجرائم.   

 

80286008050806fad0253590d8a27a10

 

التلفزيون والأدب في خدمة العدالة.. كيف يساهمان في بناء المجتمع؟

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على التلفزيون والأدب في خدمة العدالة من حيث التوعية بالقضايا الاجتماعية، والنقاش العام والتحليل، والتغيير الاجتماعي، وتسليط الضوء على الظلم، وتقديم نماذج للقوة والشجاعة، والتعبير عن آراء المهمشين، وغيرها من الأدبيات، ففي بعض الأحيان، يمكن أن تكون البرامج التلفزيونية مصدرًا غير متوقع للأدلة، على سبيل المثال، قد يقوم شهود أو ضحايا بمشاركة معلومات مهمة بعد مشاهدة تقارير إخبارية أو برامج وثائقية عن الجريمة - بحسب أستاذ القانون الجنائى والخبير القانوني الدولى محمد أسعد العزاوي.

 

التلفزيون كأداة للعدالة 

 

في البداية - يمكن للأدب أن يوفر نظرة عميقة في النفس البشرية، وهو ما يمكن أن يكون مفيدًا في التحقيقات الجنائية، من خلال دراسة الشخصيات والدوافع في الأدب، يمكن للمحققين فهم أفضل لسلوكيات المشتبه بهم ودوافعهم المحتملة، مما يساعدهم في رسم صورة أكثر دقة عن الجناة المحتملين، كما أن التلفزيون يعتبر من أكثر الوسائل الإعلامية تأثيراً وانتشاراً في العالم، بفضل قدرته على الوصول إلى جمهور واسع ومتنوّع، يتمتع التلفزيون بإمكانيات كبيرة في تعزيز العدالة من خلال تسليط الضوء على قضايا حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، يمكن للتلفزيون أن يساهم في هذا المجال عبر ثلاثة محاور رئيسية – وفقا لـ"العزاوى": 

 

مممو

 

1- التوعية بالقضايا الاجتماعية 

 

تقدم البرامج الوثائقية والمسلسلات الدرامية الفرصة لعرض مشاكل اجتماعية مثل الفقر، والتمييز العنصري، والعنف المنزلي، هذه البرامج تسلط الضوء على تجارب الأفراد والمجتمعات المتأثرة، مما يساعد الجمهور على فهم تعقيدات هذه القضايا والتعاطف مع المتضررين – الكلام لـ"العزاوى".

 

2- النقاش العام والتحليل

 

توفر برامج الحوار والمناقشة منصة لمناقشة القضايا القانونية والسياسية التي تؤثر على العدالة، ويمكن للخبراء والمحللين تقديم رؤى مختلفة حول القوانين والسياسات، مما يشجع الجمهور على التفكير النقدي والمطالبة بالإصلاحات.

 

3- التغيير الاجتماعي  

 

من خلال تسليط الضوء على الظلم وعدم المساواة، يمكن للتلفزيون أن يحفز الحركات الاجتماعية ويشجع الجمهور على المشاركة في الحملات التي تدعو إلى التغيير، كما أن البرامج التي تبرز قصص النجاح في مواجهة الظلم يمكن أن تلهم الآخرين لاتخاذ خطوات إيجابية. 

 

20220411030040040

 

الأدب كأداة للتوعية والعدالة

 

الأدب له تاريخ طويل كوسيلة لتعزيز الوعي الاجتماعي والدفاع عن حقوق الإنسان، كما يتميز الأدب بقدرته على نقل الأفكار والمشاعر بطرق تعبر عن تجربة الإنسانية بشكل عميق يمكن للأدب أن يخدم العدالة من خلال.

 

1- تسليط الضوء على الظلم

 

كثير من الأعمال الأدبية تركز على قضايا العدالة والظلم، مثل أعمال تشارلز ديكنز التي تناولت الفقر والاستغلال في المجتمع الفيكتوري، أو روايات هاربر لي التي تناولت التمييز العنصري في الولايات المتحدة، هذه الأعمال تساعد القراء على فهم الجوانب المختلفة للظلم وآثاره على الأفراد والمجتمعات.

 

2- تقديم نماذج للقوة والشجاعة

 

الشخصيات الأدبية التي تواجه الظلم وتتحدى النظام الاجتماعي تعطي القراء مثالاً على كيفية مواجهة الظلم والشجاعة في المطالبة بالحقوق. مثل هذه النماذج تلهم القراء على اتخاذ مواقف فعّالة في حياتهم الخاصة.

 

3- التعبير عن آراء المهمشين

 

يمكن للأدب أن يكون صوتاً لمن لا صوت لهم من خلال القصص والشعر، يمكن للكتاب أن يعبروا عن تجارب وأصوات المجموعات المهمشة، مما يساهم في زيادة الوعي والفهم لهذه القضايا بين جمهور أوسع. 

 

طج

 

التكامل بين التلفزيون والأدب

 

على الرغم من أن التلفزيون والأدب يمثلان وسيلتين مختلفتين، إلا أنهما يكملان بعضهما في تعزيز العدالة الاجتماعية، يمكن للتلفزيون أن يعرض الأعمال الأدبية، محولاً النصوص إلى دراما تلفزيونية أو أفلام وثائقية، مما يجعلها أكثر وصولاً وتأثيراً، بالمقابل يمكن للأدب أن يستفيد من التأثير البصري للتلفزيون لتعزيز رسالته وزيادة انتشاره، وفي ضوء ذلك سنستعرض دور التلفزيون والأدب كوسيلة لتحقيق العدالة وذلك على السياق الآتي – الكلام لـ"العزاوى":

 

أولاً- دور التلفزيون كوسيلة لتحقيق العدالة

 

في عام (1984م)، قامت BBC بإطلاق برنامج تلفزيوني يدعى "Crimewatch"، حيث يقوم البرنامج بإعادة تمثيل الجرائم غير المحلولة ويطلب من الجمهور تقديم أي معلومات يمكن أن تساعد في التحقيقات، في إحدى الحلقات، تم عرض قضية جريمة قتل لم تحل بعد، بناءً على التمثيل التفصيلي للجريمة، قدم أحد المشاهدين معلومات حاسمة للشرطة، مما أدى في النهاية إلى اعتقال الجاني وإدانته. 

 

برمجة-الريسيفر

 

"America's Most Wanted"  

 

القبض على الهاربين ساعد هذا البرنامج في القبض على العديد من الهاربين في حالة جون ليست، الذي قتل عائلته وهرب، عرض البرنامج نموذجا تقديريا لشخصيته بعد سنوات، مما أدى إلى تعرف أحد الجيران عليه والقبض عليه.

 

"Unsolved Mysteries":

 

إشراك الجمهور في برنامج التحقيقات أثار هذا البرنامج اهتمام المشاهدين حول العديد من القضايا غير المحلولة، مما دفع الكثيرين لتقديم معلومات ساعدت في إعادة فتح التحقيقات وحل بعض الجرائم.

 

قضية بيل ستاركينج (The Bill Starling Case)في أمريكا، أثارت حلقة من مسلسل "Murder, She Wrote" اهتمام شخص بأحد المشاهد التي تطرقت لجريمة قتل مشابهة لما حدث في واقعه، هذا الشخص قدم معلومات جديدة للشرطة بناءً على ما شاهده، مما ساهم في إعادة فتح التحقيق وحل الجريمة. 

 

does-media-affect-society-impact-factors

 

ثانياً - دور الأدب كوسيلة لتحقيق العدالة  

 

قضية ألكسندر سيلكريك (The Real Robinson Crusoe) قصة روبنسون كروزو تأثرت بحياة ألكسندر سيلكريك، البحار الذي تم إنقاذه بعد أن تقطعت به السبل على جزيرة مهجورة. على الرغم من أنها ليست جريمة بالمعنى التقليدي، إلا أن الرواية ألهمت المحققين في التحقيق في قصص الأشخاص المفقودين وتحليل ظروف اختفائهم بناءً على تجارب سيلكريك.

 

وفي قضية إيان رينيل (The Case of Ian Rankin's Rebus) في إحدى القضايا، استخدمت الشرطة اسلوب تحقيق مشابه لأسلوب شخصية "جون ريبيوس" من روايات إيان رانكين، كان لريبيوس أسلوب تحقيق غير تقليدي وفطن، مما ألهم المحققين لإعادة تقييم بعض الأدلة واستخدام تكتيكات غير تقليدية لحل القضية. 

 

القراءة

 

وفي قضية جاك أونيل (The Jack Unterweger Case):

 

جاك أونيل كان قاتلًا متسلسلًا نمساويًا كتب قصة عن تجربته الإجرامية أثناء سجنه، حيث اعتبر نفسه قد أعيد تأهيله. عندما أُطلق سراحه، استأنف جرائمه. إلا أن نمط جرائمه الأدبية، الذي كان مفصلاً في كتابه، ساعد المحققين في التعرف عليه وإلقاء القبض عليه.

 

أما في قضية قتل كاثي تورنر (The Girl with the Dragon Tattoo Influence) في إحدى القضايا، أثرت رواية "الفتاة ذات وشم التنين" (The Girl with the Dragon Tattoo) للكاتب ستيغ لارسن على التحقيقات. كانت القصة تتناول تفاصيل معقدة حول جرائم قديمة، مما ألهم المحققين للنظر في الأدلة بطرق جديدة واستخدام تقنيات متقدمة، مما أدى في النهاية إلى حل الجريمة. 

 

وووو

 

وفي قضية أخرى وفي البرازيل تحديدًا، أثارت جريمة قتل الطفلة إيزابيلا نيرون غضبًا كبيرًا، حيث قام الإعلام بنشر تفاصيل الجريمة بشكل واسع، مما أدى إلى تقديم أحد الشهود معلومات مهمة حول ليلة الجريمة، وساهم في حل القضية.

 

وأخيراً - توضح لنا هذه الأمثلة كيف يمكن للقصص والروايات، سواء كانت عبر التلفزيون أو الأدب، أن تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق العدالة، بفضل التفاصيل الواقعية والتشويق الذي تقدمه هذه القصص، يمكن أن تحفز الجمهور على المشاركة الفعالة في حل الجرائم، مما يبرز الدور الحيوي الذي يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام في خدمة العدالة. 

 

ImpactsOfLiteratureOnOurLife8

 

خلاصة القول:

 

في الختام، يتضح أن التلفزيون والأدب لهما دور حيوي ومؤثر في التحقيقات الجنائية، من خلال التأثير على الرأي العام وتقديم رؤى جديدة حول النفس البشرية وأساليب التحقيق، يساهمان في تشكيل فهم أعمق وأشمل للعدالة الجنائية وكيفية تحقيقها، ومن زاوية أخرى  يثبت التلفزيون والأدب أنهما من الأدوات القوية في خدمة العدالة وتعزيز القيم الإنسانية، من خلال التوعية والتحليل وتقديم نماذج ملهمة، يمكن لهما أن يسهما في بناء مجتمع أكثر عدلاً وإنصافاً، فمن الضروري أن نستمر في دعم وتطوير هذه الوسائل لنضمن أنها تعكس قضايا العدالة وتسهم في إحداث تغيير إيجابي في المجتمع – هكذا يقول "العزاوى".  

 

ق
 

 

 
800064-مم
 
أستاذ القانون الجنائى والخبير القانوني الدولى محمد أسعد العزاوي
 

print