الأحد، 05 مايو 2024 01:32 م

مصر لم ولن تترك أشقاءها فى غزة.. دراسة لـ"المصرى للفكر" ترصد الجهود المستمرة لإنهاء الحرب.. و3 مسارات تحكم تحركات القاهرة لفرض التهدئة.. احتضنت جولات للمفاوضات.. والعريش مستودع إنسانى مستدام لإنفاذ المساعدات

مصر لم ولن تترك أشقاءها فى غزة.. دراسة لـ"المصرى للفكر" ترصد الجهود المستمرة لإنهاء الحرب.. و3 مسارات تحكم تحركات القاهرة لفرض التهدئة.. احتضنت جولات للمفاوضات.. والعريش مستودع إنسانى مستدام لإنفاذ المساعدات غزة
الإثنين، 08 أبريل 2024 08:00 م
كتبت إيمان علي

رصدت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، جهود القاهرة لإيقاف الحرب في قطاع غزة، والتي حرصت دوماً على تأكيد مقاربتها الوطنية للقضية الفلسطينية، التي تعتبرها قضيتها الأساسية على المستوى الإقليمي، وهي مقاربة ترتكز على عدة مرتكزات أساسية، منها أن البوابة الأساسية والوحيدة لحل القضية الفلسطينية، تكمن في حل الدولتين، مع الحفاظ على مواقف أساسية ثابتة ترفض الحلول الأحادية، التي تعيق إقامة الدولة الفلسطينية ودعم الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني.

وأشارت إلى أنه منذ اللحظات الأولى لاندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من شهر أكتوبر الماضي، لم تتوقف الجهود المصرية لوقف عمليات إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية للأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، بالتزامن مع جهد سياسي نزيه ومستمر، للتوصل إلى هدنة أنساني مؤقتة، تفضي لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا كله كان من منطلق أنه لا يمكن لمصر أن تترك الأشقاء في غزة، وأن دعم فلسطين يعتبر بمثابة “عقيدة” راسخة في الوجدان المصري.

وذكرت أن هذا الجهد كان متعدد الاتجاهات، ظهر بشكل أكبر خلال العدوان الإسرائيلي الغاشم الحالي على قطاع غزة، والمستمر منذ أكتوبر الماضي، ونتجت عنه جملة من التداعيات السلبية على المستوى الأمني والإنساني والسياسي شملت قطاع كبير من الشرق الأوسط، وهو ما أوجب على مصر – من واقع مسئوليتها التاريخية ودورها المحوري وواجباتها القومية والإنسانية – المبادرة بتفعيل تحركات آنية في عدة اتجاهات، لمحاولة حصار هذه التداعيات، وتقليل تأثيراتها قدر الإمكان.

وقد تركزت هذه التحركات بشكل رئيسي على ثلاثة مسارات أساسية، المسار الأول هو مسار “تثبيت المواقف السياسية المصرية”، حيال التطورات المتلاحقة في قطاع غزة، والثاني هو مسار “تفعيل التحركات المصرية العاجلة لمحاصرة التأثيرات المختلفة للعمليات الإسرائيلية في قطاع غزة”، أما الثالث فيرتبط بطرح حلول واقعية وفعالة تساهم في تحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة ووقف إطلاق النار، وإطلاق عملية سياسية يمكن من خلالها الوصول إلى هدف “حل الدولتين”.

التحركات المصرية العاجلة لوقف التصعيد وفرض التهدئة

وقالت دراسة المركز المصري، إن القاهرة طرحت منذ اليوم الأول للأزمة الخطة الأكثر “واقعية” لإيجاد نقطة ارتكاز واضحة يمكن من خلالها التحرك قدماً من خارطة طريق وضعتها خلال قمة “القاهرة للسلام”، وتضمنت تصور شامل لحل جذور الصراع العربي- الإسرائيلي، وتوصف بالحل الأعم والأشمل مقارنة بالتصورات الغربية المماثلة والمنحازة لاسرائيل، وتستهدف الخارطة المصرية في المقام الأول، تحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، وإعادة إحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل، في مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولًا لأعمال حل الدولتين.

وذكرت أن الجهود العربية الموازية سارت في الإطار السياسي، ومنها القمة العربية الإسلامية المشتركة التي انعقدت في مدينة الرياض في المملكة العربية السعودية في نوفمبر الماضي، على نفس مسار خارطة الطريق المصرية، وتجسد أيضا في الاتصالات المكثفة والعاجلة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع تصاعد وتيرة الحرب، مع كافة الأطراف سواءً الإقليمية والعربية أو الدولية.

واعتبرت أن كل ذلك مهد ليكون الدور المصري رئيسي في محاولات البحث عن صيغ فعالة لوقف إطلاق النار، وقد أسفرت الجهود المصرية والقطرية المشتركة، إلى التوصل لهدنة إنسانية مؤقتة على مدار نحو أسبوع في نوفمبر الماضي، مع التبادل التدريجي للأسرى من النساء والقصر بين الجانبين، والسماح بدخول 200 شاحنة مساعدات غذائية يومياً و130 ألف لتر سولار وأربعة شاحنات لغاز الطهي يومياً إلى القطاع.

وقد كانت “الشمولية” هي محور التحركات المصرية المختلفة المصاحبة للمفاوضات الخاصة بتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، هذا بجانب سلسلة اتصالات عربية وإقليمية ودولية واسعة، سعت لحشد الدعم والتأييد الغربي والإقليمي لعملية التبادل وللهدنة، وفي نفس الوقت ركزت على محاولة تعديل مواقف بعض الدول الأوروبية، التي كانت خلال الفترة الماضية تتخذ موقفاً “رمادياً” تجاه ما يحدث في غزة.

وقد احتضنت العاصمة المصرية العديد من جولات المفاوضات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، بمشاركة كل من قطر والولايات المتحدة الأمريكية، واستقبلت القاهرة خلال الأشهر الـ6 الماضية العديد من رؤساء الدول ورؤساء الوزراء ووزراء الخارجية وممثلى المنظمات الدولية والإقليمية للنقاش حول السبل الكفيلة بالتهدئة المؤقتة والتي تقود إلى وقف إطلاق نار مستدام في غزة، وفي الوقت الحالي تحاول القاهرة إيجاد نقاط مشتركة بين حركات المقاومة وإسرائيل فيما يتعلق ببنود اتفاق الهدنة المقترح.

العريش مستودع إنساني واستدامة فتح معبر رفح

وعلى المستوى الإنساني، أكد المركز المصري في دراسته، أن مصر لم تدخر أي جهد، بدايةً من الضغط لإدخال المساعدات، مروراً إقامة الخيام ومراكز الإيواء، ووصولاً إلى عمليات إنزال المساعدات من الجو، كما شاركت مصر في إبداء الرأي والترافع أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، وقدم مرافعات تفند الادعاءات الإسرائيلية، وتؤكد على الحقوق الأصيلة للشعب الفلسطيني.

وذكرت أنه قد كان ملحوظاً حرص القاهرة على استدامة العمل في معبر رفح على الدوام، رغم القصف الإسرائيلي للجانب الفلسطيني منه في أكثر من مرة، وعلى الرغم من كافة العراقيل والقيود التي تحاول إسرائيل فرضها إلا أن مصر ظلت ملتزمة، بضمان دخول المساعدات لقطاع غزة، وضغطت في البداية عبر ورقة مزدوجي الجنسية، وصولاً إلى الإنزال الجوي للمساعدات على قطاع غزة.

كما تتواصل الجهود المصرية لاستقبال الجرحى الفلسطينيين للعلاج في المستشفيات المصرية، تزامناً مع استمرار وصول طائرات الإغاثة لمطار العريش الدولي، والتي بلغ عددها حتى الآن 582 طائرة، وقرب انتهاء القاهرة من مخيم “خان يونس” للنازحين الفلسطينيين، من ضمن سلسلة من المخيمات التي حرصت مصر على إقامتها في منطقة جنوب قطاع غزة، لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المهجرين قسرياً من وسط وشمال قطاع غزة.

كما حرصت القاهرة كذلك، على تفعيل جسر جوي إنساني، حيث استمرت الطائرات المصرية بالتعاون مع نظيراتها من الدول الشقيقة والصديقة في تنفيذ طلعاتها اليومية من مصر والأردن لإنزال المساعدات الإنسانية إلى سكان شمال قطاع غزة، للحد من وطأة المعاناة الإنسانية الكبيرة التي يوجهونها في ظل العراقيل والصعوبات التي تحول دون انتظام دخول المساعدات بصورة كافية للمناطق الشمالية.

والحقيقة أن الحصيلة الحالية للجهد المصري على المستوى الإغاثي والإنساني في قطاع غزة، هي الأهم والأكبر من كافة الجهود الأخرى التي تبذلها دول عربية وأجنبية، حيث بلغت نسبة المساعدات المصرية من إجمالي المساعدات التي تم إدخالها إلى قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي، نحو 87%، وبلغ حجم الأدوية والمستلزمات الطبية التي أدخلتها مصر لقطاع غزة عبر معبر رفح منذ أكتوبر الماضي 10868 طناً، ونحو 10235 طناً من الوقود، و129329 طناً من المواد الغذائية، و26364 طناً من مياه الشرب، كما بلغت كميات المواد الطبية التي دخلت القطاع من معبر رفح 43073 طن، بجانب 123 سيارة إسعاف مجهزة.

ولم تقتصر الجهود المصرية على المستوى الإنساني على عمليات إدخال المساعدات، فقد استضافت المستشفيات المصرية حتى الآن 3706 مصاب فلسطيني، يرافقهم 6071 من المرافقين.


الأكثر قراءة



print