عقود الذكاء الاصطناعى وتقنية "البلوك تشين".. يُطلق عليه دفتر الأستاذ الرقمي لتسجيل المعاملات المالية.. تقنية عابرة للحدود لا تعرف الحدود الوطنية.. تتميز بإنجاز المعاملات ونقل الأموال بأمان بدون وسيط

الواقع يؤكد أن عقود الذكاء الاصطناعي أصبح لها قدرة فائقة على إتمام المعاملات، بدون ضياع لحقوق الأطراف، واختراق لخصوصيتهم، ولها فاعلية كبيرة في نشاط حركة البيع، والشراء عبر الانترنت، ومدي توافر صفات العقود التقليدية في عقود الذكاء الاصطناعي، وبصفة خاصة الشكلية، والأهلية، فقد صممت تلك العقود لتنفذ عبر تقنية البلوك تشين، وذلك لتحاكي العقل البشري في إبرام العقود، وتقنية البلوك تشين عبارة عن سلسلة من المعاملات المالية الرقمية، التى تمتلك قاعدة كبيرة من البيانات المشفرة على هيئة سجل إلكترونى غير قابل للتغيير.

والغرض من تقنية البلوك تشين هو إنجاز المعاملات ونقل الأموال بدون وسيط، وبدرجة عالية من الأمان، من خلال شبكة آمنة مشفرة تمامًا، تتحد لجعل تقنية بلوك تشين نظامًا لا مركزيًا وشفافًا، فقد أصبحنا في لحظة فريدة من نوعها في التاريخ حيث يمر مجتمعنا بمرحلة انتقالية من الاقتصاد الصناعي إلى الاقتصاد الذي تحدده مجموعة جديدة من التقنيات، تتراوح من التكنولوجيا الرقمية إلى التكنولوجيا متناهية الدقة، من بين أحدث موجات الرقمنة هي تقنية سلسلة الكتل "البلوك تشين"، وهي تقنية يقول الكثيرون إنها تعد بإعادة تعريف الثقة والشفافية والتضمين في جميع أنحاء العالم.   

عقود الذكاء الاصطناعى وتقنية "البلوك تشين"

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية عقود الذكاء الاصطناعى وتقنية البلوك تشين، حيث تُعد تقنية سلسلة الكتل "البلوك تشين" إحدى التقنيات التي أتاحها التوزيع العالمي لقدرة الحوسبة، وبمعنى أدق فإن تقنية سلسلة الكتل "البلوك تشين" هي دفتر الأستاذ الرقمي الذي يتم فيه تسجيل المعاملات - على سبيل المثال - يتم تسجيل عملة البيتكوين والعملة المشفّرة زمنياً وبشكل علني، وتُستخدم تقنية البلوكتشين فى العديد من المجالات لعل أبرزها: تداول العملات الرقمية، وتعقب سلاسل التوريد فى المراحل التى تمر بها، بالإضافة إلى نظام الرعاية الصحية، وفى مجال الطاقة لتحسين إدارة الطاقة وتوزيعها بطريقة فعالة وموثوقة - بحسب الخبير القانوني الدولى المتخصص فى الذكاء الاصطناعى والمحامى بالنقض فارس اسماعيل العكروتى. 

في البداية - أصبح بإمكان أي شخص في العالم الآن تنزيل الكود وبدء "التعدين" للحصول على عملة البيتكوين أو المشاركة في أفكار جديدة للشبكات مبنية على منصة "Ethereum"، والفكرة هي أنه من خلال الشفافية الجذرية، فإن تقنية سلسلة السجلات "البلوك تشين" التي يتم إنشاؤها من خلال أجزاء هائلة من الجمهور الذي يتمكن من المشاركة في الشبكة تخلق "ثقة" بجعل من شبه المستحيل تسجيل الإدخالات الشائنة أو تغيير المعاملات التي تمت معالجتها بالفعل، ويتم الآن تطبيق تقنية سلسلة الكتل "البلوك تشين" الأساسية في العديد من المواقف من تحفيز إدراج مصادر الطاقة المتجددة في شبكات الطاقة بعد أن تجاوزت تطبيقها الأصلي في نطاق العملة المشفرة، وبالتالي تقلل الانبعاثات في صناعة الشحن العالمية وتمكن البنوك من أداء التحويلات بشكل أسرع وبتكلفة أقل – وفقا لـ"العكروتى". 

يُطلق عليه دفتر الأستاذ الرقمي لتسجيل المعاملات المالية

لا تكمن قوة تقنية سلسلة الكتل "البلوك تشين" في التقنية نفسها، بل في كيفية إعادة صياغة العديد من المناقشات عبر أجزاء مختلفة من مجتمعنا واقتصادنا، توضح لنا تقنية سلسلة الكتل "البلوك تشين" أن هناك خيارات يمكننا من خلالها تنظيم المجتمع بشكل مختلف، فلقد أطلقت 1,000 تجربة فكرية مختلفة ولكن الحلول الناتجة، والتي سيتم تسليمها بعد عقد أو اثنين من الآن، قد تستند أو لا تستند على تقنية سلسلة الكتل "البلوك تشين" أو العملة المشفّرة، ومع ذلك، ستكون المناقشات التي بدأت من هذه النقطة بمثابة إسهامات مهمة في التقدم الذي يحرزه المجتمع حول التقنيات الرقمية وما يمكن أن تعنيه للجنس البشري، فلهذه الأسباب، من المهم أن يشارك الجميع بما في ذلك الأمم المتحدة مع هذه التقنيات لفهمها والتعلم منها – الكلام لـ"العكروتى".

تقنية عابرة للحدود لا تعرف الحدود الوطنية

تعمل التقنيات الرقمية على تحويل اقتصادنا ومجتمعنا في عدة موجات منذ الستينيات، بداية من رقمنة العديد من العمليات التجارية، تليها التقاط ومشاركة كميات كبيرة من البيانات، وأخيراً قيادة ثورة في الهاتف المحمول وضعت قوة حسابية في أيدي ما يزيد قليلاً عن 60 بالمئة من سكان العالم، فقد بدأت التجارة الالكترونية خيالا وفكرة وأصبحت اليوم واقعا، ومن يدري ماذا ستصبح غدا؟ 

وُلد الاقتصاد الافتراضي - عصر الانترنت ووسائل الاتصال الحديثة - نتيجة لتداخل أو تشابك مجموعة من الظواهر، من أبرزها ثورة الاتصالات وانفجار المعلومات، حيث إن الاقتصاد الافتراضي يعد المحرك الأساسي الذي حول المجتمع من مجتمع تقليدي يعتمد على الأوراق والأقلام إلى مجتمع جديد يعتمد على التقنية والمعلومات، كما أن الاقتصاد الافتراضي يقوم على أسواق ومنشآت افتراضية تلغي قيود الزمان والمكان، وتمكنت التجارة الالكترونية اليوم من فرض نفسها كأساس قوي في النظام الجديد للتجارة العالمية، كما أنها تعد مجالا للنمو الضخم، حيث يتم يوميا تحصيل وصرف مبالغ طائلة من الأموال، وتتوفر فيها إمكانية إطلاق مؤسسات أو شركات ناجحة تزاول أعمال التجارة على الانترنت بالإضافة إلى الإعلان عن أعمالها عبر الانترنت، فالانترنت والتجارة الالكترونية ينموان بسرعة هائلة جنبا إلى جنب ولا يمكننا تجاهلهما – طبقا للخبير القانوني.

ولعل أحد الأسباب التي أدت إلى جذب تقنية سلسلة الكتل "البلوك تشين" على الكثير من الاهتمام هو أنها تتحدث عن شعور يتشارك به كثير من الناس في جميع أنحاء العالم غريزيًا، وهو أنه يمكننا فقط إنشاء حلول جديدة لبعض من أقدم المشاكل في العالم من خلال العمل معًا وتضمين الجميع في النقاش، وتبدو تقنية سلسلة الكتل "البلوك تشين" للعديد من الأشخاص كحل قابل للتطبيق على وجه التحديد، لأنها تتعلق بتطبيق نهج معاكس للحد من المشكلات، على الرغم من الطريقة الحتمية للتقنية التي تناقش في كثير من الأحيان، ومن المهم الاستماع إلى الرسالة الأساسية في الدعوة إلى التضمين والثقة والتعددية التي تحاول تقنية سلسلة الكتل "البلوك تشين" معالجتها من منظور تقني، وهي دعوة ستستمر لعقود عديدة قادمة ويجب أن نجد لها طرقًا جديدة للاستجابة عبر الحكومات والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة. 

تتميز بإنجاز المعاملات ونقل الأموال بأمان بدون وسيط

تعتبر قضية تنظيم التقنيات الرقمية من القضايا الرئيسية التي تحتاج إلى معالجة متعددة الأطراف على الرغم من أن العديد من المبادرات قد تم تطويرها في جميع أنحاء العالم لإنشاء مثل هذا التنظيم، ويجب علينا أن نوسع فهم تلك الجهود وكذلك مبادئ حقوق الإنسان في جميع أنحاء الصناعة الرقمية، وتقنية سلسلة الكتل "البلوك تشين"، على سبيل المثال، هي حقاً عابرة للحدود حيث إنها لا تعرف الحدود الوطنية كعملة أو تقنية وتطلب نهجاً موحداً ومتعدد الأطراف للتنظيم، وتتطلب أيضًا أن يكون العاملون في الخدمة المدنية في جميع أنحاء العالم أكثر من مجرد مُلمين بالتقنية فهم يحتاجون إلى فهم كيف يمكن تفسير لوائحهم في التعليمات البرمجية – هكذا يقول "العكروتى".

وتتطلب العقود الذكية وأمثالها تنوع الفكر وبالتالي الشمول، لا يمكننا ترك تدوين المعايير الاجتماعية في عقود ذكية ليتم التعامل معها فقط من قبل الشركات الناشئة أو من قبل الشباب لأن الطريقة التي يتم بها تنفيذها لها تأثير على عدد كبير من الناس، وبالتالي تحتاج إلى إدارتها عبر المجتمع، والأهم من ذلك، قد يكون للشفرة المكتوبة في بلد ما بموجب مجموعة معينة من القوانين تأثير على مواطني بلد آخر، فلم يتم بعد تحديد كيف سيتم التعامل مع هذه الحالات.