الجمعة، 26 أبريل 2024 09:13 م

هل يجوز تفتيش المسكن دون إطلاع أهل المنزل على إذن التفتيش؟.. "النقض" أجازته لعدم عرقلة التحقيق.. ودستور 2014 وضع ضوابط بضرورة الاطلاع على الإذن.. وخبير يوضح آليات التطبيق

هل يجوز تفتيش المسكن دون إطلاع أهل المنزل على إذن التفتيش؟.. "النقض" أجازته لعدم عرقلة التحقيق.. ودستور 2014 وضع ضوابط بضرورة الاطلاع على الإذن.. وخبير يوضح آليات التطبيق منزل - صورة أرشيفية
الجمعة، 05 مايو 2023 09:00 ص
كتب علاء رضوان

المنزل سكن للنفس يتجرد فيه الشخصي من هموم الحياة ومشاكلها ويودع فيه اسراره ومتعلقاته، والقانون أعطى الحماية الكاملة للإنسان بألا يروع في منزله بمن يقتحم عليه حياته الخاصة، فيهتك حرماته، ويفضح أسراره ويقلق راحته، ولهذا تحرص الدساتير عادة على تأكيد حرمة المنازل، فتحظر دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفي الأحوال المبينة في القانون.

وهو ما يوجب بدلالة الإشارة على مأمور الضبط القضائي المندوب من سلطة التحقيق لتفتيش المنزل عند تنفيذ التفتيش اطلاع المتهم أو أهل المنزل علي أمر التفتيش، وعلة ذلك بث الاطمئنان لدى أهل المنزل والمتهم إلى مشروعية التفتيش وأن القادم للتفتيش له صلاحية في دخول المنزل من أجل تفتيشه وأنه ليس في الموضوع مكيدة أو خداع، ولعل ذلك هو ما دعا المشرع بوجه عام إلى النص في المادة 128 إجراءات جنائية على لزوم إعلان أوامر التحقيق إلى المتهم وتسلم له صورة منها.  

 

مدى مشروعية تفتيش المساكن دون إطلاع أهل المنزل على إذن التفتيش


في التقرير التالي، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بمدي مشروعية تفتيش المساكن دون اطلاع أهل المنزل على إذن التفتيش، وذلك في الوقت الذى منح الدستور المصري والقانون للمساكن حرمة خاصة، فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها ولا مراقبتها إلا بشروط محددة، حيث تنص المادة "91" من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 على أن: "تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق، ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضي التحقيق، بناء على إتهام موجه إلى شخص يقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة، ولقاضي التحقيق أن يفتش أي مكان ويضبط فيه الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أنه استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها أو وقعت عليه وكل ما يفيد في كشف الحقيقة، وفي جميع الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً" – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.

 

محكمة النقض أجازته لعدم عرقلة إجراءات التحقيق التي تقتضي السرعة

 

في البداية - محكمة النقض كان لها رأي مخالف - إذ أطرد قضاؤها منذ زمن وحتي الآن علي أنه لا يلزم لصحة تفتيش المنازل أن يكون أمر التفتيش موجود بيد رجل الضبط القضائي المكلف بتنفيذه لأن من شأن ذلك عرقلة إجراءات التحقيق وهي بطبيعتها تقتضي السرعة، ولأن القانون لا يشترط في أمر تفتيش المنزل إلا أن يكون ثابت بالكتابة وموقع عليه من مصدره، وفى الحقيقة هذا الأمر – فيه نظر - ووجه الاضطراب فيه الخلط بين شروط صحة الأذن بالتفتيش وبين صحة اجراءات تنفيذه، إذ من المقرر أن صحة صدور إذن التفتيش لا يقتضي بحكم اللزوم صحه اجراءات تنفيذه، فقد يكون الإذن صحيح ولكن شاب التنفيذ خطأ أو تعسف، مما يبطل تنفيذه وما أسفر عنه ومن ثم فإن ثبوت صدور إذن التفتيش كتابة لا يعني صحه تنفيذه – الكلام لـ"فاروق".

 

كما أن السرعة التي تقتضيها إجراءات التحقيق يجب ألا تنقلب وبالا على المتهم بحرمانه من ضمانة جوهرية تتعلق بحرمة منزله، ولا نبعد عن الحقيقة إذ قررنا أن قضاء النقض الذى فيه نظر قد اسرف في التسامح مع رجال الضبط القضائي لدرجة باتت فيها حقوق المتهمين في خطر شديد لأن حقيقة الواقع الذي يدركه عامة الناس أن رجال الضبط القضائي يفتشون المنازل دون أوامر قضائية ثم يحصلون علي هذه الأوامر بعد التفتيش أو قد لا يحصلون عليها اصلا وينفوا تفتيش المنزل ويقررون أن الضبط تم خارجه في إحدى حالات التلبس. 

 

ودستور 2014 قننه بالمادة 58 بضرورة الاطلاع على الإذن

 

وعلى أي حال لم يعد لقضاء النقض سالف الذكر - محل بعد صدور دستور 2014 الذي أوجب فى المادة 58 منه اطلاع من في المنزل علي الأمر القضائي المسبب بدخول المنزل أو تفتيشه بما يوجب علي رجل الضبط القضائي المندوب لتفتيش المنزل حمل أمر التفتيش معه، وأن يثبت إطلاع المتهم وأهله المقيمون معه عليه، ذلك أن النص الدستوري صالح للأعمال بذاته دون حاجة لتربص صدور قانون بهذا المعنى وهو ما يجب علي محكمة النقض أن تلاحظه في أحكامها المستقبلية، ولقد جاء هذا النص الدستوري نفاذا لقوله تعالي في محكم آيات القرآن الكريم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"، ونفاذ لنص المادة الثانية من دستور 2014 التي تجعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع – هكذا يقول "الأمير".  

 

وتنص المادة 58 من الدستور المصري الصادر في عام 2014 على أن: "للمنازل حرمة، وفيما عدا حالات الخطر، أو الاستغاثة لا يجوز دخولها ولا تفتيشها، ولا مراقبتها ولا التنصت عليها، إلا بأمر قضائي مسبب، يحدد المكان، والتوقيت، والغرض منه، وذلك كله في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفية التي ينص عليها، ويجب تنبيه من في المنازل عند دخولها أو تفتيشها، واطلاعهم على الأمر الصادر في هذا الشأن".

 

الخلاصة:

إطلاع المتهم علي أمر تفتيش المنزل ضمانة جوهرية يترتب علي تخلفها البطلان ومن حق المتهم أن يتمسك بهذا البطلان في أي حالة كانت عليها الدعوي، ولكن يلاحظ أن المخاطب بنص المادة 58 من الدستور هي الجهة القائمة علي تنفيذ التفتيش وليس جهة التحقيق مصدره إذن التفتيش، وبالتالي لا تثريب علي وكيل النيابة العامة مصدر إذن التفتيش أن أغفل ذكر لزوم إطلاع المتهم وأهل المنزل على إذن التفتيش كما لا يبطل الأذن ذاته في هذه الحالة، وأن كنا نرى أنه لا مانع من أن يذكر وكيل النيابة في إذن التفتيش لزوم اطلاع أهل المنزل والمتهم على إذن التفتيش تنبيها لجهة التنفيذ بلزوم احترام الضمانات الدستور والقانون عند انتهاك حرمة المنازل بتفتيشها.   

موضوعات متعلقة :

"النقض" تتصدى لثغرات التنقيب عن الآثار.. العدول عن شرط التنقيب فى أرض ملك للدولة أو مسجلة كمنطقة أثرية لتطبيق العقوبة.. الحكم يتصدى لثغرة تُمكِّن المُنقبين من الحصول على البراءة.. ويُجرم التنقيب فى كل حالاته

لملايين العمال والموظفين.. 11 قاضيًا بالهيئة العامة لـ"النقض" يتصدون لتضارب الأحكام بشأن "دعوى رصيد الإجازات".. ويؤكدون: 100 ألف جنيه الحد الأدنى لرفع الدعوى.. والعدول عن الأحكام السابقة بأنها غير محددة القيمة

مفاجآت الإيجار القديم عرض مستمر.. حكم بالنقض يكشف: امتداد عقد الإيجار لمرة واحدة ليس مقصورا على ورثة المستأجر الأصلى فقط.. الامتداد يصل لورثة "المساكن للمستأجر.. والمادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 حسمت النزاع

الطلاق اللفظى والتلاعب بالشرع.. تعليق وقوع الطلاق باللفظ الصريح على نية الزوج يفتح الباب للتلاعب.. والزوجان يتحملان الوزر.. النقض تتصدى للأزمة.. وتؤكد: الطلاق باللفظ الصريح يقع طلاقًا دون حاجة لمعرفة نية الزوج


print