الخميس، 02 مايو 2024 07:38 ص
أحمد التايب

أحمد التايب

هل أصبحت خزائن مصر خاوية؟

3/27/2016 2:40:27 AM
لماذا شبح الإفلاس يهدد المصريين؟ ولماذا دخل الاقتصاد المصرى غرفة الإنعاش؟ ولماذا انهار الجنيه أمام الدولار بدون مقاومة؟ هذه أسئلة تراود المصريين، وهم فى حالة ذهول وجحوظ، وخاصة أن من الثوابت والمسلمات، أن اقتصاد مصر يقوم على دعائم صلبة منها، امتلاكه للعنصر البشرى، وأن المحروسة مليئة بالموارد الطبيعية الغنية، وناهيك عن الموقع الجغرافى المتميز، وكذلك الطقس المعتدل والمناخ، والاستثمار الجاذب، والآثار الحضارية التى تملك مصر منها الثلث، وقناة السويس الممر الملاحى العالمى، والشعب العظيم ذو القيم والأخلاق والمثل السامية، ليتفاجأ المصريون بارتفاع نسبة الفقر والبطالة، وعجز الموازنة، وزيادة المديونية ونقص الاحتياطى من العملات الأجنبية وانخفاض معدلات الاستثمار والتقلبات فى سوق الأوراق المالية وانخفاض قيمة صرف الجنيه أمام الدولار، ولهذا وجب التساؤل والاستغراب والضجر والتعجب هل أصبحت "خزائن مصر خاوية"؟

إلا أن ترك الفساد وحاميه يرتعون فى البلاد وينهشون من لحوم العباد، وتدهور السياحة، وطرد السياح والمستثمرين بقرارات غبية أكلها الروتين وعفى عليها الزمن، وأصبح مكانها مدافن وقبور الأرشيفات، وإهمال وأخطاء كبيرة وجسيمة حدثت فى المرحلة الانتقالية ولم يتم تداركها، وكذلك عدم مواجهة ظواهر انتشار الفوضى والبلطجة والعنف فى المجتمع المصرى، والاعتصامات والمظاهرات، والتناحر والعداء بين التيارات السياسية، بالإضافة إلى التخبط فى القرارات، وعدم تطبيق العدالة الاجتماعية، وعدم وجود أشخاص مؤهلين لإنقاذ الدولة من عثرتها، وسقوط مسئولين فى كبوات سواء بقصد أو غير قصد، كل هذا الأسباب وغيرها كفيلة بأن تقضى على اقتصاد كبرى الدول والإمبراطوريات.

وحتى لا نحسر أنفسنا فى خندق البكاء على "اللبن المسكوب"، يجب أن يعمل كل مصرى وكل مسئول كبير أو صغير على بذل ما فى وسعه وطاقته، وأن يساعد نفسه أولا ثم بلده من الخروج من هذه النكسة التى من وجهة نظرى تفوق نكسة 1967، لأنها تخص لقمة عيش المصريين وكرامتهم، فهى بمثابة بوابة كبيرة ومتسعة بدون أبواب وأقفال ليدخل منها أعداء الوطن سواء من التكفيريين أو الدواعش أو أعداء الحاضر والماضى اللذين لايريدون الخير للفراعنة، ليعيثوا فى الأرض فساد، ناهبين ومقسمين وناهشين لحومنا وأعراضنا وأرضنا، فهذا جرس إنذار حتى لا تحدث الطامة الكبرى.

ومن هذا المنطلق حتى نكون مفيدين فى الحديث، يستوجب الأمر عدة الأمور، الأول.. لابد أن يتم كبح جماح الاستيراد مرحليا، بوقف استيراد السلع التى لها بديل محلى بشكل كامل، وبأسرع وقت ممكن لأن الاحتياطى النقدى للدولار فى الحقيقة لم يعد يكفينا لاستيراد شهر واحد لا أكثر، خاصة أن رقم الاحتياطى المعلن يتضمن نحو ٦ أو ٥ مليارات دولار فى شكل ذهب وحقوق سحب خاصة لا يمكن تسيلمها، أى أن النقد الحقيقى المتاح للاستخدام ١٠ مليارات دولار فقط وهو ما يكفى استيراد شهر واحد لا غير لو استمر الاستيراد بنفس الوتيرة.

الأمر الثانى.. أن من موجبات التعافى والنهضة الاقتصادية فى مصر، تبدأ بالاهتمام بالعامل ماديا ومعنويا لينتج ويبدع، وتأمين رأس المال والمستثمرين حتى يوظف المال توظيفا آمناً، والاستقرار الأمنى والسياسى والتوافق الوطنى، وكذلك إصدار التشريعات اللازمة للتصدى للفساد، ولحماية العمال والاستثمارات والوطن وربط القرارات الاقتصادية بالعدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى الالتزام بالقيم وبالأخلاق وبالسلوكيات الحسنة وتفعيل مبدأ المواطنة بدون إقصاء أو تهميش، والانطلاق إلى العمل وتقليل الكلام.

الأمر الثالث.. يجب ضخ حزمة من القرارات المهمة والسريعة فى سوق الاستثمار لجذب المستثمرين العرب والأجانب، وكذلك ضخ رسائل طمأنة لمواطنى الغرب بأن مصر بلد الأمن والأمان والاستقرار، وذلك من خلال ضبط الشارع المصرى، والقضاء على البلطجة والعنف، وتطهير الإعلام من أشخاص يقودونه ويشوهونه بتصريحاتهم وأحاديثهم البلاد والعباد، ويأصلون لمبدأ الفتنة والطبقية ويعملون جاهدين إلى تقسيم المجتمع إربا إربا.

الأمر الرابع.. يجب أن تعود القوة الناعمة لريادتها مرة ثانية سواء ثقافيا أو سياسيا أو علميا أو فنيا أو أمنيا، من حيث إعطاء بلاد الجوار إحساس الأمن والأمان لأن مصر قوية يقظة، فيلتفون أمامها وخلفها معلنين قيادتها وتتويجها قائدا فى المنطقة.

الأمر الخامس.. يجب بل يتحتم على المصريين أن يعودون كما كانوا فى الماضى نسيجا واحدا، ولا فرق بين مصرى وأخر إلا بحبه لوطنه، ومن هنا تتماسك الأياد وتتألف القلوب وتتجمع الهمم فنجد المصريين الحقيقيين اللذين يظهرون فى الشدائد والمصائب.

الأمر السادس.. يجب على الدولة أن تحقق أحلام الشباب وشعاراتهم التى رفعوها 25 يناير 2011 عيش حرية عدالة اجتماعية، بعد أن تم دهسها بالأحذية، وتركوهم يبكون دمعا على دماء أصحابه وأحبابه وفلذات أكباده ممن ضحوا بدمائهم وبأحلامهم وبحياتهم من أجل هذه الشعارات وتحقيقها، ومن أجل وطن ترفرف فى سمائه الحرية، وتغرد فى جنباته تغاريد الكرامة، وعرائس البهجة والسرور، وبتحقيق ذلك ستجدون شبابا بسرعة الصواريخ، تقوده عقول وإرادة كالجبال الراسية التى لا تزعزعها الرياح والعواصف والزلازل عن مسارها وأهدافها.

وأخيرا.. يجب على الجميع أن يعلم أن جميع الدول تتعرض لأزماتٍ عدة، وتعمل تلك الدول المُتأزمة على الخروج من أزماتها بُطرقٍ كثيرة وبوضع حلول واستراتيجيات عدة للخروج من أزمتها سالمة غانمة؛ لكن حين يتعلق الأمر بأزمة اقتصادية، فالجميع أمام الخطر مباشرة ولذا وجب النهوض وإعلان كل مصرى ومسئول حالة الطوارئ لإنقاذ الوطن من الضياع.

print