الأحد، 16 يونيو 2024 06:03 ص
حازم عمر

حازم عمر

المستقلون بالبرلمان

12/26/2015 4:34:58 PM
عقب الانتهاء من الانتخابات البرلمانية، والتى استمرت خلال الفترة الممتدة من شهر أكتوبر حتى ديسمبر 2015، بدأ الإعلان عن عدد من الائتلافات السياسية، بهدف أن تكون كتلة منسجمة ومتجانسة داخل مجلس النواب، وكان المستهدف من قبل القائمين على هذه الائتلافات هم المستقلون، حيث يمثلون الأغلبية الحقيقة داخل المجلس، إذ يصل عددهم 325 بنسبة 57.2% من إجمالى أعضاء المجلس.

وعلى الرغم من حالة الارتباك، التى أدت إلى اهتزاز صورة الكثير من الائتلافات التى تم الإعلان عنها إلا أنها تعود إلى التغيير المفاجئ لمواقف الأحزاب السياسية، والتى اتسمت أغلب مواقفها بعدم الوضوح، حيث تراوحت ما بين الانضمام تارة والانسحاب تارة أخرى، والتفكير فى العودة تارة ثالثة.

إلا أن الأهم من البحث فى مواقف الأحزاب هو معرفة موقف النواب المستقلين من أعضاء المجلس، لاسيما أنهم يمثلون القوى الحقيقية التى تحدد ميزان قوى التحالفات المزعومة، كما أن المستقلين لا يمكن النظر إليهم باعتبارهم قوى متجانسة وذات توجه سياسى واحد، فكشفت هذه الانتخابات عن وجود نوع من المستقلين المقنعين (أى المستقلين الذى ترشحوا رسميًا وقدموا أوراقهم للجنة العليا للانتخابات بهذه الصفة إلا أنهم فى الواقع لهم توجهات سياسية متباينة) ونذكر على سبيل المثال، النائب هيثم أبو العز الحريرى فهو مستقل إلا أنه أقرب إلى تيار اليسار وأحد المؤسسين لتحالف العدالة الاجتماعية، وكذلك النائب محمد أبو حامد فترشح مستقلًا، لكنه ينتمى إلى التيار الليبرالى (يمين وسط)، بالإضافة إلى هذا هناك نواب حزبيون مقنعون (أى أنهم ترشحوا بصفة حزبية لكن بعضهم لا يتفق مع برامج الأحزاب، التى ترشحوا من خلالها وربما يكون الدافع للترشح بصفة حزبية هو الاستفادة من تمويل الدعاية الانتخابية الخاصة بهم).

وبالتالى نصبح أمام نواب مستقلين لا يمثلون كتلة واحدة، على نحو يجعل عملية تدشين ائتلاف سياسى داخل المجلس يحوز الأغلبية ليست بالسهولة، التى يتصورها البعض من السياسيين.

وهذا هو الخطأ الذى لم يتداركه القائمون على تدشين الائتلافات، فانشغلوا بمواقف الأحزاب دون الاهتمام بالمستقلين الأقرب إلى توجهاتهم.. فمنذ إعلان نتيجة الانتخابات تم الإعلان عن خمسة ائتلافات، الأول هو ائتلاف دعم الدولة، الذى تغير مسماه إلى ائتلاف دعم مصر، ويقوده اللواء سامح سيف اليزل، والثانى هو ائتلاف العدالة الاجتماعية، الذى يضم التيار اليسارى، والثالث هو الائتلاف حزب النور الذى أعلن عنه الحزب السلفى، والرابع هو تحالف الأمة المصرية، وهو الذى أعلن عنه حزب الوفد عقب اتخاذه قرارًا بعدم الانضمام للتحالف الأول.

فى مقابل هذا، برزت 3 محاولات تسعى إلى تدشين ائتلاف يضم المستقلين، الأولى الذى أعلن عنه النائب المستقل على مصيلحى، والثانى أعلن عنه النائب المستقل مرتضى منصور، والثالث أعلن عنه النائب المستقل محمد العقاد، ويسعى هؤلاء إلى تدشين ائتلاف قوامه المستقلون، مما يؤكد أن النواب المستقلين أنفسهم ليسوا كتلة واحدة متجانسة.

وبخلاف البرلمانات السابقة على ثورة يناير، فكان النواب المستقلون يمثلون رصيدًا للحزب الوطنى الحاكم فى ذلك والوقت، ففى انتخابات عام 2000 تقدموا من حيث العدد على أعضاء الحزب الوطنى، وحققوا نفس النسبة تقريبًا التى حصلوا عليها فى هذا الانتخابات وهى 57%، ولم يتمكن الوطنى من تحقيق الأغلبية البرلمانية إلا بعد انضمام الغالبية العظمى لهؤلاء المستقلين إليه.

أما فى هذا البرلمان، فإن المستقلين لن يكونوا رصيدًا لصالح ائتلاف على حساب ائتلاف أو لحزب على حساب حزب آخر، فتصنيفهم لا يخلو من صعوبة، حيث يختلط ذلك بالأهداف والانتماءات والتوجهات والولاءات السياسية.

وعلى الرغم من عدم وضوح توجهات هؤلاء المستقلين حتى الآن، إلا أنه من الأرجح أن ذلك سيتضح من خلال مواقفهم داخل المجلس حين مناقشة القضايا، التى تعكس التوجهات السياسية، ومنها على سبيل المثال قانون التظاهر وقانون الضرائب التصاعدية وغيرها.

باحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

print