ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجازر مروعة، تضاف إلى سجل الإبادة الجماعية المستمرة، راح ضحيتها 90 شهيدًا على الأقل، وأكثر من 250 جريحًا، في سلسلة من الغارات الجوية والقصف المدفعي الذي طال مختلف محافظات قطاع غزة، مع تكثيف لافت للهجوم البري في محافظة خان يونس، وقد تصدرت مجزرتا مدرسة "فهمي الجرجاوي" وبناية عائلة "عبد ربه" مشهد الدم، وسط انهيار إنساني شامل ومجاعة تطرق أبواب نصف مليون إنسان.
ودخل العدوان الإسرائيلي يومه الـ599، وسط تصعيد مستمر ورغم المطالبات الأممية المتكررة بوقف إطلاق النار، تواصل إسرائيل حربها، والتي أسفرت حتى الآن عن استشهاد 53,977 فلسطينيًا، وإصابة 122,966 آخرين.
ففي ساعات الفجر الأولى، قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مدرسة "فهمي الجرجاوي" بحي الدرج وسط مدينة غزة، وهي منشأة تعليمية تحولت إلى مأوى لمئات النازحين، و أسفر الهجوم عن استشهاد 30 فلسطينيًا بينهم 10 أطفال و5 نساء، بعدما تسببت القنابل الحارقة في اندلاع حريق هائل داخل فصلين دراسيين مكتظين بالنازحين.
وأفاد شهود عيان بأن العديد من الجثامين تفحمت بالكامل، فيما أكد أطباء في مستشفى المعمداني أنهم استقبلوا جثثًا متفحمة ومقطعة، وبعضها فقد أجزاء كبيرة منها، إلى حد الاعتقاد أن بعضها تبخر بفعل شدة الانفجار والحرارة.
جريمة في جباليا: عائلة تباد بالكامل داخل بناية مأهولة
وفي مجزرة أخرى شمال القطاع، شنت طائرات الاحتلال غارة عنيفة على بناية سكنية تعود لعائلة "عبد ربه" في جباليا، ما أسفر عن استشهاد 19 مدنيًا دفعة واحدة، بينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى.
وتواصل فرق الإنقاذ محاولاتها لانتشال من تبقى تحت الأنقاض، وسط إمكانات متهالكة ونقص حاد في المعدات والوقود.
قصف المدنيين في شوارع غزة
ولم تسلم باقي مناطق القطاع من آلة القتل الإسرائيلية، فقد استشهد 4 مواطنين جراء قصف استهدف بناية سكنية قرب خيام للنازحين في شارع الثورة، غرب غزة، كما استشهد 3 آخرون قرب مدرسة الشجاعية، فيما استشهد عامل من طواقم بلدية غزة بعد استهداف مركبة خدمية على شارع الرشيد.
وفي حي الزيتون جنوب المدينة، استشهدت مواطنة وأصيب آخرون جراء قصف عنيف طال منازلهم، ليرتفع بذلك عدد ضحايا أمس وحده إلى 90 شهيدًا، بحسب وزارة الصحة في غزة، التي أكدت أن عددًا كبيرًا من الجثامين لا تزال تحت الأنقاض، في ظل تعذر وصول فرق الإسعاف والدفاع المدني إليها.
خان يونس تفرغ من سكانها.. والنزوح يبلغ ذروته
وفي محافظة خان يونس، أصدرت قوات الاحتلال أوامر إخلاء جديدة شملت أكثر من 75% من مساحة المحافظة، طالبت فيها من تبقى من السكان بالنزوح القسري إلى منطقة المواصي، و هذا القرار أدى إلى موجات نزوح جماعية، شملت كذلك مناطق شرق دير البلح وشمال القطاع، متسببة في اكتظاظ خانق، وافتقار شديد للملاجئ والخيام، التي ارتفعت أسعارها بنسبة فاقت 250% وسط انعدام شبه كلي للإمدادات.
الصحة العالمية: الجوع يفتك بـ500 ألف فلسطيني
وعلى الصعيد الإنساني، دقت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر، حيث أكدت المديرة الإقليمية الدكتورة حنان بلخي، أن أكثر من 10 آلاف جثمان لا تزال تحت الأنقاض في غزة، بينما يحتاج 15 ألف جريح إلى إخلاء طبي عاجل.
ووصفت بلخي الوضع في غزة بأنه "كارثي"، في ظل ما اعتبرته إحدى أسوأ أزمات الجوع على مستوى العالم.
كما أفادت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) أن 95% من الأراضي الزراعية في قطاع غزة أصبحت غير صالحة للزراعة بفعل التدمير الإسرائيلي الممنهج.
وقالت مديرة برنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، إن نصف مليون فلسطيني في غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وباتوا على شفا مجاعة.
طولكرم: نكبة جديدة تتجلى في الضفة
وفي الضفة الغربية، تواصل قوات الاحتلال حصارها الخانق لمخيمي طولكرم ونور شمس، وسط عمليات هدم ممنهجة طالت أكثر من 20 مبنى سكنيًا في حارات المخيمين، وتسببت في تدمير مئات المنازل وتهجير نحو 25 ألف مواطن.
كما أضرمت قوات الاحتلال النيران عمدًا في حارة المنشية، وحولت منازل المدنيين إلى ثكنات عسكرية.
الاحتلال يقتحم مقر "الأونروا" في القدس
وفي مشهد آخر يعبر عن استخفاف الاحتلال بالمؤسسات الدولية، اقتحمت نائبة من حزب "إسرائيل بيتنا"، برفقة مستوطنين، مقر وكالة الأونروا في حي الشيخ جراح بالقدس وأعلنت "احتلاله".
وقد تم إخلاء المقر مطلع هذا العام بقرار من حكومة الاحتلال، وهو اليوم مهدد بتحويله إلى مشروع استيطاني يضم أكثر من 1400 وحدة سكنية.