الثلاثاء، 14 مايو 2024 06:01 م

فشل اليمين المتطرف فى دخول الإليزيه عبر الصناديق يدفع للخطة B.. تقارير تحذر من مسلحين فى صفوف "السترات الصفراء".. وخبراء: أهداف احتجاجات باريس تفوق المطالب الفئوية

فرنسا والفوضى.. تعدد المحرضون والمحرك واحد

فرنسا والفوضى.. تعدد المحرضون والمحرك واحد فرنسا والفوضى.. تعدد المحرضون والمحرك واحد
الأحد، 09 ديسمبر 2018 11:00 ص
كتبت ريم عبد الحميد ـ عبد الوهاب الجندى

دخان كثيف، ومشاهد مروعة من الكر والفر عاشتها فرنسا ولا تزال على مدار الأسابيع الماضية، بعد خروج حركة "السترات الصفراء" إلى النور ودعوتها للاحتجاج ضد قرارات الحكومة الفرنسية برفع الضرائب على المحروقات، وهى القرارات التى تراجعت عنها الحكومة، بعدما طالت نيران الفوضى ممتلكات عامة وخاصة، وإتلاف معالم آثرية، وخلفت وراءها مئات المصابين.

 

وشهدت مواجهات أمس السبت، اعتقال أكثر من 700 شخص، بحسب ما أعلنه مسئولون فرنسيون، بعد احتدام الاشتباكات والكر والفر خلال محاولة المحتجين الوصول إلى قصر الإليزيه.

 

وتم إغلاق برج إيفل والمعالم السياحية الأخرى والمتاجر لتجنب أعمال النهب وتمت إزالة مقاعد الشوارع لتجنب استخدام القضبان المعدنية كمقذوفات.

 

المشهد الفرنسى الذى خرج عن السيطرة، دفع الحكومة إلى تعليق قرارها بشأن ضرائب المحروقات 6 أشهر، فى محاولة للسيطرة على المشهد، أملاً فى تراجع وتيرة الاحتجاجات، إلا أن مراقبون أكدوا أن تلك الخطوة لن تكون إلا مبرراً للمزيد من الفوضى، بحسب ما نشرته صحيفة "ذى تايمز" البريطانية فى تقرير لها.

 

وقالت ذى تايمز إن  المتطرفين الذين يقفون خلف أغلب أحداث العنف التى شهدتها العاصمة الفرنسية باريس الأسبوع الماضى، يسعون لتحويل الاحتجاجات على زيادة الضرائب إلى ثورة متفجرة كاملة، مؤكدة فى تقريرها أن  المنشورات التى حصلت عليها تظهر أن جماعات اليمين المتشدد تريد استخدام تفجر الغضب الشعبى ضد الرئيس إيمانويل ماكرون للإطاحة بالنظام بأكمله، وليس فقط استقالة الرئيس.

 

ولفتت الصحيفة إلى أن نحو 300 من المسلحين المنتمين إلى اليمين المتشدد كانوا حاضرين فى مظاهرة الأسبوع الماضى، التى تحولت إلى أسوأ أحداث شغب تشهدها باريس منذ عام 1968، وانضم إليهم عدة مئات من النشطاء اليساريين وهم يبنون الحواجز ويشعلون النيران بالسيارات والمبانى ويهاجمون الشرطة.

وتابعت "تايمز": هؤلاء المتشددون المنظمون جيدا، تجنب أغلبهم أن يتم القبض عليه بمغادرة المكان مع تعامل شرطة مكافحة الشغب مع الأمر".

ولفتت تايمز إلى أن أغلبية من تم اعتقالهم خلال أحداث الشغب 412 شخص، ليس لديهم انتماءات سياسية. 

 

وقال جاين يفيس كامو، الباحث فى المعهد الفرنسى للشئون الدولية والإستراتيجية فى باريس، وهو خبير فى شئون اليمين المتطرف، إن الجماعات الراديكالية من اليمين واليسار أدمجوا أنفسهم  بحركة السترات الصفراء لأنهم يعتقدون أنهم بحاجة إلى إدراك سياسى، ويعتقدون أن المحتجين ينبغى أن يكون هدفهم ليس فقط استقالة ماكرون ولكن الإطاحة بالنظام بأكمله. 

 

وأشار الخبير الفرنسى إلى أن اليمين المتطرف كان سريعا فى الانضمام لاحتجاجات السترات الصفراء على أمل أن يغذى العنف والفوضى أجندته المعادية للهجرة والإسلام.

ومن بين الجماعات اليمينية المتطرفة التى شاركت فى احتجاجات السبت جماعة الدفاع عن الاتحاد المعروفة بأساليبها العنيفة. وقد واجهت مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطنى المنتمى لليمين المتطرف اتهامات بالحفاظ على علاقات مع جماعة الدفاع عن الاتحاد على الرغم من محاولتها لكسب الاحترام. وكان موجودا أيضا يوفان بينديتى، الرئيس السابق لجماعة العمل الفرنسى اليمنية التى ساندت حكومة فيشى التى ساندت ألمانيا النازية، وتم حظر الجماعة عام 2013. كذلك تواجد إيرف ريسي، الناشط اليمينى المتشدد المدان بالتحريض على الكراهية العنصرية. 

 

وتجلت أجندة اليمين المتشدد فى منشور تم توزيعه على المحتجين، ويلقى المنشور اللوم على المهاجرين  فى العنف وقال إن القوميين قد قاموا بإبلاغ السترات الصفراء أنهم ينبغى أن يدخلوا فى معركة لحماية بلادنا وحضارتنا، ودعا المنشور إلى إنهاء الرأسمالية والعولمة وعضوية فرنسا فى الاتحاد الأوروبى. ودعت الجماعة على موقعها الإلكترونى إلى ثورة وطنية اجتماعية شعبية من أجل الهوية. 

 

ويقول كامو إن جماعات اليمين المتشددة التى ترتبط أغلبها بعلماء البيئة الراديكاليين، كانت مترددة فى البداية فى دعم الاحتجاجات على زيادة الضرائب على الوقود، لكنهم انضموا إليها على أمل أن تؤدى الفوضى إلى انهيار الدولة.. وينتمى الكثيرون إلى جناح الحركة الأناركية الفرنسية ولديهم خبرة طويلة فى الصدامات مع شطة مكافحة الشغب، حيث استطاع المحتجون أن يمنعوا محاولة لبناء مطار.

 

وتتبنى بعض الجماعات إيديولوجية الكتلة السوداء، نسبة إلى الملابس السوداء التى يرتديها أعضائها، والتى تستمد جذورها من الدوائر اليسارية فى ألمانيا.

وفى الوقت الذى تجرى فيه مواجهات متقطعة بين الأمن ومثيرى الشغب فى العاصمة باريس وعدد من المدن الفرنسية من آن إلى آخر، فى محاولة لاحتواء الموقف، تزايدت تفسيرات المراقبين والمتابعين للشأن الأوروبى والفرنسى بشكل عام، وذهب البعض إلى توجيه أصابع الاتهام إلى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بالوقوف وراء تلك الاحتجاجات، رداً على الدعوة التى أطلقها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون قبل أسابيع، لإنشاء "جيش أوروبى موحد"، للحد من التعاون الأمنى والاستخباراتى بين الدول الأوروبية وواشنطن.

 

وفيما يرى البعض الاحتجاجات نتيجة لضغوط اقتصادية يعانى منها المواطنين، وفى وقت يعتبرها البعض بمثابة مؤامرة برعاية أمريكية، يؤثر البعض الاقتداء بالمثل الفرنسى الشائع "فتش عن المرأة".. ليوجههوا بدورهم الاتهامات إلى زعيمة اليمين المتطرف ، والمرشحة الخاسرة فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، مارين لوبان، مؤكدين أن ما تلقته من دعم خلال حملتها الانتخابية ـ رسمى وغير رسمى ـ من قبل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، يزيد من جدية تلك الاتهامات.

 

وبحسب خبراء، فإن إقدام مارين لوبان منذ بداية الاحتجاجات فى أيامها الأولى على دعم "السترات الصفراء"، يعكس بما لا يدع مجالاً للشك أنها المحرك الرئيسى لتلك الحركة، وليس مجرد مؤيد أو داعم لمواقفها، خاصة أن التحركات التى تقدم عليها الحركة لا يمكن تصنيفها تحت بند التظاهرات السلمية، أو الاحتجاجات العفوية، بعدما بدأت وبشكل ملحوظ استهداف مؤسسات حكومية وهيئات تشريعية، كما هو الحال مع غلق أبواب البرلمان الفرنسى.

 

ووثقت وسائل الإعلام من مختلف بقاع العالم حركة الاحتجاجات العنيفة، وبثت صوراً للمتظاهرين وهم يشتبكون مع شرطة مكافحة الشغب الفرنسية ويستهدفون رجال الأمن من أعلى أسطح السيارات، أو يوقفون السيارات التى تحمل المسنين أو الأطفال الصغار وغيرها من أعمال تخريبية، الأمر الذى قاد العديد من النقاد للإشارة إلى سيطرة المتطرفين من اليمين واليسار على حركة الاحتجاجات.

وقالت وسائل الإعلام الفرنسية ، ان هذا الشك تضاعف عند الكشف عن أن بعض القادة المحليين للحركة معادون للسامية ومعارضين للأقليات بشكل عام، بحسب ما نشره موقع "ذا لوكال" الفرنسى.

 

ولا يستبعد مراقبون وجود تنسيق بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ومارين لوبان، لترويض الرئيس الفرنسى الشاب إيمانويل ماكرون، وإغراق فرنسا فى سيناريوهات الفوضى الداخلية، للحد من طموحها الإقليمى والدولى الذى يتعارض مع سياسات ترامب الخارجية، مؤكدين فى الوقت نفسه أنه على الرغم من أن الحركة غير تابعة لمؤسسة حكومية أو سياسية محددة، إلا أنها حظيت بدعم أحزاب من اليمين المتطرف واليسار، ما يعكس وجود مثل هذا التنسيق.

 

وفى تعليقها على الأزمة الحالية فى فرنسا، لم تلوم لوبان أى من المحتجين او المخربين، ولم تدين حوادث السرقة والنهب والتعدى على البرلمان الفرنسى، وإنما هاجمت الحكومة الفرنسية والرئيس إيمانويل ماكرون، وقالت مارين لوبان فى لقاء تلفزيونى نشر منه مقتطفات فى صحيفة 20مينيت الفرنسية، إنها تدين الاحتقار الشديد الذى تتبعه الحكومة الفرنسية ورئيسها مع المحتجين على رفع اسعار المحروقات، ووصفت رد فع الحكومة بالمغرور، بينما قالت ان تصريحات ماكرون بعدم التنازل ضد حركة الاحتجاجات بـ"مزعجة".

 

ووفقاً لصحيفة 20 مينيت الفرنسية، قالت لوبان ، "أرى أن الحل الوحيد الصحيح يتلخص داخل لجان النتخابات، ولا بد ان يكون هناك من يمثل الفرنسيين بالكامل ، ولا يخضع فيها من يعمل من اجل فئة واحدة"، و أضافت " حل الجمعية الوطنية (البرلمان) واجراء انتخابات جديدة هو الحل الأكثر أهمية للخروج من ازمة السترات الصفراء".

 

وهاجمت زعيمة اليمين المتطرف الحكومة وقالت إنها "صممت على تجاهل الفرنسيين وعدم سماع صرخاتهم ، والمضى قدما فى خطواتها نحو الضغط على الفرنسيين، والاستمرار فى خطاها برفع اسعار المحروقات".

ولم يتوقف المحتجون على الاشتباك مع الشرطة وإنما اقتحموا عدد من المتاجر الكبرى فى البلاد، واتلفوا واجهاتها، وسرقوا ما فيها من ملابس وغيرها من منتجات مختلفة.

 

وقال جاين يفيس كامو، الباحث فى المعهد الفرنسى للشئون الدولية والإستراتيجية فى باريس، وهو خبير فى شئون اليمين المتطرف، إن الجماعات الراديكالية من اليمين واليسار أدمجوا أنفسهم  بحركة السترات الصفراء لأنهم يعتقدون أنهم بحاجة إلى إدراك سياسى، ويعتقدون أن المحتجين ينبغى أن يكون هدفهم ليس فقط استقالة ماكرون ولكن الإطاحة بالنظام بأكمله. 

 

وأشار الخبير الفرنسى إلى أن اليمين المتطرف كان سريعا فى الانضمام لاحتجاجات السترات الصفراء على أمل أن يغذى العنف والفوضى أجندته المعادية للهجرة والإسلام.


الأكثر قراءة



print