ما زال مئات المصريين يقبعون عاجزين، أو مشوهين فى منازلهم، فيما يرقد آلاف آخرون فى قبورهم ضحايا للحرب العالمية الثانية، بعدما انفجرت فيهم ألغام جيوش الحلفاء والمحور المزروعة فى الصحراء الغربية، ورغم استمرار سقوط الضحايا على مدار سنوات طويلة، إلا أن الدول المشاركة فى زرعها ما زالت تصر على التنصل من مسؤوليتها التاريخية عن هذه الجرائم.
"الألغام"، هذا الإرث التاريخى الثقيل الذى خلفه صراع القوى الاستعمارية فى صحراء مصر الغربية الطاهرة، نعانى منه حتى تلك اللحظة، ويُعدّ عائقًا فى سبيل التنمية الزراعية فى المقام الأول، وعائقًا فى سبيل تنمية الثروة الحيوانية فى مناطق تعد مراعى طبيعية، هكذا بدأ النائب فوزى مصيبع أبو زريبة محمد، وشهرته مهدى العمدة، حديثه مع "برلمانى".
النائب مهدى العمدة يستعد لاستجواب أعضاء الحكومة حول ملايين المنح
بسؤاله عن الأمر وخطته للتعامل معه، شن النائب مهدى العمدة هجوما لاذعا على الأمانة التنفيذية لإزالة الألغام وتنمية الساحل الشمالى الغربى، التابعة لوزارة التعاون الدولى، مؤكّدًا أن هناك خطوط ألغام لم يتم التعامل معها حتى الآن، والأمانة التنفيذية لإزالة الألغام، برئاسة السفير فتحى الشاذلى، تعقد اجتماعات صورية على الورق بالمحافظة، لمناقشة حل الأزمة دون التوصل إلى حلول جذرية بها.
وتابع "العمدة" حديثه مع "برلمانى" بالقول: "هناك إعانات وتعويضات تأتى من الخارج لا يعلم بها أحد، وهناك مشروعات توزيع أبقار وثروة حيوانية للمتضررين، ولكنهم لم يحصلوا عليها، ويتم الاكتفاء بالأطراف الصناعية فقط، وهناك 450 حالة من المتضررين كانوا ينوون تنظيم وقفة احتجاجية أمام المحافظة وتم احتواء الأمر من جانب النواب".
واستكمل النائب مهدى العمدة حديثه بالإعلان عن اعتزامه التقدم باستجواب للحكومة حول الأموال التى تصل من الخارج بخصوص الألغام، موضّحًا أن الاستجواب سيتم تقديمه إلى كل المسؤولين عن هذا الملف، بداية من وزيرة التعاون الدولى ووزير الخارجية، وصولاً إلى الأمانة التنفيذية لإزالة الألغام، مؤكّدًا أن هذا الملف شائك للغاية، وهناك إعانات بالملايين تأتى من دول أجنبية لتنفيذ مشروعات لتعويض المتضررين من الألغام، وتوجه للدولة والجمعيات والمنظمات الاجتماعية والأهلية، ولكنها لا تصل لمستحقيها، وهناك ملايين الأفدنة الموبوءة، بداية من مدينة الحمام مرورًا بالعلمين والسلوم وسيدى برانى والضبعة وسيوة وحتى الحدود الغربية.
فضل العميرى: مساحة كبيرة من الأراضى غير مستغلة
فى السياق ذاته، أكد نائب محافظة مرسى مطروح، النائب سليمان فضل العميرى، أن أزمة الألغام قائمة منذ العام 1942، وما زال أهالى المحافظة يعانون منها حتى الآن، لافتًا إلى أن مساحة كبيرة من الأراضى غير مستغلة بسبب وجود الألغام بها، وهو ما يهدّد أهالى المحافظة بفقدان أطرافهم طوال الوقت.
وأضاف النائب فضل العميرى، أن منطقة الحدود مع ليبيا تشهد تواجدًا كبيرًا للألغام منذ احتلال ليبيا، ويزداد الخطر مع مواسم الأمطار، إذ تجرف السيول هذه الألغام وتحملها إلى مناطق مأهولة بالسكان دون علمهم، وتتوارى بفعل عوامل البيئة، ما قد ينتج عنه انفجار اللغم فى المواطنين بشكل مفاجئ.
وأشار "العميرى" - فى تصريح خاص لـ"برلمانى" – إلى أن المساحات الموبوءة بالألغام تقدر بآلاف الأفدنة، وأن القوات المسلحة ساهمت فى تطهير بعضها، مضيفا: "طالما السلم عم العالم كله فلا بدّ من تفعيل للاتفاقيات الدولية وإلزام الدول بإزالة الألغام وآثار الحرب، لأنها وحدها من تمتلك خرائط تلك الألغام، ويجب أن يحصل مصابو الألغام على حقوقهم من الدول التى زرعت الألغام وتركت مخلفات الحرب"، موضّحًا أن مخاطبة تلك الدول للالتزام بمسؤولياتها التاريخية هى مسؤولية الخارجية من ناحية، وأعضاء البرلمان من ناحية أخرى، عبر إثارة هذا الموضوع تحت القبة وخلال جولات لجنة العلاقات الخارجية وأى اجتماعات مع برلمانات أوروبية.
واختتم عضو مجلس النواب عن محافظة مرسى مطروح تصريحه لـ"برلمانى" بالقول: "سيكون على رأس مطالبنا إلزام الدول الأجنبية بإزالة الألغام وتعويض المتضررين، وفى حالة عدم الوصول إلى اتفاق سيكون اللجوء إلى التحكيم الدولى هو الحل، وذلك بالتنسيق مع الحكومة المصرية".
النائب رزق جالى يطالب بإلزام الدول الغربية بإزالة الألغام وتعويض المتضررين
من جانبه، طالب النائب رزق جالى نصر الله نوح، عضو مجلس النواب المستقل عن محافظة مرسى مطروح، الدول الأجنبية – وعلى رأسها بريطانيا وألمانيا - بالالتزام بمسؤولياتها بإزالة الألغام المزروعة فى مطروح، والتى خلفتها الحرب العالمية الثانية، وتعويض أسر المتوفين والمصابين.
وأوضح "رزق" – فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، اليوم الخميس - أن هناك نسبة كبيرة من المواطنين لم يكن لديهم الوعى الكافى فى حقبة السبعينيات، إلا أنه منذ بداية التسعينيات لم تقع حالات وفاة، وذلك بعد حملات التوعية التى تم تدشينها حول خطورة الألغام وكيفية التعامل معها، لافتا إلى أن أغلب الألغام متواجدة بصحراء جنوب العلمين، وأن العمل مستمر من قبل القوات المسلحة لتطهير أرض مطروح من الألغام التى خلفتها الحرب، وهناك مناطق محددة بسور، ومكتوب عليها تحذير بأماكن محدودة من المحافظة، معلنًا أنه سيعمل على دراسة اللجوء للتحكيم الدولى بالتنسيق مع اللجنة التشريعية بمجلس النواب، لإلزام تلك الدول بإزالة الألغام وتعويض المتضررين وأسرهم.