الثلاثاء، 16 أبريل 2024 07:07 م

تحقيق استقصائى يكشف إهدار مليارات الدولارات بسبب المناطق الحرة.. الاستثمار الأجنبى يهرب منها وتصديرها للخارج على الورق فقط.. بعض الشركات تؤسس فروعا فى دول الملاذات الضريبية

مصر تخسر مليار دولار سنويا

مصر تخسر مليار دولار سنويا مصر تخسر مليار دولار سنويا
الثلاثاء، 03 يناير 2017 02:31 م
تحقيق منى ضياء
إذا كنت واحدا من الساعين إلى تحقيق ربح كبير، فليس أمامك سوى تأسيس شركة داخل المناطق الحرة لتنعم بالعديد من المزايا والدعم الذى توفره الدولة للعاملين فى هذا القطاع كالإعفاءات الضريبية والجمركية.

نوعان من المناطق الحرة العاملة فى مصر أحدهما عامة والأخرى خاصة، وكلاهما يهدفان إلى زيادة الصادرات الخارجية وجذب الاستثمار الأجنبى وتشغيل العمالة، وهو ما سعت الحكومات المصرية المتعاقبة إلى تحقيقه على مدى أربعة عقود متتالية، ولكن ما حدث فعليا هو مزيد من الأرباح للمستثمرين يقابله مزيد من الخسائر للدولة.

لكن كيف ينجو المستثمرون من دفع الضرائب؟ وكيف يتهربون من تحقيق الأهداف المطلوبة منهم؟ وما الأساليب التى يلجأون إليها للتحايل على القانون؟ وهل وضعت الحكومة فى اعتبارها أثناء الموافقة على مشروع قانون الاستثمار الجديد كيفية إحكام الرقابة على المناطق الحرة القائمة بالفعل لتفادى الأخطاء السابقة؟ أم أنها اكتفت فقط بإلغاء إنشاء مناطق حرة خاصة جديدة؟

فى مارس 2015 نصت تعديلات قانون الاستثمار رقم 17 لسنة 2015 على رقابة ضريبية وجمركية على عمل المناطق الحرة، وهو النص الذى لم يطبق حتى الآن، الأمر الذى أدى إلى أن يشهد العام المالى 2015 - 2016 أعلى معدلات الخسائر من عمل المناطق الحرة خلال 5 سنوات، وهو ما سنكشف تفاصيله فيما بعد.

فى هذا التحقيق الاستقصائى الذى اعتمد على تحليل العديد من البيانات والإحصاءات الرسمية، تكشف «برلمانى» عن كيفية تحول المناطق الحرة من دورها الرئيسى فى جذب الاستثمار وتشجيع الصادرات، إلى «ملاذات للتجنب الضريبى» تجتذب الباحثين عن تحقيق أرباح طائلة دون سداد الضرائب عنها.

وكيف اتجه أصحابها إلى إنشاء شركات تعمل بنظام «الأوف شور» فى دول الجنات الضريبية كجزر العذراء البريطانية وموريشيوس ، التى ظلت حتى سنوات قريبة ملجأ ضريبيا، إلا أنها خرجت من القائمة السوداء للملاذات الضريبية، بعد أن سمحت بتبادل المعلومات مع استمرار المعاملة الضريبية التفضيلية للمستمثرين الأجانب، وهذا بهدف تسهيل حركة دخول وخروج الأموال بينها وبين شركاتهم فى المناطق الحرة داخل مصر وإعفاء كل توزيعات الأرباح التى تحصل عليها الشركة الأم من شركاتها التابعة داخل وخارج مصر من الضرائب أيضا، فضلا عن طبيعة عمل هذه المناطق وحجم الخسارة التى يتكبدها الاقتصاد القومى التى تصل تقريبا إلى مليار دولار سنويا.

1461424483_412599_234_158371_

ما هى المناطق الحرة ولماذا تحصل على إعفاءات ضريبية وجمركية


المناطق الحرة عبارة عن نظام استثمار بدأت الشركات المصرية والأجنبية فى العمل به منذ عام 1973، كما لو أنها مناطق أجنبية تقع خارج الحدود، وتضم نوعين الأول مناطق حرة عامة وهى عبارة عن 9 مناطق موزعة على مستوى الجمهورية، والنوع الثانى هو مناطق حرة خاصة، وفيها تحصل كل شركة منفردة على ترخيص بمزاولة النشاط باعتبارها منطقة حرة فى ذاتها، وقد تم إلغاء تأسيس مناطق حرة خاصة منذ العام قبل الماضى بصدور تعديلات قانون الاستثمار رقم 17 لسنة 2015، وهو ما أقرته أيضا مسودة قانون الاستثمار التى وافقت عليها الحكومة الأسبوع الماضى، لكن لا تزال الشركات العاملة بهذا النظام قائمة حتى انتهاء مدة تراخيصها، بل ويجوز تجديد هذه التراخيص حتى انتهاء مدة المشروع، طبقا لنص القانون المقترح من الحكومة.

وتحصل المناطق الحرة على إعفاءات ضريبية وجمركية كاملة، فهى غير خاضعة لقانون الضرائب على الدخل رقم 91 لسنة 2005، ولكن ينظم عملها قانون الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 وتعديلاته الذى يشترط تسديد الشركات العاملة فيها رسوما لصالح هيئة الاستثمار بنسبة 1% من إجمالى الإيرادات بالنسبة للأنشطة الخدمية، ومن قيمة السلع الواردة لمشروعات الأنشطة التخزينية، ومن أى قيمة مضافة على السلعة عند خروجها من المنطقة الحرة بالنسبة للأنشطة الصناعية، لتشكل هذه الرسوم 92% من إيرادات موازنة الهيئة خلال السنة المالية السابقة 2015/2016، وذلك وفقا لبيانات هيئة الاستثمار التى حصلت عليها «برلمانى».

وتصل حجم رؤوس الأموال المستثمرة فيها، طبقا لنفس البيانات المذكورة، إلى ما يقرب من 11 مليار دولار حتى نهاية سبتمبر الماضى، وبتكلفة تشغيلية تخطت 25 مليار دولار، خلال نفس الفترة.

الدكتور مصطفى عبد القادر، رئيس مصلحة الضرائب الأسبق، أكد أن الإعفاءات الضريبية المطلقة هو أمر مرفوض، لأنها تحولت من وسيلة لجذب الاستثمار الأجنبى الحقيقى إلى تنازل من الدولة المصرية عن الضرائب لصالح خزانة دولة أجنبية أخرى، حيث تقوم الدولة الأم لهذه الشركات بتحصيل قيمة الضرائب التى استغنت عنها الخزانة المصرية.

وأضاف عبد القادر: «لابد أن يقابل هذا التنازل عوائد اقتصادية تحققها المناطق الحرة تعويضا عن الضرائب الضائعة، وأهمها أن تكون أنشطتها موجهة للتصدير الخارجى بما يخفض عجز الميزان التجارى، وجذب الاستثمارات الأجنبية، والتشغيل الكثيف للأيدى العاملة الوطنية».

كيف تحولت لملاذات ضريبية؟


القول بأن المناطق الحرة بوابة لتهريب البضائع إلى مصر لم ينقطع منذ إنشائها حتى الآن، ولكن الجديد فى الأمر هو كيف تحولت المناطق الحرة إلى ملاذات للتجنب الضريبى تسعى من خلاله كبرى الشركات لتحقيق أرباح كبيرة، وهو ما كشفته «اليوم السابع» بعد الوصول لميزانيات ثلاث شركات تعمل بنظام المناطق الحرة والمدرجة فى البورصة المصرية.

الثلاث شركات محل الدراسة عبارة عن شركات «قابضة» أو شركات «أم» تعمل داخل المناطق الحرة فى مصر، اثنان منها مناطق حرة خاصة وواحدة منطقة حرة عامة، ولها عدة شركات تابعة فى دول الملاذات الضريبية لكى تعفى من دفع الضرائب سواء داخليا أو خارجيا، وبالتالى تتمكن من تحقيق أرباح هائلة مثل جزر العذراء البريطانية، وموريشيوس وغيرها من الجنات الضريبية.

هذه الحالات الثلاثة لا تنطوى على أى تهم للتهرب الضريبى أو أى مخالفات قانونية، لكن ما تفعله كل منها هو «التخطيط الضريبى الدولى» لدفع أقل قدر ممكن من الضرائب على الأرباح التى تحققها الشركات من أعمالها دوليا وهو أمر مشروع، ولكن فى بعض الحالات تصل الأمور إلى مرحلة «التخطيط الضريبى الضار» الذى ينتج عنه خروج الأموال من الدولة دون تحقيق أى فائدة اقتصادية تذكر.

اللجوء إلى الملاذات الضريبية هو أمر تحاربه دول العالم ممثلة فى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، خاصة بعد الفضائح التى أظهرها التحقيق الدولى المعروف باسم «وثائق بنما»، الذى كشف عن قيام مشاهير العالم من الحكام ولاعبى الكرة والفنانين وغيرهم بإيداع واستثمار أموالهم فى ملاذات ضريبية سرية للتهرب من سداد الضرائب فى بلدانهم الأصلية.

1468411727_585_58416_

سمسرة الأوراق المالية فى المنطقة الحرة!


الحالة الأولى هى شركة قابضة مصرية باستثمار سعودى تعمل فى مجال السمسرة فى الأوراق المالية، ووفقا لميزانيتها المعتمدة فى 31 ديسمبر عام 2015 فإن إجمالى إيراداتها بلغت 23.7 مليون دولار تقريبا عن تلك السنة، وبالتالى فإن قيمة الرسوم التى يجب دفعها لهيئة الاستثمار هى 2.4 مليون دولار، تم حسابها بواقع 1% من إيراداتها، أما اذا افترضنا أن هذه الشركة كانت تعمل خارج نظام المناطق الحرة، أى أنها تخضع للضرائب على الدخل، وقتها فإن ما يجب عليها دفعه طبقا لقانون الضرائب على الدخل رقم 91 لسنة 2005، الذى ينص على تحصيل 22.5% ضرائب من صافى الربح الذى حققته الشركة وليس إجمالى الإيرادات، بالتالى فإن صافى أرباح الشركة خلال نفس الفترة هو 14.3 مليون دولار وبناء عليه فإن الفاقد الضريبى هو 3.2 مليون دولار، أى ما يعادل 1.3 مرة من قيمة الرسوم التى سددتها الشركة لهيئة الاستثمار، هذه الأرقام تم التوصل إليها بعد الاستعانة بأحد المحاسبين فى مصلحة الضرائب الذى اطلع على ميزانية الشركة.

النقطة الثانية المتعلقة بطبيعة عمل الشركة هو أن مجال نشاطها الرئيسى هو السمسرة فى الأوراق المالية، وهذا ليس نشاطاً إنتاجياً ولا يؤدى لتشغيل أيدى عاملة كثيرة وحتى بالنسبة للأنشطة الخدمية المسموح بعملها داخل المناطق الحرة، فمن المثير للتساؤلات أسباب وجود مثل هذا النشاط داخل المناطق الحرة، خاصة مع تملك الشركة القابضة 12 شركة تعمل فى كل من الإمارات وجزر العذراء البريطانية «ملاذ ضريبى»، ومصر، وجميعها تعمل فى مجالات السمسرة فى الأوراق المالية، والتمويل العقارى والخدمات المالية.

كما كشفت الميزانية أن ثلاث شركات تابعة لها فى مصر من إجمالى 12 شركة مصرية التى تعمل خارج المنطقة الحرة أوقفت نشاطها تماما، وإحداها موقوفة مؤقتا، والثالثة ممنوعة من مزاولة النشاط، فيما فسره خبراء على أنها رسالة على انسحاب الشركة من مصر تدريجيا بما يسهل حركة خروج الأموال من مصر.

ويقول عنه حمدى هيبة، مستشار ضريبى فى إحدى مكاتب المحاسبة الشهيرة، بأنه يرجع إلى أن الشركة القابضة قد ترغب فى الاكتفاء بالعمل داخل المناطق الحرة فى مصر، وملاذاتها الضريبية بالخارج فقط لتحقيق مزيد من الأرباح دون الوقوع تحت طائلة الضرائب، فضلا عن تسهيل حركة خروج الأموال من المناطق الحرة إلى الجنات الضريبية.

وتساءل هيبة عن أسباب تأسيس شركات قابضة لا علاقة لها بالتصدير داخل منطقة حرة، قائلا: لا أعرف ما علاقة نشاط هذه الشركة وهو السمسرة فى الأوراق المالية بطبيعة عمل المناطق الحرة، مطالبا بدراسة دقيقة ومتأنية من الحكومة تجاه ممارسات هذه الشركات.

البحث عن ضرائب أقل هدف المستثمرين


الحالة الثانية لشركة مصرية تعمل بمجال الخدمات البترولية والملاحية، وهى شركة قابضة أيضا تعمل بنظام المناطق الحرة الخاصة، ولها نشاط فى العديد من دول العالم، واللافت للانتباه أن أغلب الشركات التابعة لهذه الشركات مؤسسة فى مناطق غير خاضعة للضرائب أيضا أو تفرض ضرائب منخفضة على الأرباح، إما داخل المناطق الحرة فى مصر، أو فى ملاذات ضريبية بالخارج، وبالتالى لا تدفع ضرائب تذكر عن نشاطها مما يؤدى لتحقيقها مزيدا من الأرباح دون دفع الكثير من الضرائب.

وتمتلك هذه الشركة حصصا حاكمة فى 4 شركات تابعة الأولى تأسست بدولة الإمارات العربية، أما الثانية والثالثة فتعملان داخل مصر بنظام المناطق الحرة، وبالتالى لا تخضعان للضرائب، أما الشركة الرابعة تأسست فى ليبيريا، لأنها تفرض ضرائب أقل، لذا تلجأ إليها العديد من الشركات العاملة بمجال الخدمات الملاحية، وينبثق من هذه الشركة التابعة عددا من الشركات التابعة الأخرى فى كل من موريشيوس والإمارات وسنغافورة والمملكة العربية السعودية.

وتقر الشركة الأم فى ميزانيتها المقدمة للبورصة أنها لا تسدد ضرائب عن نفسها أو عن الشركات التابعة لها بما فيها مصر فيما عدا الشركتين المؤسستين فى السعودية وموريشيوس التى تحصل ضرائب منخفضة.

أما المثال الثالث فهو لشركة قابضة مصرية تعمل فى مجال الاستثمارات والاستشارات، وتمتلك شركات تابعة داخل مصر وخارجها، منها 10 شركات ملابس جاهزة فى مصر تعمل بنظام المناطق الحرة، وهو عدد كبير يعكس حجم استفادة هذه الشركة من الإعفاءات الضريبية، خاصة إذا عرفنا أن هذه الشركة تمتلك 8 شركات أخرى تعمل خارج المناطق الحرة وتخضع للنظام الضريبى العام إلا أنها أن مصلحة الضرائب لم تفحص الموقف الضريبى لهذه الشركات منذ فترة فاثنين منها لم يتم فحصها على الإطلاق، فى حين أن شركتين أخريين لم يتم فحص موقفهما منذ عام 2010، خامسة منذ 2011 بينما كان آخر فحص الشركة أخرى فى عام 2009، ونفس الأمر بالنسبة لإحدى الشركات التابعة التى توقف فحصها منذ عام 2002.

وعلق الدكتور مصطفى عبد القادر على هذه الحالة: بأنها تأكيد على أن غرض الشركة الرئيسى هو تجنب سداد الضرائب، خاصة وأن عدد الشركات التابعة لها التى تعمل فى المناطق الحرة كبير، 10 شركات، مما يفتح الباب لعمليات نقل الأرباح من الشركات العاملة بنظام الاستثمار الداخلى إلى المناطق الحرة عن طريق المعاملات بين جميع شركاتها.

ويتفق رئيسا مصلحة الضرائب السابقين الدكتور مصطفى عبد القادر وأشرف العربى، على أن ما كشفته هذه الميزانيات يعكس أن المناطق الحرة حادت عن مسارها الطبيعى وتحولت لملاذات ضريبية.

هل حققت أهدافها الثلاثة من جذب الاستثمار الأجنبى وتشغيل العمالة والتصدير للخارج؟


موافقة الدولة على منح المناطق الحرة إعفاءات ضريبية وجمركية كان له ثلاثة أهداف رئيسية، وهى زيادة الاستثمار الأجنبى وزيادة تشغيل الأيدى العاملة، بالإضافة إلى الهدف الأكثر أهمية وهو التصدير إلى الخارج لجلب مزيد من العملة الصعبة إلى مصر.

الاستثمار الأجنبى ينسحب من المناطق الحرة


بالنسبة للهدف الأول و هو زيادة الاستثمار الأجنبى فقد تبين بعد تحليل بيانات كل من الهيئة العامة للاستثمار، ودراسة أعدها البنك الأهلى، ودراسة بحثية أجاها الدكتور فرج عبد العزيز بجامعة عين شمس عام 2007، أن هناك تراجعا وانسحابا للاستثمار الأجنبى من المناطق الحرة، فى مقابل زيادة استثمار رجال الأعمال المصريين على مدى العشرين عاما الماضية، لتصل نسبة الاستثمار المصرى إلى 82% من رؤوس الأموال المستثمرة بالمناطق الحرة عام 2015 بقيمة 9 مليارات دولار، مقابل 18% فقط استثمار أجنبى وعربى قيمته 2 مليار دولار فقط، مما يؤكد عدم جاذبية المناطق الحرة المصرية للاستثمار الأجنبى.

المناطق الحرة تفشل فى جذب العمالة


التشغيل الكثيف للعمالة فى المناطق الحرة هو الهدف الأهم اجتماعيا، ووفقا لبيانات هيئة الاستثمار فإن عدد العمالة فى شركات المناطق الحرة وصل لـ167 ألف عامل عام 2015، وهو ما لا يتعدى 0.7% من نسبة عدد المشتغلين فى مصر الذين بلغ عددهم 24.8 مليون شخص طبقا لبحث القوى العاملة الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عن نفس العام، وهى نسبة ضئيلة مقارنة بمناطق حرة فى دول أخرى، ففى ماليزيا بلغت نسبة تشغيلهم 4% من إجمالى عدد المشتغلين هناك و10% فى جمهورية الدومينيكان.

وتقدر الدكتورة عالية المهدى، العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، نسب التشغيل فى المناطق الحرة بأنها لا يجب أن تقل عن 1% من المشتغلين بأى حال، وقالت: «لم نستفد من المناطق الحرة فى عمل قيمة مضافة للصناعة وفائض تصديرى وجلب عملة صعبة ولا تشغيل عمالة بالصورة المطلوبة».

لكن رئيس قطاع المناطق الحرة بهيئة الاستثمار اللواء حسام حداد برر انخفاض حجم العمالة بالمناطق الحرة التى وصلت لـ180 ألف عامل حسب تصريحاته، بأن العمالة المصرية هى من تحجم عن العمل بالمناطق الحرة لتفضيلهم الوظائف الحكومية وعزوفهم عن الحرفية، مؤكدا أن المناطق الحرة تستوعب أكثر من ذلك بكثير ودائما تطلب مزيدا من العمالة.

الصادرات تتجه للسوق المحلى بدلا من الخارج


يكشف تحليل محررة «اليوم السابع» للأرقام الرسمية التى حصلنا عليها من كل من هيئة الاستثمار والبنك المركزى، فشل المناطق الحرة فى تحقيق هدفها الاستراتيجى وهو زيادة الصادرات الخارجية وتقليل الواردات، بما يخفض عجز الميزان التجارى لمصر ويدعم ميزان المدفوعات.

فعلى مدى 10 سنوات مالية اعتبارا من سنة 2006/2007 وحتى السنة الماضية 2015/2016، حققت تعاملات المناطق الحرة مع الخارج عجزا سنويا بمتوسط 1.2 مليار دولار، وهو ما كشفه تحليل لبيانات هيئة الاستثمار، وهو ما يتعارض تماما مع الهدف الذى أنشئت من أجله، حيث لم تحقق هذه التعاملات مع العالم الخارجى أى فائض فى كل السنوات العشر محل التحليل باستثناء السنة المالية 2013/2014 التى حققت فائضا ماليا ضئيلا قيمته 167 مليون دولار فقط، بينما شهدت السنة المالية الفائتة 2015/2016 أعلى معدلات العجز التجارى مع الخارج بواقع 1.5 مليار دولار.

قراءة هذه البيانات وتحليلها يشير إلى واقع مؤلم، وهو أن المناطق الحرة فتحت الباب على مصراعيه لسيل من الواردات الخارجية، ولم يقابلها صادرات خارجية تدعم الاقتصاد المصرى الذى يئن تحت وطأة أزمة نقص العملة الصعبة.

وبتحليل أكثر عمقا لتعاملات المناطق الحرة مع العالم الخارجى خلال 20 عاما، بداية من السنة المالية 1997/1998 وحتى السنة الماضية 2015/2016، تؤكد النتائج أن الفشل فى زيادة معدلات التصدير الخارجى وتقليل الواردات لازم عمل المناطق الحرة فى مصر على مدى العقدين الماضيين، حيث حققت عجزا إجماليا خلال تلك الفترة قيمته 18.6 مليار دولار جراء زيادة فاتورة الواردات الخارجية على حساب الصادرات.

الدكتورة أمنية حلمى، أستاذ الاقتصاد ورئيس مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أعربت عن دهشتها الشديدة من هذه الأرقام، قائلة: «الهدف من المناطق الحرة هو جذب عملات أجنبية، فإذا كانت المعاملات الأجنبية تسجل عجزا فى المناطق الحرة فهذا يعنى نزوحها منها وعدم تحقيق فائض مع العالم الخارجى الأمر الذى يشير إلى تردى أداء هذه المناطق».

كما كشف تحليل بيانات هيئة الاستثمار عن اعتماد المناطق الحرة فى تحقيق أرباحها على بيع منتجاتها بالسوق المحلى، حيث بلغت نسبة التصدير المحلى فى أعلى نسبة خلال العشر سنوات الماضية أكثر من 64% عام 2011/2012، وفى المقابل اعتمدت الشركات العاملة بهذا النظام على الاستيراد الخارجى للخامات والمعدات التى وصلت نسبة وارداتها حوالى 76% عام 2008/2009، وهى نسبة كبيرة جدا قياسا إلى رغبة الحكومة فى تعميق الصناعة الوطنية التى يجب أن تعتمد عليها المناطق الحرة بصورة أكبر فى توفير الخامات اللازمة للصناعة.

والجدير بالذكر أن المناطق الحرة تسدد الضريبة الجمركية على المكونات المستوردة عند بيع السلع محليا هذا فى حالة دخولها بالطرق المشروعة، وتقوم بعض الشركات بعمليات تهريب الخامات المستوردة والبضائع إلى السوق المحلى وفى حالة ضبط مثل هذه الوقائع تعد تهريبا جمركيا، وهو ما سيأتى ذكره بمزيد من التفاصيل.

قانون الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 لا يشترط تحديد نسب محددة لصادرات المناطق الحرة خارجيا، وهو ما أكده اللواء حسام حداد، رئيس قطاع المناطق الحرة بالهيئة العامة للاستثمار، فى مقابلة أجراها معه «برلمانى»، موضحا أنه يتم تحديد نسبة تصدير كل مشروع على حدة بقرار من هيئة الاستثمار.

وتعلق الدكتورة أمنية حلمى على كلامه قائلة: «عدم وجود نسب محددة للتصدير الخارجى تفتح بابا واسعا للأهواء باعتبارها سلطة تقديرية.. وهو ما قد يفتح الباب للفساد».

ويشير تحليل المحرر لبيانات الهيئة إلى أن القيمة المضافة للمناطق الحرة من تغطية الصادرات للواردات، ضعيفة للغاية حيث لم يتخط متوسطها طوال العشر سنوات محل الدراسة نسبة 15%، وهو ما علقت عليه الدكتورة أمنية حلمى قائلة: «لا يجب أن تقل نسبة القيمة المضافة عن 85% وإلا كيف تدفع هذه الشركات الأجور والرواتب وباقى الالتزامات وكيف تربح؟».

وفى المقابل قال حسام الحداد، مسؤول هيئة الاستثمار: «المناطق الحرة تصدر وهذا الغرض الرئيسى من إنشائها.. الناس بتهاجمنا وبتقول إن المناطق الحرة بتدخل البضائع إلى البلد.. دا غير حقيقى»، مؤكدا أن منتجات المناطق الحرة لا تدخل إلى السوق المحلى للبلاد إلا فيما يتعلق بالسلع الاستراتيجية التى نحتاج إليها فى وقت الأزمات كما حدث بعد ثورة 25 يناير التى تسببت فى إغلاق العديد من الأسواق التصديرية بالخارج فى ظل توترات المنطقة العربية.

كيف يخسر الاقتصاد من عملها؟


ورغم انتباه وزارة المالية المعنية بتحصيل الإيرادات إلى وجود خلل فى المناطق الحرة، إلا أنها لم تقم بدراسة لأثر الإعفاءات الضريبية التى تحصل عليها المناطق الحرة، وما إذا كان الأثر الاقتصادى المتحقق من عملها يعادل حجم استغناء الدولة عن جزء من حصيلتها الضريبية أم لا؟

عمرو المنير، نائب وزير المالية للسياسات الضريبية يجيب لـ«برلمانى» عن هذا التساؤل: وجود مناطق تتمتع بالإعفاء الضريبى يعد نوعا من عدم وجود الشفافية الكاملة فى النظام الضريبى، خاصة فى حالة عدم وجود إجراءات للسيطرة والرقابة عليها سيؤدى إلى أن تصبح العيوب أكثر من المزايا المتحققة منها، لأنه يمكن نقل الأرباح من مناطق خاضعة للضريبة إلى مناطق معفاة منها.

وقال المنير: «لابد من التأكد أن المناطق الحرة تحقق أهدافها الحقيقية بالنمو وتشجيع التصدير الخارجى، مقابل الحصيلة الضريبية التى نفقدها».

بدورنا حاولنا الوصول إلى احتساب تقديرى لحجم الفاقد الضريبى بمساعدة أشرف العربى رئيس مصلحة الضرائب الأسبق وعضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، الذى اعتمد فى حسابه على حجم التكاليف الاستثمارية للمناطق الحرة التى بلغت قيمتها حوالى 24 مليار دولار تقريبا عام 2015 طبقا لبيانات هيئة الاستثمار، وضربها فى نسبة افتراضية لمتوسط العائد من نشاط هذه الشركات وهو 8% سنويا، وهو ما يعنى أن قيمة الربح المتوقع لها هو 1.9 مليار دولار، وبما أن نسبة ضرائب الدخل على الشركات فى مصر هى 22.5%، فإن حجم الفاقد الضريبى يصل إلى 432 مليون دولار العام الماضى فقط.

إذا طرحنا ما تحصل عليه هيئة الاستثمار كرسوم من المناطق الحرة وقيمتها 119 مليون دولار السنة المالية 2015/2016 من حجم الفاقد الضريبى الذى تم تقديره بـ432 مليون دولار، فإن معنى ذلك أن الاقتصاد المصرى فقد 313 مليون دولار، بسبب الإعفاءات الضريبية للمناطق الحرة العام الماضى، ومع إضافة الخسائر الناجمة عن العجز فى الميزان التجارى التى سبق الإشارة إليها وهى 1.5 مليار دولار لنفس السنة، نجد أن مصر خسرت حوالى 1.8 مليار دولار بسبب خلل نظام المناطق الحرة فى سنة واحدة فقط، وهو ما يعادل حوالى 16 مليار جنيها مصريا «باحتساب سعر الدولار عند متوسط العام الماضى 8.88 جنيه»، بخلاف الخسائر غير المنظورة المتعلقة بالتهريب التى لا يوجد أى حصر بحجمها أو خسائرها المتوقعة على الاقتصاد المصرى التى تتعلق بتسريب البضائع للسوق المحلى دون سداد الضريبة الجمركية.

Zarqaa-Free-Zone

كيف تحولت إلى بوابة للتهريب؟


على مدى سنوات طويلة يدور الجدل بين وزارة المالية المسؤولة عن تحصيل الإيرادات، ووزارة الاستثمار المعنية بإدارة ملف المناطق الحرة، حول عمليات التهريب التى تقع فى هذه المناطق، «المالية» تؤكد أن المناطق الحرة وتحديدا الخاصة هى بوابة للتهريب تستغل الإعفاءات الضريبية والجمركية لإدخال بضائع مهربة للسوق تضر بالمنافسة العادلة، فى حين كانت «الاستثمار» تؤكد دوما أن المناطق الحرة أحد أهم دعائم الاقتصاد المصرى.

ومن جانبه أكد الدكتور مجدى عبد العزيز، رئيس مصلحة الجمارك، أن المناطق الحرة الخاصة «ضد مصلحة البلد»، قائلا: «التجربة أثبتت أنهم غير جادين ويستغلون الأمر فى عمليات التهريب ويصعب الرقابة عليهم»، وتابع: «مفيش دولة فى العالم عندها توسع فى المناطق الحرة الخاصة بالشكل ده زى مصر.. دى ظاهرة لازم يعاد النظر فيها».

اللافت أن مصلحة الجمارك ليس لديها إحصائيات إجمالية محددة حول عدد قضايا التهريب بالمناطق الحرة، وهو ما عزاه سامى جاد، مدير عام التحريات والضبط بالإدارة المركزية لمكافحة التهريب الجمركى بمصلحة الجمارك، إلى أن قاعدة البيانات بالمصلحة حديثة نسبيا، ولا يوجد قاعدة بيانات دقيقة بحالات التهريب بالمناطق الحرة.

ولكن إحصائية كشفها إبراهيم عرفان، مدير عام المناطق الحرة الخاصة بجمارك القاهرة، تبين أن عدد الدعاوى القضائية بالمخالفات المرفوعة ضد المناطق الحرة الخاصة التابعة لمنطقة جمارك القاهرة فقط تصل الآن إلى 260 قضية مدنى وجنائى بمستحقات 570 مليونا و265 ألف جنيه لم تسدد للمصلحة، وتتنوع ما بين قضايا تهريب ومخالفات العجز أو الزيادة فى الجرد.

وهذه الإحصائية جديرة بلفت الانتباه إذا ما عرفنا أن عدد شركات المناطق الحرة الخاصة التابعة لجمارك القاهرة وحدها 120 شركة، ويعمل منها حوالى 70 شركة على أرض الواقع، حسب تصريح عرفان.

وحصلت «برلمانى» على وثائق أخرى تضم عددا من شركات المناطق الحرة الخاصة التى وجهت لها مصلحة الجمارك تهمة التهريب، وأكد عرفان أن بعض هذه المناطق كانت عبارة عن شقق مفروشة فى مناطق سكنية خاصة بمنطقة شبرا الخيمة التابعة لمحافظة القليوبية التى تشتهر بصناعة الملابس، وتم إغلاق حوالى 18 -20 شركة فى أوائل الألفية نهائيا.

وكشفت الوثائق استحداث أساليب جديدة لعمليات التهريب الجمركى، تحديدا فى المناطق الحرة الخاصة التى تزاول نشاطها حتى الآن، ومن بين أحدث الوسائل قيام مناطق حرة خاصة بتأسيس شركات تعمل بنظام الاستثمار الداخلى الخاضع للضرائب مملوكة لنفس المستثمر وأسرته، وملاصقة لمصنعه فى المنطقة الحرة، وفيها يتم فتح جزء من السور الفاصل بين المصنعين لتهريب البضائع المفرج عنها بدون جمارك فى المنطقة الحرة، إلى الشركة المجاورة الخاضعة للضرائب والجمارك، لكى يتم تسريبها للسوق المحلى، وهو وضع مخالف لاشتراطات تأسيس المناطق الحرة الخاصة التى أصدرتها هيئة الاستثمار عام 2008، التى نصت على ضرورة الفصل المكانى والمالى التام بين أنشطة مشروع المناطق الحرة، وأى أنشطة أخرى يزاولها مشروع المستثمر.

طبقا للوثائق توجد أيضا العديد من الحالات بهذا الوضع منها منطقة حرة خاصة شهيرة فى شبرا الخيمة متخصصة فى صناعة الملابس الجاهزة، ومنطقة حرة خاصة شهيرة أيضا تعمل بتصنيع الملابس الجاهزة فى مدينة 6 أكتوبر.

كل من الشركتين ظهرتا فى قائمة المخالفات الجمركية جراء عمليات العجز المتكرر فى الجرد، حيث وجهت الجمارك للأولى 6 مخالفات إحداهما تهريب والباقى عجز فى الجرد، ووجهت للثانية 4 مخالفات عجز فى الجرد، خلال الفترة من 2009 حتى 2013 بواقع مخالفة سنويا.

ورغم ما يكشفه العجز بعد جرد الشركات من عمليات التهريب، إلا أن هذه المخالفة لا تعد تهمة تهريب جمركى، لأنه بموجب فتوى صادرة من مجلس الدولة تعتبر مخالفة يستحق عنها سداد 25% من الرسوم الجمركية المعرضة للضياع، وهى عقوبة هزيلة جدا، ولكن تكرارها يكشف حقيقة عمليات التسريب التى تقوم بها الشركات للسوق المحلى دون أن تعاقب بتهمة التهريب حسب تصريحات مجدى محيى، رئيس جمارك القاهرة.

لم ينكر اللواء حسام حداد، رئيس قطاع المناطق الحرة بهيئة الاستثمار وجود هذه الحالات المخالفة وعلم هيئة الاستثمار بها، مؤكدا أن هذه الشركات مؤسسة منذ الثمانينات قبل وضع الاشتراطات الخاصة بالفصل المكانى بينهما، مشددا أن الهيئة أجبرت جميع هذه المصانع على تركيب فاصل بين السورين وتركيب كاميرات مراقبة وتكثيف الجرد المفاجئ.

«التصدير الوهمى» و«التشغيل لدى الغير» أساليب للتهريب بالمناطق الحرة


يتخذ التهريب فى المناطق الحرة أشكالا مختلفة بخلاف تسريب البضائع للسوق المحلى بالصورة السابق شرحها، فهناك ما يسمى بـ«التصدير الوهمى»، حيث تنهى الشركة إجراءات التصدير ورقيا ولا تصدر الحاوية فعليا، وهو ما يؤكده سامى جاد، مدير عام التحريات والضبط بالإدارة المركزية لمكافحة التهريب الجمركى بالجمارك، قائلا: «كل إجراءات التصدير تتم داخل المنطقة الحرة، إلا أن بعض الشركات تقوم بهذه الإجراءات على الورق، بمساعدة موظفين سواء من الجمارك أو هيئة الاستثمار»، وتابع: «أحيانا يصطنع صاحب الشأن توقيعات ويقدمها للجمارك على أنه قام بالتصدير، رغم عدم حدوث ذلك».

فى بعض الحالات أيضا تقوم الشركات بتعبئة الحاوية من الداخل بالـ«طوب»، وإحاطتها من الخارج بكمية من البضاعة المثبتة فى الأوراق كالملابس مثلا، حتى لا يمكن كشفها عند الفحص الظاهرى بجمارك الميناء، فى حين أن البضاعة الحقيقية تم تسريبها للسوق المحلى دون سداد الجمارك المستحقة عنها، بل وتحصل الشركة على دعم صادرات من الدولة، وفقا لتصريحات سامى جاد.

وهناك طريقة أخرى تستغلها شركات المناطق الحرة فى التهريب وهى «التشغيل لدى الغير»، حيث يوضح جاد أن القانون يسمح لشركات المناطق الحرة بإخراج المواد الخام أو بضاعة نصف مصنعة إلى مصنع آخر داخل المنطقة أو خارجها لإجراء عمليات تصنيعية وسيطة عليها، أو فى حالة عدم كفاية الطاقة الإنتاجية لمصنع المنطقة الحرة، من خلال شهادة إذن إفراج من المنطقة الحرة، ولكن أحيانا تقوم بعض الشركات بعمل ما يسمى «قيد» يسهل تسويته دون الرجوع للجمارك، عن طريق التعاون بين الشركة ومندوب هيئة الاستثمار، ووقتها لا تعود البضاعة للمنطقة الحرة مرة أخرى ويتم تسريبها للسوق المحلى.

الحل للقضاء على هذه الظاهرة كما يراه مسؤولو الجمرك هو تشديد العقوبات على وقائع العجز فى الجرد واعتبارها تهريبا جمركيا، وإجراء إصلاحات تشريعية تتضمن توسيع الرقابة الجمركية على عمل المناطق الحرة، والإسراع بربط شبكة معلومات الجمارك مع الهيئة العامة للاستثمار لإحكام الرقابة والسيطرة على عمليات الصادر والوارد لشركات المناطق الحرة.

مستثمر بالمناطق الحرة: وفرنا على الدولة الدولار اللازم للاستيراد.. وهذا بمثابة تصدير


ويرى المهندس نديم إلياس، رئيس مجلس إدارة شركة صحارى للطباعة والنشر بالمنطقة الحرة العامة بمدينة نصر، أن المستثمر فى المنطقة الحرة هو المستفيد الأول من التصدير، وأن توجيه جزء من الإنتاج للسوق المحلى هو الخيار المتاح بالنسبة له، فى ظل اشتداد المنافسة العالمية وظروف السوق بالخارج.

وعن تحديد نسبة للتصدير الخارجى يقول: «التصدير مش ذرار بندوسه.. أنا مش جاى هنا علشان الضرائب.. أنا جاى أشتغل أنتج وأصدر.. لكن لا يمكننى تحديد نسبة للتصدير».

وأكد إلياس، أن هدفه من دخول المنطقة الحرة عام 1995 كان جذب الصحف المصرية التى تطبع فى الخارج بتراخيص أجنبية، مشيرا إلى أن هذا الإجراء وفر على الدولة ملايين الدولارات التى تنفق فى الخارج لطباعة هذه الصحف، كما أنها سهلت الرقابة الأمنية عليها. وتساءل: «هو ده مش تصدير؟ ده زى التصدير».

وعلق نديم على نتائج التحقيق قائلا: «إذا كان هذا يحدث فى المناطق الحرة فهو يحدث فى الاستثمار الداخلى أيضا».

المعلومات التى كشف عنها هذا التحقيق نضعها أمام الحكومة ممثلة فى وزارتى الاستثمار والمالية وأمام مجلس النواب لوضعها فى الاعتبار قبل الموافقة النهائية على قانون الاستثمار الجديد، لأن الخسائر التى يتعرض لها الاقتصاد المصرى ليست قاصرا على إلغاء مناطق حرة جديدة وإنما هو متعلق بالمناطق الحرة القائمة بالفعل، فلابد من ربط الإعفاءات الجمركية والضريبية لها بمدى تحقيقها لأهدافها المطلوبة وعلى رأسها زيادة الصادرات الخارجية، وكيفية إحكام الرقابة عليها بالتنسيق بين الجهات المختلفة للقضاء على ثغرات التهريب والتجنب الضريبى وتتبع حركة دخول وخروج الأموال، وإجراء تعديل تشريعى يحكم السيطرة على عائدات رسوم المناطق الحرة وكيفية إنفاقها بما يخدم الاقتصاد القومى، خاصة و أن الكثير منها لا يزال أمامه عشرات السنوات حتى تنتهى تراخيص عمله، الأمر الذى يهدد باستمرار نزيف الاقتصاد المصرى.

جلسة-البرلمان

الأكثر قراءة



print