تغير المناخ
في ظل تصاعد التحديات البيئية عالميًا، وتنامي الحاجة إلى سياسات مناخية فعالة، أحرزت مصر تقدمًا لافتًا في عدد من مؤشرات الأداء البيئي خلال عام 2024، حيث جاء هذا التقدم في إطار التزامها بالتنمية المستدامة والتوجه نحو الاقتصاد الأخضر، وثمرة لاستثمارات متزايدة وجهود مؤسسية مستمرة تستهدف تعزيز الاستدامة، وتقليل المخاطر الناتجة عن التغيرات المناخية، ودعم البنية التحتية البيئية.
وفى هذا الإطار، كشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، في تقرير حديث صادر عنه بشأن إحصاءات البيئة، مجموعة من المؤشرات المهمة على صعيد الأداء البيئي والتغيرات المناخية وجهود الدولة لحماية الموارد الطبيعية، ووفقًا لهذا التقرير، احتلت مصر المرتبة 22 من بين 67 دولة تضمنها مؤشر أداء تغير المناخ لعام 2024، وهي مرتبة تعكس تحسنًا نسبيًا في التزامات الدولة البيئية مقارنة بمؤشرات سابقة، رغم ما تواجهه من تحديات تنموية ومناخية متزايدة.
في المقابل، أشار التقرير إلى أن مصر جاءت في المرتبة 101 ضمن 180 دولة في مؤشر الأداء البيئي، ما يعكس وجود مجالات لا تزال تحتاج إلى تعزيز الكفاءة البيئية والإدارة المستدامة للموارد، لا سيما في ظل تأثيرات تغير المناخ المتسارعة.
وبينما تُبذل جهود كبيرة في تقليل البصمة الكربونية، إلا أن كمية انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في مصر ارتفعت بنسبة 12% عام 2022 مقارنة بعام 2019، وذلك حسب تقرير الشفافية الأول لمصر (EG-BTR1) الصادر عن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، والذي شارك الجهاز في إعداده.
وفيما يخص المناخ المحلي، سجّلت محطة رصد أسوان أعلى متوسط شهري لدرجة الحرارة العظمى خلال عام 2023 عند 43.9 درجة مئوية في أغسطس، بينما كانت درجة الحرارة الصغرى الأعلى 30.1 درجة مئوية في شرم الشيخ. كما سُجل أعلى متوسط للرطوبة النسبية بمحطة رصد بورسعيد عند 77% خلال مايو.
أما على مستوى الأنظمة الإيكولوجية الساحلية، فقد بلغت نسبة مساحة المحميات البحرية والساحلية 7.3% من إجمالي المساحة عام 2023، في إطار جهود مصر للحفاظ على التنوع البيولوجي ومواجهة الآثار البيئية للأنشطة الساحلية.
كما شهدت الدولة تحسنًا ملموسًا في إدارة الكوارث الطبيعية، حيث انخفضت قيمة الخسائر الاقتصادية الناتجة عن السيول والأمطار الغزيرة بنسبة 56.5% في عام 2023 مقارنة بعام 2020، ما يعكس فاعلية خطط التكيف والبنية التحتية الحديثة في التخفيف من آثار التغيرات المناخية.
ومن أبرز المؤشرات الإيجابية التي أوردها التقرير، وصول نسبة السكان المستفيدين من خدمات مياه الشرب الأساسية إلى 99% في عام 2022، متفوقة على المتوسط العالمي البالغ 73%، بينما بلغت نسبة المستفيدين من خدمات الصرف الصحي 67.2%.
وعلى صعيد السياسات المالية، كشف التقرير عن ارتفاع كبير في إجمالي الإنفاق الحكومي على حماية البيئة بنسبة 109% خلال عام 2022/2023 مقارنة بعام 2018/2019، ما يعكس التوجه الرسمي نحو تعزيز الاستثمارات البيئية وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على الموارد الطبيعية.
وفى النهاية، يعكس هذا الأداء البيئي المتنوع لمصر خلال السنوات الأخيرة، حالة من التقدم المتدرج في بعض المؤشرات المناخية والبيئية المهمة، إلى جانب استمرار التحديات في مجالات أخرى، وهو ما يستدعي مواصلة العمل على تفعيل الاستراتيجيات الوطنية للتغير المناخي، وتعزيز قدرات الرصد والتكيف، وزيادة وعي المجتمع بالقضايا البيئية، بما يضمن مستقبلًا أكثر استدامة للأجيال القادمة.
