في أجواء روحانية يغمرها السكون والخشوع، بدأ حجاج بيت الله الحرام التصعيد إلى مشعر عرفات، استعدادًا للوقوف بعرفة غدًا الخميس، وهو الركن الأعظم في فريضة الحج. وسط هذه الأجواء المهيبة، تبذل بعثة حج القرعة المصرية جهودًا كبيرة لضمان راحة وسلامة ضيوف الرحمن، من خلال ترتيبات تنظيمية دقيقة وتقنيات متطورة يتم تطبيقها هذا العام.
وأكد مساعد وزير الداخلية للشؤون الإدارية ورئيس بعثة الحج، أن عمليات التصعيد إلى عرفات تتم عبر أتوبيسات مكيفة وحديثة، تم تخصيصها بشكل مسبق، مع إخطار كل حاج برقم الحافلة والمخيم المخصص له، بما يضمن انسيابية الحركة وتفادي الزحام.
وأشار إلى أن البعثة تعتمد على أحدث التقنيات في تنظيم عملية التسكين داخل المخيمات، التي تم تجهيزها بالكامل لتكون على أعلى مستوى من الراحة والأمان، وتقع في أماكن متميزة قريبة من مسجد نمرة، ما ييسر على الحجاج أداء صلاتي الظهر والعصر جمعًا وقصرًا في المسجد قبل بدء الوقوف بعرفة.
وحرصت البعثة على توفير عيادات طبية داخل المخيمات، إلى جانب مظلات واقية من الشمس، ومناطق انتظار مناسبة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
كما تم توفير وجبات جافة ومياه وعصائر للحجاج، للتغلب على درجات الحرارة المرتفعة، التي من المتوقع أن تشهد ذروتها يوم الوقفة.
من جهته، وجّه الدكتور محمد مصطفى، رئيس البعثة الطبية، مجموعة من النصائح الصحية المهمة للحجاج، أبرزها الإكثار من شرب السوائل وتفادي التعرض المباشر لأشعة الشمس، خصوصًا في الساعات التي تشتد فيها الحرارة، مشددًا على أهمية التزام الحجاج بالإجراءات الوقائية داخل المخيمات.
أما الشيخ شريف إبراهيم، رئيس البعثة الدينية، فأكد أن علماء الأوقاف يرافقون الحجاج داخل مشعر عرفات لتقديم التوعية الدينية، وشرح مناسك الحج والإجابة عن الاستفسارات، وذلك في إطار توجيه روحي شامل، يراعي تنوع الخلفيات الثقافية والتعليمية لضيوف الرحمن.
وفي سياق التنظيم العام لموسم الحج، شدد وزير الحج والعمرة السعودي الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، خلال كلمته في ندوة الحج الكبرى بمدينة جدة، على ضرورة التزام بعثات الحج الرسمية بجميع التعليمات المتعلقة بتنظيم الحركة داخل المشاعر المقدسة، حفاظًا على سلامة الحجاج وضمانًا لأداء مناسكهم بيسر وجودة عالية.
وأشار الوزير إلى أن ارتفاع درجات الحرارة المتوقعة في يوم عرفة يفرض إجراءات استثنائية، من أبرزها بقاء الحجاج داخل المخيمات من الساعة العاشرة صباحًا وحتى الرابعة عصرًا، لتفادي الإجهاد الحراري وضربات الشمس. كما حذّر من الحركة الجماعية العشوائية، التي تمثل خطرًا مباشرًا على سلامة الحشود وتؤثر على انسيابية التنقل بين المشاعر.
وأكد الدكتور الربيعة ضرورة الاعتماد الكامل على وسائل النقل الرسمية عند الانتقال من عرفات إلى مزدلفة، مشيرًا إلى أن مغادرة عرفات سيرًا على الأقدام أمر ممنوع تنظيمًا وأمنيًا، ويعرض المخالفين للمساءلة، لما يشكّله من عبء على المنظومة اللوجستية وخطر على سلامة الأفراد.
كما أشار إلى أهمية بطاقة "نسك"، باعتبارها أداة محورية في تنظيم الحج، حيث تُستخدم للتحقق من تصاريح الحجاج، وتمكينهم من الوصول إلى الحرم والمشاعر المقدسة والاستفادة من خدمات النقل والتفويج. وأكد أن عدم حمل البطاقة يمنع الحاج من الاستفادة من هذه الخدمات، ويعد مخالفة للتعليمات الرسمية.
وأوضح الوزير أن هذا الموسم سيشهد رقابة صارمة للتأكد من أن كل حاج يحمل تصريحًا نظاميًا، بما يعزز من مستوى التنظيم ويضمن سلامة وأمن الحجيج، موضحًا أن المملكة تتبنى رؤية شاملة لتقديم تجربة إيمانية متميزة تليق بمكانة الركن الخامس من أركان الإسلام.
وفي إطار هذا الحرص، وضعت بعثة حج القرعة خطة متكاملة لمتابعة الحجاج في كل مرحلة من مراحل التنقل، عبر غرفة عمليات مركزية تعمل على مدار الساعة، وتستخدم الأنظمة الرقمية الحديثة لرصد التحركات وتقديم الدعم الفوري.
كما تم تخصيص فرق متخصصة لمساعدة الحالات الإنسانية، وتقديم الرعاية الصحية الميدانية، بالتعاون مع الأطباء المرافقين للبعثة. وتمتد هذه الجهود إلى مشعر منى، حيث تم تجهيز مخيمات متكاملة مشابهة لما هو موجود في عرفات، في إطار خطة متكاملة توفر بيئة آمنة ومريحة للحجاج طوال فترة أداء الشعائر.