لازالت ردود الأفعال وحالة الشد والجذب مستمرة عبر "السوشيال ميديا" بسبب التصريحات المتلفزة حول "أجر الزوجة مقابل إرضاع الصغير"، وأن القرآن الكريم لم يجبر السيدات على إرضاع أولادهن، ومنذ تداول ذلك الفيديو وأصبحت "السوشيال ميديا" ساحة مبارزة ما بين مؤيد ومعارض، حتى خرج الدكتور عباس شومان المشرف على الفتوى بالأزهر الشريف، ليؤكد إن الزوجة لا تستحق أجرة على الرضاعة، وإنما تستحق المطلقة فقط، فالأمر بالرضاع يكون للأم لأنها أكثر شفقة، وأكثر حبا لما باشرته من الولادة .
فقد حرص الإسلام علي حماية حقوق الأطفال، ومن هذه الحقوق حق الرضاعة ، فقد أجرى الله سبحانه وتعالى اللبن في صدر الأم جامعا لكل العناصر الغذائية التي يحتاجها الطفل منذ ولادته، فقد أكد الأطباء وخبراء الصحة والتغذية أن هذا اللبن النازل من ثدي الأم، يعتبر تحصين للطفل ضد العدوي ،كما أنه يساعد علي نمو الجهاز العصبي، أي انه يعطي المناعة للطفل وهذا لا يكون الا من الأم، ويؤكد ذلك في قصة أم موسي قال تعالي: "وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنْ أَرْضِعِيهِ"، فألهم الله عزوجل أم موسي حين ولدته وخشيت عليه أن يذبحه فرعون أن ترضعه مطمئنة.
هل عاقب القانون الأم حال تركها الإبن الرضيع يموت جوعا؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية من الناحية القانونية وليست من الناحية الشرعية أو الإنسانية والإجتماعية، تتمثل في الإجابة على السؤال.. هل هناك عقوبة تواجه الأم حال تركها ابنها الرضيع يبكى من الجوع حتى وفاته؟ وهى الجريمة التي تحدث حال حاولت الأم التخلص من رضيعها لأسباب تخصها دون غيرها، حيث تصنف هذه الجريمة ضمن جرائم "القتل بالامتناع" أو "الترك"، أو كما يطلق عليها من قبل بعض الفقهاء القتل بطريق سلبى أو بأسلوب سلبى هو أحد نتاجات تطور المجتمع، وفى الحقيقة هناك حقائق روحية وأخلاقية أشد تأثيراَ فى حياتنا من تلك الوقائع المادية – بحسب الخبير القانوني والمحامى محمد الصادق.
في البداية - القتل أو الإيذاء بالامتناع يوازى ما يقع منه بالفعل الإيجابى، فقتل الأم لوليدها خنقاَ قد يكون أرحم من منع الطعام عنه والشراب لمدة قد تطول حتى الموت، وقتل الممرضة لمريضها بالسم أو بالخنق أو بآلة حادة قد يكون أخف وطأة من منع الدواء عنه، والمتأمل فى هذه الأمثلة يجد أن النتيجة واحدة إلا أن إحداها تطول مدته فيزيد فيها العذاب والأخرى عكس ذلك، وفى جريمة القتل بالامتناع، من تضارب الآراء فى إمكانية تجريم الفعل السلبى إذ يذهب جانب من الفقه إلى عدم الإقرار بوجود جريمة القتل بالامتناع، وفى الفترة الأخيرة تزايدت عدد جرائم الامتناع وإفلات عدد كبير من المجرمين من العقاب بسبب قلة اهتمام المشرع بذلك مقارنة بالجرائم الإيجابية، مع عدم وجود نص صريح فى القوانين بشأن علاقة السببية بين الامتناع والنتيجة الإجرامية – وفقا لـ"الصادق".
المشرع وضع لها مسمى جريمة "القتل بالإمتناع أو الترك"
الأصل فى القتل أن يقع بفعل إيجابى وقد ثار السؤال هل يقع بالامتناع مثل الأم التى تمتنع متعمدة عن إرضاع صغيرها حتى يموت، والممرضة التى لا تعطى متعمدة الدواء للمريض حتى يموت، أو رجل الإطفاء الذى يمتنع عن إنقاذ عدوه الذى حاصرته النيران بقصد قتله، حيث ذهب الرأى الراجح من الفقه الجنائى إلى أنه يقع القتل بالامتناع مثل القتل بفعل إجابى إذا كان الجانى قد أخل بالتزامات قانونية أو تعاقدية بالتدخل لإنقاذ حياة المجنى عليه من الموت – الكلام لـ"الصادق".
ويترتب على ذلك أن الأم التى تمتنع عن إرضاع طفلها أو عن قطع حبله السرى بقصد قتله تسأل عن قتله عمد، كما يسأل عن القتل العمد كذلك من يعهد إليه برعاية مريض عاجز عن الحركة، فامتنع عمدا عن تقديم الطعام والدواء له فمات، ومعلم السباحة الذى امتنع عمدا عن إنقاذ تلميذه فغرق فى مثل هذه الحالات وغيرها نكون إزاء اعتداء على حق الإنسان، أو بالأحرى المجنى عليه فى الحياة، فيسأل الممتنع عن جريمة القتل العمد، طالما توافر لديه قصد القتل، أى إرادة إزهاق روح المجنى عليه، فإذا انتفى القصد من مسلكه فإنه يعد قاتلا بإهمال.
والأشهر ترك الممرضة المريض عند الإغاثة
وعندما لا يكون على الممتنع التزام قانونى أو تعاقدى بالتدخل لإنقاذ حياة المجنى عليه فإنه لا يسأل عن القتل العمد، حتى لو توافر لديه القصد الجنائى، كما لا يسأل كذلك عن القتل مع الإهمال، وعلى ذلك لا يعد قاتلا من يرى ضريرا يسير بالقرب من حفرة فلا يحذره وترتب على ذلك أن سقط فيها ومات، كما لا يعد قاتلا كذلك من يرى شخصا يشرف على الغرق، أو إنسانا تحيط به أو حاصرته النيران ولا يتقدم لإنقاذه، إذ أن القانون لا يفرض على الناس الشجاعة ولا التضحية، خصوصا إذا اقترنت بقدر من المخاطرة ولو يسير.
موقف القضاء المصرى من مسألة القتل بالترك أو الامتناع
أما فى خصوص موقف القضاء المصرى من مسألة القتل بالترك أو الامتناع، فإن الحالات التى عرضت عليه نادرة يصعب معها استنباط اتجاه قضائى عام فى خصوص هذه المسألة، من ذلك ما قضت به محكمة جنايات الزقازيق فى 9/2/1925 من براءة أم من تهمة القتل العمد كانت قد تركت وليدها يهلك بعد ولادته مباشرة، فهى – على حد قول المحكمة – لم ترتكب عملا إيجابيا يستفاد منه قصد القتل، بينما قرر قاضى الإحالة بمحكمة المنيا فى حادثة أم لم تربط الحبل السرى لوليدها حتى مات اعتبار الواقعة جنحة قتل خطأ لأنه رجح انتفاء القصد الجنائى لديها.
وفى إحدى القضايا ذهبت محكمة النقض المصرية إلى أن تعجيز شخص عن الحركة بضربه ضربا مبرحا وتركه فى مكان منعزل محروما من وسائل الحياة بنية القتل يعتبر قتلا عمدا متى كانت الوفاة نتيجة مباشرة لتلك الأفعال، ويرى الفقه الراجح لدينا أن هذا الحكم لا يعد سابقة مؤكدة تدل على اعتناق محكمة النقض الاتجاه السائد فى الفقه، فقد اختلطت أو تداخلت الأفعال والمواقف السلبية المسندة إلى المتهم مع أفعال إيجابية متعددة، وكلها كان لها دورها الواضح فى إحداث الوفاة، وهو ما يرفع عن الحكم دلالته على تجاه المحكمة.
محكمة النقض تتصدى للأزمة
ويشار إلى أن الامتناع عن الإغاثة يعبر عنها الامتناع عن إغاثة ملهوف فى كارثة أو جريمة، فإذا امتنع أو توانى الشخص بدون عذر من إغاثة ملهوف فى كارثة أو مجنى عليه فى جريمة، فإنه يقع تحت المسئولية الجنائية ويعاقب بالعقوبة المقررة لها، وشروط تحقق هذه الجريمة هى: وقوع كارثة أو حادثة تهدد حياة شخص أو صحته، وعدم تقديم الشخص المتهم العون بنفسه أو طلبها من الغير، مع قدرته على ذلك، وأخيراً أن يكون هذا الامتناع إراديا وعمداً.
الأصل فى القتل أن يقع بفعل إيجابى وقد ثار السؤال هل يقع بالامتناع مثل الأم التى تمتنع متعمدة عن إرضاع صغيرها حتى يموت والممرضة التى لا تعطى متعمدة الدواء للمريض حتى يموت أو رجل ألمطافى الذى يمتنع عن إنقاذ عدوة الذى حاصرته النيران بقصد قتله حيث ذهب الرأى الراجح من الفقه الجنائى ونحن معهم إلى أنه يقع القتل بالامتناع مثل القتل بفعل إيجابى إذا كان الجانى قد اخل بالتزامات قانونية أو تعاقدية بالتدخل لإنقاذ حياة المجنى عليه من الموت.
تركا طفلهما دون إطعام لمدة 9 أيام كاملة حتى مات جوعا
في غضون 27 أكتوبر 2020 - قررت نيابة مركز شرطة طوخ حبس كلا من "ع ح" 28 عاما عامل وزوجته "ا ش ع " 24 عاما ربة منزل 4 أيام على ذمة التحقيقات لتسببهما فى وفاة نجلهما الطفل "أنس" 4 أشهر بعدما تركاه دون رضاعة لمدة 9 أيام كاملة حتى مات جوعا، وذلك بعد أن كشفت التحقيقات أن الزوجين تركا طفلهما الرضيع 9 أيام وحيدا داخل الشقة دون إطعام حتى مات من الجوع، وأن الزوجين وصلت الخلافات بينهما لحد العناد، حيث أكدت الزوجة فى أقوالها أن زوجها دائم التعدى عليها بالضرب والتقليل مما تقوم به وكذلك الزوج الذى أكد أن زوجته دائمة الطلبات ودائمة الشكوى من العيشة معه.
ووصل العناد بينهما لدرجة دفعت الزوجة إلى ترك منزل الزوجية واصطحبت معها ابنها الأكبر "مروان"، مدعية أنها ستحضر بعض طلبات المنزل إلا أنها توجهت لمنزل أسرتها وتركت الرضيع لزوجها، إلا أن الزوج توجه هو الآخر لعمله الذى يمكث به لمدة أسبوع وتركا الطفل وحيدا بالمنزل لمدة تخطت الأسبوع دون طعام ليلقى ربه جوعا.