الخميس، 11 سبتمبر 2025 02:23 ص
صبرى الديب

صبرى الديب

ملحمة المقاومة الشعبية فى السويس ( 2 )

10/25/2015 8:12:50 PM
بعد الاشتباكات الرهيبة التى حققتها المقاومة الشعبية مع الساعات الأولى من يوم 24 أكتوبر التى سرت تفاصيلها طبقا لرواية قائد المقاومة الشعبية بالسويس الشيخ حافظ سلامة.. اشتدت المعارك والمواجهات طوال ذلك اليوم، وحاول كول أخر من القوات الإسرائيلية دخول المدينة، إلا أنه اصطدم بكمين كان بداخله الأبطال(أحمد أبو هاشم ـ وسيد حافظ ـ و إبراهيم محمد يوسف) حيث دارت معركة شرسة بين الطرفين، دمر أبطال المقاومة الشعبية خلالها 6 دبابات إسرائيلية.. وانتهت باستشهاد البطل(أحمد ابو هاشم).

وظلت المقاومة تؤدى دورها الجليل من كمين إلى كمين، إلا أن 7 دبابات إسرائيلية نجحت فى الدخول إلى منطقة الزيتيات، وحصار مسجد الشهداء ومبنى المحافظة، إلى أن تمكن ملازم أول بطل يدعى (صفوت) من التسلل وتصويب قذيفة من "أر بى جى" لم يكن به سوى طلقة واحدة، فدمر إحدى هذه الدبابات وفرت الدبابات الـ 6 الباقية وتم فك الحصار، إلا أنه عند عودة الملازم صفوت، رأته دبابة إسرائيلية فصوبت قذيفة كاملة فى اتجاهه فأسقطته شهيدا.. وهربت الدبابات إلى منطقة بورتوفيق، إلا أن رجال كتيبة الصاعقة الذين كانوا فى تلك المنطقة استطاعوا بث ألغام فى طريقهم فدمروا 4 دبابات وفرت دبابتان إلى خارج المدينة.

وهنا وجد الإسرائيليون أنفسهم فى حيرة، فقد انتهى اليوم الأول من مواجهاتهم مع شعب السويس وجثث قتلاهم تملأ الشوارع بالمئات، ونجحت المقاومة فى تدمير 18 دبابة و5 عربات مدرعة، إلى جانب وجود ما يزيد عن 40 جنديا ما زالوا محاصرين داخل قسم الأربعين، بعد أن تركوا دباباتهم وعرباتهم عقب تدمير (إبراهيم سليمان) صاحب أول طلقة للمقاومة الشعبية لـ دبابتين وعربة مصفحة.. ولذلك بدأوا مع حلول الظلام فى دك أجزاء كبيرة من المدينة.

فى الوقت الذى اشتبك فيه أبطال المقاومة مع الجنود الإسرائيليين المحاصرين فى قسم الأربعين، ودارت معركة شرشة بينهم امتدت ليلة 25 أكتوبر بالكامل، حاول خلالها صاحب أول طلقة فى ملحمة المقاومة الشعبية فى السويس البطل(إبراهيم سليمان) أن يقفز إليهم من السور الخلفى للقسم، مع كل من الأبطال (محمد يوسف وحافظ إبراهيم) إلا أنه على الرغم من نجاحهم فى قتل العديد من الجنود المحاصرين، لقوا شرف الشهادة فى تلك المعركة.. خاصة مع اشتداد الدك الجوى الإسرائيلى وأسقط علامات فسفورية مضيئة مكنت باقى الجنود الإسرائيليين من الخروج والهروب إلى خارج المدينة.

وما أن انتهت معارك ليلة 25 أكتوبر حتى بدأت المقاومة فى تدعيم الكمائن بمزيد من الأسلحة، وتم تكليف نقيب شرطة يدعى( حسن أسامة عسر) بالبحث عن أربجياهات فى المدينة، وبالفعل نجح فى جمع 13 أربيجيه تم توزيعهم على 13 كمينا.
و حاول اليهود دخول المدينة من محاور جديدة ، ظنا منهم أنها قد تكون خالية من المقاومة، إلا أنهم فوجئوا بمقاومة شديدة.. ورغم ضعف إمكانيات المقاومة كانوا يفاجئون أنه مع أول دبابة أو عربة يتم تدميرها تهرع باقى القوات الإسرائيلية هاربة، لدرجة أنه مع الساعة 8 من صباح ذلك اليوم كانت حصيلة المقاومة، تدمير 8 قطع ما بين دبابة وعربة مصفحة.

وظل الحال على ما هو عليه إلى أن نجحت القوات الإسرائيلية فى دخول شركة مصر للبترول.. حيث أبلغ (محمد عبد القادر) الذى كان يقوم بالمرابطة فى ذلك المكان للإبلاغ عن تحركات القوات الإسرائيلية، أنه لن يستطيع أن يظل فى مكانه، وأبلغ قائد المقاومة الشعبية أن القائد الإسرائيلى قام بالاتصال بـ(سعد الهاكع) مدير شركة السويس للبترول وأخبره أنهم قد جاءوا لاحتلال المدينة، وأن عليه أن يبحث عن المحافظة ليعلن استسلام المدينة ويسلمها للقوات الإسرائيلية حقنا للدماء، وانصرف محمد عبد القادر متسلسلا دون أن تعرف قيادة المقاومة باقى التفاصيل، التى شاء القدر أن يعلموا كامل تفاصيلها بعد دقائق من القائد العسكر للمدينة العميد(عادل اسلام).

فقد ارتعد(سعد الهاكع) من حديث القائد الإسرائيلى وظل يبحث عن المحافظ فى كل مكان بالمدينة إلى أن علم أنه موجد بمنزل(الحاج مصطفى) بحى الأربعين.

وبالفعل اصطحب الهاكع القائد الإسرائيلى إلى منزل الحاج مصطفى للقاء المحافظ.. ودون مقدمات قال القائد الإسرائيلى للمحافظ:(إننا جئنا لاحتلال المدينة، وإذا لم تسلمها إلينا خلال نصف ساعة من الآن فسوف نأمر الطيران بدكها وتكون أنت المسؤول).

فرد عليه المحافظ: أعطنى مهلة لاستشير القاهرة.

فرد القائد الإسرائيلى بحدة: لا القاهرة ولا تل أبيب.. موعدنا بعد نصف ساعة فى الاستاد الرياضى، فإذا لم تحضر ومعك الراية البيضاء فتحمل مسؤولية ما يحدث.

وبالفعل انصرف القائد الإسرائيلى تاركا المحافظ فى رعب وحيرة، فالمغامرة بالدخول فى مواجهة عسكرية بحجم القوات الموجودة فى المدينة، أمام كم الدبابات والقوات الإسرائيلية المدججة بالسلاح التى تحاصر المدينة، قد يؤدى إلى مأساة، وخاصة أن قواتهم قد نجحت بالفعل فى الدخول إلى خلف الاستاد الرياضى.

ونستكمل غدا الجزء الثالث من الملحمة البطولية لأبطال المقاومة الشعبية فى السويس التى بدأت فى مثل هذا اليوم من عام 1973.

print